ماذا تفعل الصين على الجانب المعتم من القمر؟

سامي خليفة

الإثنين 2019/01/14
لأول مرة في تاريخ البشرية، أعلنت الصين في 3 كانون الثاني 2019، عن هبوط مسبار "تشانغ إي 4"، على الجانب المعتم من القمر. لكن هذه المهمة، التي حملت أدوات لتحليل جيولوجيا المنطقة غير المستكشفة، وإجراء تجارب بيولوجية، لا تقتصر أهدافها على اكتشاف القمر. إذ، يشير العلماء لأهداف أبعد من ذلك.

التحدي التكنولوجي
لم ينجح أي مسبار، أو وحدة استكشاف من قبل، في الوصول إلى الجانب الآخر من القمر، الذي يصفه العلماء بأنه جبلي ووعر وتنتشر فيه الفوهات، بينما تغلب على الجانب الظاهر المساحات المنبسطة، التي يمكن أن تحط عليها مركبة من دون صعوبات. ومنذ سنوات، عملت الصين على الإعداد لهذ العملية، الصعبة بصفة خاصة من الناحية التكنولوجية.

الهبوط على الجانب المعتم، يعني أن القمر سيكون بين الأرض والمسبار، مما يجعل من المستحيل الاتصال بشكل مباشر بين المسبار والأرض. ولذلك أرسلت الصين في حزيران 2018 القمر الاصطناعي "شيوهتشياو"، ما يسمح بنقل الأوامر والمعطيات بين الأرض ومركبة الاستكشاف، ليصبح أول ساتل في العالم يعمل على مدار الهالة هذا.

الغاز الثمين
بالنسبة لنا، قد نجد أن الصور التي أرسلها المسبار الصيني هي صور قاتمة للمناظر الطبيعية المهجورة، إلا أن علماء الفضاء يشيرون إلى أن استكشاف الجانب المعتم للقمر، هو الخطوة الأولى لبكين في المطالبة بموارد القمر الواسعة، واستغلالها من قبل القوى العالمية الأذكى والأسرع.

تشمل الثروات الموجودة على الجانب المعتم من القمر، الذهب والحديد والبلاتين، لكن الكنز الأثمن موجود في غاز يسمى الهيليوم -3، الذي يشير الخبراء إلى أن 40 طناً منه، سيكون كافياً لتلبية احتياجات الولايات المتحدة من الطاقة لمدة عام كامل. وبكل بساطة، يمكن للإمدادات الثابتة من هذا الغاز أن تحل أزمات الطاقة في العالم لمئات إن لم يكن آلاف السنوات.

لا يمتلك كوكب الأرض إلا بضع مئات من الكيلوغرامات من الهيليوم -3، في حين أن القمر لديه ما لا يقل عن مليون طن من الاحتياطيات. وقد اعترف قائد وكالة الفضاء الصينية علناً، ربما عن طريق الخطأ، بأن هذا الغاز يمكن أن يلبي متطلبات الطاقة في البلاد، من خلال الانصهار النووي، لمدة عشرة آلاف سنة.

نقل الهيليوم -3
بدأت الدول، التي غزت الفضاء، تبحث في كيفية إعادة هذا الغاز إلى الأرض، حيث تقود الصين الطريق. وقد تكون المهمة قابلة للتحقيق بحلول عام 2025. كما ذكرت بعض التقديرات، أن تكلفة مثل هذا البرنامج ستكون 18 مليار دولار، وهو مبلغ غير كبير بالنسبة للحكومة الصينية التي تنفق حالياً مليارات الدولارات على استيراد النفط.

وستكون الخطوة المنطقية التالية للصين، هي الاستثمار في أسطول من سفن الشحن الفضائية، القادرة على نقل البضائع الثمينة إلى الوطن في العقود المقبلة. وعلى الرغم من أن الصين، إلى جانب 101 دولة أخرى، قد وقعت على معاهدة الأمم المتحدة عام 1967، التي تنص على أنه لا ينبغي لأي بلد أن "يمتلك" القمر، فإن الوثيقة غامضة عندما يتعلق الأمر باستغلال المعادن.

السباق مع الولايات المتحدة
منع الكونغرس الأميركي وكالة الفضاء '' ناسا'' من التعاون الثنائي مع وكالة الفضاء الصينية، بسبب المخاوف الأمنية، فالرئيس دونالد ترامب يريد إنشاء "قوة فضائية" جديدة بحلول عام 2020، باعتبارها الفرع السادس من الجيش. وقد صرح ترامب في عام 2017، إنه يرغب في إعادة رواد فضاء إلى سطح القمر لبناء أساس لبعثة المريخ المأهولة.

وفق الخطط الأميركية الجديدة، ينبغي على '' ناسا'' في غضون ثلاث سنوات، البدء في بناء مختبر جديد للمحطة الفضائية، يدور حول القمر، ويعمل كنقطة توقف للبعثات إلى أجزاء بعيدة من النظام الشمسي. وفي سياق استكشاف الفضاء، نجح مستكشف "نيوهورايزن" التابع للناسا في "الاتصال بالأرض" يوم الثلاثاء 1 كانون الثاني 2019، بعد رحلة إلى أبعد نقطة استكشفتها البشرية، وهي صخرة متجمدة على حافة النظام الشمسي التي يأمل العلماء أن يكشفوا عن أسرارها.

قبل خمس سنوات، قامت الصين بأول هبوط على القمر، ويقول العلماء أن مهمة المركبة الفضائية الجديدة ستكون أكثر نجاحاً، حيث يأمل الصينيون أن تساعدهم المعلومات التي يرسلها المسبار على التخطيط للمرحلة التالية من عملية "نهب" القمر. وهي قفزة عملاقة في الطريق إلى مكانة القوة العظمى في الفضاء.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024