عصابات مسلحة تروّع أهل البقاع سطواً وخطفاً

لوسي بارسخيان

الأربعاء 2019/04/03

عندما ينزل تسعة رؤساء بلديات، في قضاء زحلة، إلى الطريق، لمناشدة الأجهزة الأمنية القيام بواجبها، في تجنيب المواطنين حوادث الخطف والتشليح، التي يتعرضون لها.. فمعناها أن الارتكابات بلغت من الحد ما يجعل طرقات البقاع "ساحة فلتانة" للعصابات.

كمائن وسطو مسلح
منذ شهرين تتكرر الرواية، عند كل عملية "تشليح" يتعرض لها المواطنون. أشخاص ملثمون، ينتحلون صفة أمنية عسكرية، يتنقلون بسيارتين من نوع "تاهو" شبيهة بالسيارات التي تستخدمها مخابرات الجيش، يعترضون السيارات العابرة للطرقات الدولية، وخصوصا تلك الممتدة بين شتورا والمصنع، لينجحوا حتى الآن في الإيقاع بضحاياهم، بسبب الثياب العسكرية التي يرتدونها. يختارون من بين السيارات الأفخم، ليقتادوا معها سائقها إلى حيث محمياتهم في شمال البقاع، ومن ثم يخلفون الضحية في السهول بين طليا وبريتال، ليفروا بكل ما رزقوا من ممتلكات مادية إلى أماكن مجهولة.

آخر هؤلاء الضحايا كان عبد الرحمن عبد الفتاح من بلدة مجدل عنجر، ليل الإثنين- الثلاثاء. فقد تشابهت روايته مع رواية المهندس ربيع حدشيتي من زحلة، مع فارق زمني يمتد أسبوعاً واحداً فقط. احتُجز كل من الضحيتين كرهينة لدى الخاطفين، إلى أن قطع هؤلاء من المسافات ما يعطيهم الوقت الكافي للتواري ، ومن ثم خُلّفا في منطقة سهلية في قضاء بعلبك، بعد أن اكتفى الخاطفون بتشليحهما أموالهما وكل مقتنياتهما المادية مع السيارتين.

الحادثتان الأخيرتان أضيفتا إلى مسلسل من روايات مشابهة، تكررت مع سبع ضحايا آخرين، لتترك مخاوف عامة لدى أبناء البقاع، من خطورة التنقّل على طرقات البقاع مع هبوط الظلام. الأمر الذي دفع برؤساء البلديات إلى رفع الصوت في وجه الأجهزة الأمنية، لمطالبتها بتكثيف جهودها في حماية الطرقات، خصوصاً أن الحوادث تخطت التعدي على ممتلكات المواطنين، وحتى على سلامتهم أحياناً، إلى الإعتداء على الأجهزة الأمنية، التي يتم انتحال صفتها. وبالتالي، انتهاك هيبتها.

نقمة البلديات
إذاً، تحرك رؤساء البلديات جاء لاستيعاب حالة الامتعاض الواسعة في المنطقة، والتي باتت تخلف إنطباعاً لدى الكثيرين، بأن كل مواطن هو خفير نفسه وممتلكاته، طالما أن الأجهزة الأمنية لم تتحرك بما يمكن أن يكسبها الثقة، لمحاسبة المرتكبين او أقله استرداد الحقوق.

واللافت في حوادث التشليح في المقابل، أن معظمها وقع على الطريق الدولية بين شتورا والمصنع، وهو ما دفع رئيس بلدية قب الياس، جهاد المعلم، إلى السؤال "عن أي منطقة حيوية أو صناعية أو منطقة حرة نتحدث في ظل هذا الفلتان الأمني؟"

وحتى لا يتحول انتحال الصفة الأمنية من قبل العصابات، إلى تشكيك في صدقية أي دورية أمنية، يمكن أن تواجه بعدم الإمتثال لأوامرها، أو حتى بالإعتداء عليها، كانت دعوة رئيس بلدية مجدل عنجر، سعيد ياسين، للأجهزة الأمنية حتى تتحمل مسؤوليتها، وإلا كما قال "المواطن سيأخذ حقه بيده".

معابر غير شرعية
هذا ما دعا ياسين للقول: "ليس مسموحا أن تترك الساحة لمن ينتحلون الصفة الأمنية ليشلحوا الناس سياراتهم من دون حسيب أو رقيب". موجها أصابع الاتهام بوضوح إلى أفراد العصابات، التي قال أنها تأتي من شمال البقاع. فيما أعرب رئيس بلدية بوارج، محمد البسط، عن اعتقاده بأن السيارات المسروقة ترسل إلى الدول المجاورة عبر المعابر غير الشرعية. وهو ما تخوف رئيس بلدية سعدنايل، حسين الشوباصي، من أن يكون جزءاً من مشهد تقلص سلطة الدولة أمام تمدد ساحة العصابات، خصوصاً أن مثل هذه العمليات لم تكن يوما تصل إلى خط الشام. وهذا بالتأكيد بسبب المعابر غير الشرعية التي توفر السوق للسيارات المسروقة.

وإذا كان رؤساء البلديات قد توافقوا أن ليس مسموحا ارتكاب ما وصفوه بـ"عمليات إرهابية" كالتي تحصل، ويبقى مرتكبوها من دون عقاب، فإن الشوباصي رأى من جهته أن "الموضوع لا يجوز السكوت عنه، لأنهم اليوم يكمنون على الطرقات المقطوعة، وغدا ربما سيدخلون إلى منازلنا. ولذلك، فإن الدولة مطالبة بأن تأخذ دورها كاملا في حماية المواطنين، وإلا تكون قد خلفت الساحة للزعران".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024