طرابلس تطلق "أسبوع الغضب": لا شيء نخسره إلا الثورة

جنى الدهيبي

الثلاثاء 2020/01/14

انطلق أسبوع الغضب الذي أعلن عنه ثوار لبنان، بزخمٍ كبير في عاصمة الشمال، منذ ساعات الصباح الأولى لليوم الثلاثاء. فالمشهد العام في المدينة، ذكّر بالأيام الأولى لاندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول 2019.

خريطة الطرق المقطوعة
ومنذ الفجر، تشهد طرابلس إقفالاً كاملًا للطرق الرئيسة، وتحول دوار البحصاص إلى نقطة رئيسة لاعتصام مئات المواطنين من النساء والرجال والشبان والطلاب، وقاموا بقطع كلّ مسارب الدوار بالسيارات وحاويات النفايات، وافترش آخرون الأرض بأجسادهم.

وصباحًا، وقع تدافع في البحصاص بين المحتجين والجيش، تطور إلى رشق شبان الوحدات العسكرية بالحجارة، على خلفية محاولة مرور سيارة رفض المعتصمون السماح لها بذلك، ثم عاد الهدوء لاحقًا إلى المنطقة، وسجّل ثلاث إصابات في صفوف المدنيين، وإصابة واحدة في صفوف الجيش.

كذلك، عمد المتظاهرون إلى قطع مختلف أوصال المدينة ومحيطها، بدءًا من الأوتوستراد الدولي عند نقطة البالما بالاتجاهين ومستديرة الملولة والطريق العام بمنطقة التبانة بالاتجاهين، والبولفار وطريق القبة – زغرتا. وفي الكورة، قطعت مجموعة من المتظاهرين طريق البحصاص بالقرب من الجامعة اللبنانية، واوتوستراد كفرحزير بالمستوعبات وطريق وادي هاب بالحجارة. وفي عكّار، قطع ثوار خيمة اعتصام حلبا طريق عام حلبا بالكامل بالإطارات غير المشتعلة والعوائق وجلسوا على كراسٍ في وسط الشارع العام، وسمحوا فقط بمرور الصليب الأحمر والحالات الطارئة والآليات العسكرية، فيما كانت طرق حلبا الفرعية الداخلية سالكة.

احذروا غضبنا
شعبيًا، حالة من الغضب العارم عبّر عنها المواطنون الذين وجهوا نداءات لجميع أبناء المدينة من أجل النزول إلى الشارع. وفي البحصاص، حيث توافد المئات، رفع المتظاهرون شعاراتهم ضدّ السلطة وأركانها، وضدّ الرئيس المكلف حسان دياب، وطالبوا بالإسراع في تشكيل حكومة من الاختصاصيين من دون أن تضمّ أيًّا من الوجوه السياسية.

محمد الباي (23 عامًا)، واظب على المشاركة في كلّ التظاهرات وقطع الطرقات في طرابلس من أول يومٍ للثورة، يقول لـ"المدن": "أعاني من كهرباء في الرأس، ووضعي الصحي يحتاج لتكاليف باهظة للعلاج، ونزلت إلى الشارع ضدّ كلّ الطبقة الحاكمة المسؤولة عن إذلالنا وتجويعنا ولا تؤمن لنا أدنى مقومات العيش بكرامة، وعلى هذه السلطة التي تستخف بنا أن تحذر من غضبنا الذي بدأ يتعاظم في الشارع، لأنه لم يعد لدينا ما نخسره بعد اليوم".

آدم العظم (17 عامًا)، وهو شاب يشارك في طرابلس بإقفال المدارس والمهنيات، وسبق أن قام بإغلاق مهنيته مع رفاقه، يقف في البحصاص ويتنقل بين بمجوعةٍ وأخرى للمشاركة في هتافتها ونشاطتها، يقول: "أحرض جميع طلاب لبنان أن ينزلوا إلى الشارع، لأننا نحن عصب الثورة وقوّتها. وأنا كشاب لا أجد مستقبلًا لي في هذا البلد، بينما أهلي يتكبدون تكاليف تعليمي مع أخوتي. ومطالبنا لا تقتصر على تشكيل حكومة فحسب، وإنّما نريد بناء دولة حقيقية، تحترمنا وتؤمن حقوقنا حتّى تكسب حكومتنا وثقاتنا". أمّا أم علي (50 عامًا)، فتقول: "لقد وصل الدولار إلى رقمٍ قياسيٍ لم نعهده ولم نعد نحتمل هذا الغلاء المعيشي"، وتسأل مستنكرة: "بدهم يانا نموت من الذل والجوع؟"، وتؤكد أنّ الشارع في الأيام المقبلة سيفاجئ السلطة ويصفعها من جديد وبقوّةٍ أكبر.

هذا، وتنطلق مسيرة طلابية حاشدة من ساحة النور لتجوب مختلف شوارع المدينة عند الثالثة والنصف عصرًا، فيما وحدات الجيش وملالاته تآزر المدينة تأمينًا لسلامة المتظاهرين، ولفضّ الإشكالات التي تقع بينهم وبين بعض العالقين في سياراتهم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024