لاجئو البقاع في عين العاصفة غرقاً وتشرداً

لوسي بارسخيان

الثلاثاء 2019/01/08
دوت العاصفة ذهولاً كبيراً في محيط مخيمات اللاجئين السوريين، المنتشرة على طول سهل البقاع. وخطف "البرد القارس" حيوية أطفالها، الذين لازم معظمهم الخيم، ولجؤوا مع عائلاتهم إلى ما توفر لديهم من مواد مشتعلة لتأمين الدفء، وسط تراجع كبير في أحوالهم المادية، وفي بنية الشوادر، التي لم تتمكّن من حماية رؤوسهم، خصوصاً بعد تراجع تقديمات الجهات المانحة. وبات عددا كبيرا من تلك الخيم عبارة عن رقع بالية، لم تصمد طويلا أمام قوة العاصفة "نورما" التي استقبلتهم في مطلع عامهم الثامن في المخيمات في لبنان. 

على طول سهل البقاع بدت وطأة المعاناة، التي خلّفتها العاصفة، أكبر من قدرة اللاجئين على التكيف معها. ومن اقتصرت الأضرار في خيمهم على فيضان الجور الصحية، ومحاصرتها بالوحول، و ما تسرّب إليها من كمّيات كبيرة من مياه الشتاء، التي هطلت بغزارة لساعات طويلة، ظهروا كمحظوظين، إذا ما قورنوا بإخوانهم من سكّان المخيمات في حي النهرية في بر الياس، أو في المخيمات المتواجدة على ضفاف نهر الليطاني، في مناطق المرج والروضة وغيرها.. وصولاً إلى بعض مخيمات عرسال المحاصرة بالثلوج، خصوصاً أن هؤلاء وجدوا أنفسهم من دون سقف يقيهم برودة الطقس، واضطروا للإستعانة بهيئات الإغاثة المدنية، التي عمل بعضها على تأمين الحلول المؤقتة لهم، بعد أن فقدوا كل الوسائل التي تقيهم برودة طقس كانون.

غرق مخيم النهرية

طوفان نهر الليطاني في "حي النهرية" ليس إستثناء في بلدة بر الياس، كما يشرح رئيس البلدية مواس عراجي، ذلك أن حوض النهر أعلى من المنطقة السكنية في هذا الحي، وبالتالي كلما هطلت الأمطار بغزارة، يرتفع منسوب النهر ليطوف على طرقاتها. إلا أن الاستثناء في السنوات الأخيرة هو في نشوء عدد كبير من تجمعات النازحين على ضفاف النهر. علماً، أن المشكلة الكبيرة التي تتسبب بهذا الفيضان السنوي للنهر تكمن، كما يشرح رئيس لجنة المتابعة والمحاسبة في بلدة بر الياس ربيع الميس، بوجود سدين يعيقان مجرى المياه في موسم الشتاء. إضافة الى التعديات على خنادق تصريف المياه، وتراكم الأوساخ في مجرى النهر من بر الياس وصولاً إلى المرج والروضة.

وعليه هجرت نحو 50 عائلة سورية خيمها في محلة النهرية على ضفاف الليطاني، وفي دير زنون على ضفاف نهر الغزيل، في وقت متأخر من ليل الإثنين. لتستيقظ صباحاً على قلق إضافي يحيط مصير ما نجا من تلك الخيم، خصوصا أن منسوب مجاري الأنهر في هذه المنطقة استمر بالإرتفاع.

وساد إرباك كبير في صفوف النازحين،  ما استدعى تدخل الهيئات المدنية مع البلدية  لتأمين المساكن البديلة داخل المستودعات والكاراجات، وفي منازل مهجورة وغير مكتملة. إلى أن بدأ البحث عن حل طويل المدى في اليوم التالي، تمثل في القدرة على نقل هؤلاء إلى مخيم العودة. وقد اصطدمت المحاولة، بداية، بالأذونات الإدارية والأمنية، التي صارت ضرورية لإنشاء مخيمات جديدة. فنجحت لجنة المتابعة بإقناع محافظ البقاع بتسهيل عملية إجلاء من تشرد من النازحين، بسبب العاصفة، مشترطا نقل هؤلاء إلى مخيمات ناشئة وعدم استحداث أي مخيّم جديد.

مخيمات عرسال
وعلى غرار مخيّمات البقاع الأوسط ساد إرباك كبير بين اللاجئين في عرسال، مع بداية العاصفة. فقد أدّى تراكم الثلوج إلى انسداد بعض الطرقات المؤدية إلى المخيمات. كما أدت قوة العاصفة، التي ضربت المنطقة، إلى سقوط بعض الخيم المتداعية، وإلى اشتعال أخرى بالمواد الحارقة التي تستخدم للتدفئة. ووفق رئيس البلدية باسل الحجيري، تمّ التحرك بشكل سريع من قبل البلدية، ومن قبل الهيئات المانحة، الموجودة في المنطقة، لتأمين المساكن البديلة لأولئك اللاجئين. لكن هذه الحلول لم تخفف من وطأة القلق الذي ساد في أوساط النازحين، خصوصا مع إستمرار تدفق المعلومات عن إشتداد العاصفة وامتدادها لساعات إضافية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024