أورنيلا عنتر
غالبا ما يشعر مريض السرطان أنه يود لو يستسلم، أو أنه منفصل عن الآخرين، اعتقادًا منه أنهم غير قادرين على فهم حالته. لذا لا يتحدث عن مرضه مع الآخرين، لا سيما المقرّبين منه. وذلك لأسباب عدّة أبرزها نظرة الآخرين إليه وإلى العلاقات العائلية المضطربة. فمرض السرطان يصدّع العلاقات العائلية، كما يفتك بجسد المريض. أحيانا يراعي المريض مشاعر محبّيه ويحاول حمايتهم. في المقلب الآخر يشعر أفراد عائلته بعدم القدرة على التواصل مع المريض، أو يتصرفون تصرفات خرقاء عن غير قصد.
ويرى الأب شلالا أنّ المريض يشعر بضعفه وهشاشته حيال المرافق، فلا يجرؤ على طلب المساعد: "هنا، يلعب الممرض المرافق دوره الأساسي في فهم المريض أكثر من غيره. فالهشاشة في ذاتها نداء غير مباشر ولا واضح للمساعدة. والعناية تحمل معاني الحنان والحساسية والقدرة على الإصغاء.
لكن المرافقة تذهب أبعد من العاطفة التي قد لا تخدم المريض وصحتّه النفسية.
المرافقة عند التشخيص
ليس هناك من طريقة جميلة لإعلان خبر سيئ. لكن، وكما يقول جاك بريل، نقوم بما نستطيع، لكن هناك الأسلوب. ويتساءل الدكتور مرسيل مسعود، رئيس قسم طب الدم والأورام في مستشفى سيدة المعونات: "كيف نعلن للمريض خبر إصابته بالسرطان، وكذلك لعائلته وللأقارب؟ ماذا نقول للأشخاص الذين يتصلون للاطمئنان عليه؟ هل نقول الحقيقة؟ كلها؟ هل نعلم المريض بنسبة شفاءه؟ هل نحميه من الحقيقة، أم نقولها جليّة؟ كثيرة هي الأسئلة التي ترافق مرحلة التشخيص، أي مرحلة المرض الأولى، والآراء حولها أكثر بكثير.
يعتقد الدكتور مسعود بأنّ على الطبيب اختيار الزمان والمكان الملائمين لإعلان التشخيص للمريض وعائلته: "المستشفى ليست المكان الملائم لإعلان التشخيص، ولا الاتصال الهاتفي طريقة ملائمة. على الطبيب اختيار مكان هادئ ملائم للتحدث بروية مع المريض وأهله، من دون تحديد الوقت اللازم للمحادثة الدقيقة. وليس الطبيب من يختار الأشخاص لسماع الخبر للمرة الأولى، بل المريض نفسه. في هذه الجلسة تُقيّم معرفة المريض بوضعه حتى اللحظة، ومدى جهوزيته لسماع الخبر السيء، ويقدر الطبيب ماذا يريد المريض أن يعرف عن حالته الطبية. ويشدد الدكتور مسعود على التدرج في إعلان التشخيص، ما يتيح للطبيب تقدير تقلّب مشاعر المريض. ويمكن للتشخيص أن يتطلب أكثر من جلسة واحدة، حسب المريض وحالته النفسية. في الختام، يجري تلخيص الوضع للمريض وعائلته بشكل يتيح لهم فهم الحالة، قبل إعلان الطبيب خطة العلاج المستقبلية.
أما كيف نخبر الأولاد عن مرض الأهل، فهذا موضوع آخر. فعدم إخبارهم قد ينتج عنه فقدان الثقة وتزعزع العلاقة بين الطفل والأهل. ويمكن لمخيّلته الصغيرة الخصبة أن تذهب إلى سيناريوهات ربما تكون أكثر صعوبة وخطورة من حقيقة الواقع المخفيّة. وقد تنجم عن ذلك أمراض نفسية تتبلور قلقاً زائداً أو كآبة في المستقبل. أما الإفصاح الصريح، أو الصراحة الزائدة في الاعلان، فقد يؤديان إلى تردّدات من نوع آخر على صحة الولد النفسية، بسبب عدم قدرته على الاستيعاب. وقد يولّد إبلاغه بالحقيقة فقداناً تامّاً للأمل. والتسرع في الكلام وكثرته قد يشكلان صدمة عنيفة للولد.