القضاء على الشيخوخة بات قريباً

سامي خليفة

الجمعة 2018/12/07
على الرغم من أننا لا نستطيع أن نشرب من ينبوع الشباب الأسطوري، إلا أن التجارب العلمية الجديدة تحاول الوصول إلى هذا الهدف، الذي لطالما بحثت البشرية عنه. فالإنسان، في الفترة المقبلة، سيستطيع أن يعيش لفترة أطول من أي وقت مضى، وفق ما يفترض العلماء.


تجربة جديدة مذهلة
في تجربة وُصفت بالأكثر أهمية في السنوات الأخيرة، قام علماء الأحياء في جامعة ماكماستر الكندية باختبار تحوير جين أسموه DAF-Two، ينظم الإنسولين، على نوع من الديدان الدقيقة المجهرية المعروفة باسم C. elegan والتي يبلغ متوسط عمرها 14 يوم فقط.

النتيجة كانت صادمة للعلماء، حين وجدوا أن الديدان مع الجين المتحور كانت "تتصرف وكأنها أصغر سناً وتضاعف عمرها". ولم تقتصر تجربة العلماء على الديدان، إذ قاموا بتحوير الجين نفسه في ذباب الفاكهة، ليجدوا أن عمرها قد تضاعف تقريباً. وامتدت هذه التجربة الاستثنائية أيضاً إلى الفئران التي ازداد معدل حياتها بمقدار النصف. وقد بينت التجربة أن هذه "الكائنات الحية"، لم تعش فقط لفترة أطول وحسب، لكنها كانت أكثر مقاومة لأمراض مزمنة متعددة.

التجربة مفيدة للبشر
تساعد الديدان الدقيقة المجهرية، غير المرئية بالعين المجردة، العلماء، على فهم أفضل للمسار البيولوجي المعقد، الذي يربط الدهون بالصحة العامة، وبالشيخوخة لدى البشر. وقد توصل العلماء إلى أن الديدان الدقيقة المجهرية توفر نموذجاً مثالياً للأنظمة البشرية، فهي تصل إلى مرحلة النضج في أقل من 72 ساعة، وتعيش ما لا يزيد عن ثلاثة أسابيع في المجموع، ما يسمح للباحثين بالحصول على نتائج التلاعب التجريبي بسرعة نسبية.

كشفت النتائج عن تحكم وراثي جديد، في صيانة الدهون، واحتمالات التقدم بالعمر. ويعمل فريق علماء جامعة ماكماستر الكندية، حالياً، على فهم كيفية ارتباط الآلية الوراثية المكتشفة حديثاً بالدهون بعوامل الشيخوخة. لكن أهم ما يؤكدونه أن النتائج ستكون كبيرة وستُذهل العالم.

إصلاح الحمض النووي
سبق تجربة الديدان الدقيقة المجهرية هذه، قيام باحثين من مختبر جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية باختبار يعكس الشيخوخة، ويصلح الحمض النووي، ويمكن أن يساعد وكالة الفضاء الأميركية ناسا في إرسال روادها إلى المريخ عبر تخفيف عوامل الشيخوخة أو إبطائها.

وبينما تمتلك خلايانا قدرة فطرية على إصلاح تلف الحمض النووي - الذي يحدث في كل مرة نتعرض فيها لأشعة الشمس - إلا أن قدرتها على القيام بهذه المهمة تنخفض مع تقدمنا في العمر. وقد حدد العلماء أن المستقلب NAD +، الموجود بشكل طبيعي في كل خلية من أجسامنا، له دور رئيسي كمنظم في تفاعلات البروتينات التي تتحكم في إصلاح الحمض النووي.

أدى علاج الفئران باستخدام المستقلب NAD +، إلى تحسين قدرة الخلايا على إصلاح تلف الحمض النووي، الناتج عن التعرض للإشعاع أو الشيخوخة. وبعد إنهاء التجربة، قال الباحث الرئيسي ديفيد سنكلير من كلية العلوم الطبية بجامعة نيو ساوث ويلز، أن خلايا الفئران المعمرة ما كان يمكن تمييزها عن الفئران الشابة، بعد أسبوع واحد فقط من العلاج.

إذا سارت التجارب المستمرة بشكل جيد، ستطرح جامعة نيو ساوث ويلز عقاراً مضاداً للشيخوخة، يتسم بالسلامة والفاعلية، في فترة لا تتجاوز ثلاثة إلى خمسة أعوام. وقد أثارت هذه التجربة اهتمام الناسا، التي تدرس التحدي المتمثل في الحفاظ على صحة رواد الفضاء، خلال مهمة مدتها أربع سنوات إلى المريخ. فحتى في المهمات القصيرة، فإن رواد الفضاء يختبرون شيخوخة متسارعة من الإشعاع الكوني، ويعانون من ضعف العضلات، وفقدان الذاكرة، وأعراض أخرى عند عودتهم. أما في الرحلة إلى المريخ، فسيكون الوضع أسوأ بكثير، إذ ستموت خمسة في المئة من خلايا رواد الفضاء. وسوف تصل فرص إصابتهم بالسرطان إلى مئة في المئة.

بروتين يجدد الشباب
قبل تجربة الديدان والحمض النووي، كانت شركة Elevian الأميركية، التي تعمل في مجال تطوير أدوية متجددة، تستهدف آليات الشيخوخة، أعلنت في أيلول الماضي، إنها تنوي استكشاف ما إذا كان الحقن اليومي للبروتين المُسمى GDF11 يمكن أن يعزز "قدرة الجسم على استعادة نفسه"، وفي نهاية المطاف يعالج الحالات التي تشمل مرض الشريان التاجي، ومرض ألزهايمر وغيرها.

استنتجت إحدى مؤسسي  الشركة، عالمة الأحياء في جامعة هارفارد، إيمي وورغر، أن البروتين GDF11، كان العامل الرئيسي "لإعادة الحيوية" في دم الحيوانات الفتية. وأكثر من ذلك، قالت هي والباحثون الآخرون في جامعة هارفارد إن مستويات البروتين انخفضت لدى كبار السن، ما يشير إلى أن تعزيزها قد يقاوم بعض آثار الشيخوخة.

تقول الشركة إنها ستقدم في عام 2019 بيانات جديدة، تدعم فكرة العلاج الجديد، وإقناع العالم العلمي الأوسع، وقد جمعت الشركة مبلغ 5.5 مليون دولار كتمويل أولي لجهودها الحثيثة، التي يقودها علماء مرموقون من جامعة هارفارد.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024