وجوه الثورة: عفيف كرجية الذي ألهبت دموعه انتفاضة صيدا

المدن - مجتمع

الأحد 2019/11/03

تحولت قضية الشاب عفيف كرجية، الذي تصدرت وسائلَ التواصل الاجتماعي صورته باكياً، وهو يحتضن والدته المريضة في حراك صيدا، إبان الإشكال والتدافع الذي حصل بين المتظاهرين وبين القوى الأمنية.. إلى قضية رأي عام. فحكايته تختصر معاناة اللبنانيين مع نظامهم الفاشل والفاسد.. حكايته هي أصل مطالب المتظاهرين الذين يملأون الساحات منذ 16 يوماً.

لدى عفيف، كما غيره من الشباب اللبناني الذين يشكلون نبض الانتفاضة المدنية، العابرة للمناطق والطوائف والمذاهب والانتماءات، العديد من الأسباب التي دفعته للنزول إلى الشارع والتظاهر مطالباً بالتغيير. لكن ما تعرضت له والدته جراء التدافع في إشكال صيدا جعلته مقهوراً متحسراً دامع العينين، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي تضامناً معه، ودفع ببعض الناشطين إلى إطلاق دعوات للنزول إلى الشارع، للتعبير عن هذا تضامنهم، بعدما وجدوا في وجه عفيف وحكايته ما يمثّلهم ويجسّد وجع الشباب اللبناني ونقمته.

في الساحة دوماً

فعفيف الذي انهى دراسته الثانوية والتحق باختصاص الفندقية، لم تمكنه ظروفه من إنهاء السنة الرابعة والأخيرة في هذا الاختصاص، لأنه اضطر للعمل هو وشقيقه لإعالة وعلاج والدتهما المريضة، بعدما فقدوا الأب والمعيل قبل عام: بسبب خطأ طبي لم يُحاسَب مرتكبه! فعمل عفيف لسنة واحدة في أحد الفنادق، لكنه لم يتمكن من الاستمرار وبقي يبحث عن عمل.

وجد عفيف في الانتفاضة الشعبية بوجه الواقع الذي وصلت إليه البلاد، ويرزح تحته القسم الأكبر من الشعب اللبناني، ضالته المنشودة للتعبير عما يعانيه، ليس فقط هو وعائلته على المستوى الشخصي، بل وما يتشارك به مع أبناء جيله من انسداد الأفق اجتماعياً ومهنياً، ومن خنق لأحلامهم ومصادرة لمستقبلهم، في بلد بات فيه التعليم والاستشفاء والوظائف حلماً بعيد المنال، إلا لمن "حالفه الحظ" بواسطة أو دعم من زعيم أو حزب سياسي.

لم يكن صعباً الوصول إلى عفيف لسؤاله عن شعوره حيال هذا التعاطف الكبير معه، فهو لا يغادر ساحة إيليا في صيدا، حيث يشارك وشقيقه في الحراك المستمر يومياً، فما حدث معه ومع والدته لم يزده إلا إصراراً على مواصلة رفع الصوت مع ابناء جيله، من أجل إحداث التغيير الذي يطالب به الشعب بكل فئاته.

"ما بدنا طائفية وزعرنات"

يقول عفيف: "أشعر بالفرح لشعب استفاق أخيراً وانتفض لكرامته. كلنا لازم نكون إيد واحدة ونتواجد في الساحة ونكون متضامنين مع بعضنا. ما بدنا طائفية ولا زعرنات. وبدنا نكون إيد واحدة نحنا والجيش مع بعضنا البعض".

ليس لعفيف كلام سياسي بل هي المطالب نفسها لكل الشباب: "إنو لاقي شغل واتوظف، لأن هيدا من حقي وحق كل شاب لبناني". ويضيف: "منذ كان عمري 18 سنة وأنا اتقدم لوظيفة في الدولة ولا أوفّق.. لأنو ما عندي واسطة، ولأنو ما فيه جهة سياسية توقف جنبي وتدخلني على الدولة".. "أنا هنا أيضاً من أجل والدتي، وحتى نجد من يقف بجانبنا ويتضامن معنا".

يشير عفيف إلى أنه لا يريد أن يتكلم عما حدث مع والدته، وأن هذا الأمر أصبح وراءه، والمهم هو مواصلة الثورة مع كل الشعب المنتفض، حتى تحقيق كل المطالب التي ينادون بها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024