عنصرية الدولار اللبنانية: الفلسطينيون ممنوعون من شرائه

لمى أبو خرّوب

الإثنين 2020/06/22
بعدما أصدر مصرف لبنان قراراً بضخ كميات من الدولار في الأسواق، للحفاظ على قيمة الليرة اللبنانية، تهافت عدد كبير من اللبنانيين إلى محال الصيرفة لشراء الدولار.

وكانت نقابة الصرّافين قد حددت سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بين 3800 و3910 ل.ل. وهذا بعدما كان قد وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من 5000 ليرة في الأيام السابقة.

الدولار العنصري
لكنّ قرار نقابة الصرافين جاء استنسابياً وعنصرياً مضموناً ولهجة: فإضافة إلى استخدام مصطلح "الخدم" وصفاً لعاملات المنازل الأجنبيات، حصر البيان شراء الدولار بـ"اللبنانيين فقط"، وطلب التثبت من ذلك بإبراز بطاقة هويتهم.

غير أن بعض الفلسطينيين المقيمين في لبنان وجدوا، أسوةً باللبنانيين، في الانخفاض البسيط في سعر الدولار، فرصةً لشراء حاجاتهم من هذه العملة، فحاول عدد منهم في منطقة صور وصيدا شراء الدولار. لكن الصرّافين قالوا لهم: "ممنوع، أنتم فلسطينيون، والدولار للبنانيين فقط". ولما سألوا: لماذا؟! جاءهم الجواب: "بقرار من نقابة الصرافين".
نجم عن هذا الرد حال من الغضب والتوتر في أوساط الفلسطينيين أمام محال الصيرفة. وتكرر رفض حصولهم على الدولار بالقول: "الفلسطيني ممنوع يشتري".

كثرة من الفلسطينيين عبروا عن استيائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي أحاديثهم اليومية معترضين على قرار نقابة الصرافين.
وإذ لم تحدّد أي جهة رسمية حجتها لهذا الاستنساب العنصري، وجد الفلسطينيون أنفسهم كالعادة في حال إذلال ونبذ ونفي داخل البلد الذي ولدوا فيه. ويقول أحد سكّان مخيم البص معبراً عن استيائه: "الفلسطيني ممنوع يشتري دولار، عمي إحنا إللي عم نفوّت دولار عالبلد". ويقول آخر: "لو استطاعوا منع الهواء عنّا لمنعوه".

عنصريات متشابهة
ولم يأت القرار انتقائياً وعنصرياً تجاه الفلسطينين وحدهم، بل استثني كل من هو غير لبناني، على الرغم من إقامة عدد كبير من الأجانب في لبنان، وحاجتهم الطبيعية والملحة للدولار.

لكن الفلسطينيين ليسوا بأجانب، بل لاجئين. وفي الحالات الطبيعية يُفترض أن يعامل اللاجئون معاملة المواطنين. فإضافة إلى مساهمة الفلسطينيين الواسعة في تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني، ما زالت الأنروا ومنظمة التحرير الفلسطينية - وفي ظل أزمة شحّ الدولار -  تُدخلان شهرياً ملايين الدولارات إلى لبنان. وهذا إضافة إلى أموال المغتربين الفلسطينين التي يرسلونها بالدولار إلى ذويهم، ويصرفون معظمها في لبنان.
ولم يطرح الرأي العام اللبناني المنهك والمأزوم، هذا الموضوع بعد. ولا المنظمات والفصائل الفلسطينية حاولت الضغط في هذا الشأن، لحمل نقابة الصرافين على مراعاة خصوصية اللاجئين الفلسطينيين، وكيفية التعامل مع هذه الخصوصية.
من ناحية أخرى، يبدو أنّ طوابير اللبنانيين المحتشدين أمام محال الصيرفة - والتي شهدناها بعد فترة قصيرة من طوابير الفلسطينيين - لم تنتبه للعنصرية والسخرية اللتين تعرّض لهما الفلسطينيون من محيطهم اللبناني، أثناء محاولتهم تحصيل مساعدات الأنروا.

تتشابه أشكال الطوابير التي تفرضها الدولة اللبنانية على مواطنيها، مع تلك التي تفرضها الأونروا على اللاجئين. وتتشابه الأساليب مع طرق المعاملة انطلاقاً من الموقع الطبقي والصفة القانونية. وتلعب الدولة على هذه الأخيرة في محاولاتها الخروج من الأزمة، وفي إطار تخبطها وفشل حلولها.

ففي ظل غياب الرقابة، استطاع بعض الفلسطينيين في منطقة طرابلس شراء الدولار من الصرافيين. وعمد بعض الصرافين إلى بيع الدولار على السعر الذي حددته النقابة بـ 3910 ليرات، وإعادوا شراءه مباشرةً من الزبائن على سعر صرف السوق السوداء بـ 5000 ليرة. وذلك بإعطاء الزبون فرق العملة بالليرة اللبنانية.
الملفت هنا أنّ غضب الفلسطينين وصل إلى تمنّي البعض منهم أن يصل سعر الدولار إلى 100 ألف ليرة، على الرغم من تأثير تدهور قيمة الليرة اللبنانية مباشرةً على حياتهم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024