إلى رجال الدين ومحاكمهم: احذروا غضب النساء

وليد حسين

الخميس 2019/08/01
بدعوة من التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، رفعت عشرات النساء أصواتهنّ في ساحة الشهداء يوم الأربعاء في 31  تمّوز، وروين سير معاناتهنّ من ظلم المحاكم الدينية. 

تمييز وعنف
أتى هذا الاعتصام تحت عنوان "احذروا غضب النساء"، للمطالبة بقانون مدني للأحوال الشخصية خصوصاً في ظل الأحكام الجائرة التي تصدر عن المحاكم الدينية، والتمييز والعنف والذكورية اللاحقة بالنساء، وللتعبير عن غضبهنّ واستيائهنّ من التدخلات السياسية للمتنفذين لدى المحاكم الروحية، لحرمان الأمهات من حقوقهن في حال الطلاق. وألقت رئيسة "التجمع" ليلى مروة كلمة قالت فيها: "لا يهمّ إن كنتِ سنية، شيعية، درزية، مارونية، أرمنية، كاثولكية أو إلى أي مذهب آخر انتميتِ، فنحن كنساء ولمجرّد أننا نساء سواسية تحت مطرقة العنف والتمييز وسندان الذكورية والبطريركية. نحن كنساء نعدّ تابعات للرجل، ناشزات في حال الخروج عن طاعته، أدوات للمتعة والإنجاب والإرضاع فقط، وناقصات أهلية وحقوق".

وفق أهواء رجال الدين 
مازالت حقوق النساء، التي يفترض أنها مدنية وتقع في صلب علاقة المواطن مع دولته، والتي يفترض أن تحتكم لقانون مدني للأحوال الشخصية، متروكة لمزاجية رجال الدين الذين يجتهدون على هواهم، في ظل عدم وجود رقابة عليهم، ولا نصوص واضحة تنهي عذابات النساء في المحاكم، وفق ما قالت مسؤولة الحملات والتواصل في التجمع حياة مرشاد لـ"المدن".

وفي هذا الإطار، تشدّد مرشاد على أن لا فرق بين محكمة دينية تابعة لهذه الطائفة أو تلك، بمعزل عن الفرق في التشريعات حول سن الحضانة مثلاً بين طائفة وأخرى، لأنّ أداء رجال الدين لأي طائفة انتموا يبقى ذكورياً مع النساء، وانحيازهم للرجل، واحد في جميع المحاكم. إذ تضطر النساء غالباً إلى التخلي عن حقوقهنّ في النفقة للتخلّص من سطوة الرجل والحصول على الطلاق. كما تشترك جميع المحاكم الشرعية في خاصيّة المماطلة في إصدار الأحكام، من دون أن تأخذ بالاعتبار الخصوصية المفترضة للنساء، كما لفتت مرشاد.

أداء مخزٍ 
وإذا كان الحل المنطقي لجميع هذه المشاكل التي تعترض النساء تكمن في إقرار قانون مدني يكفّ يد الطوائف لحماية النساء، وعدم بقائهنّ تحت رحمة المحاكم الدينية، فعلى المجلس النيابي اتخاذ القرار بهذا الشأن. فإما أن يكون لبنان دولة مواطنة أو مزارع طائفية، خصوصاً أن القضايا الحقوقية يجب أن تكفلها الدولة، وليس أي جهة ثانية، كما تشدّد مرشاد.
وتتابع متأسفة، أنّ كل أداء الطبقة السياسية، من دون استثناء، مخجل في قضايا النساء. فقوانين الحصول على الجنسية وحماية الطفلات من الزواج المبكر والتحرّش الجنسي، مرمية في الأدراج. صحيح أنه يوجد بعض الاستثناءات بين حزب يدعم هذه القضية أو تلك، لكن أداء الجميع مخز أمام سلطة الطوائف. 

واعتبرت مرشاد أنّ التحرّك القانوني الذي أطلقته وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب فيوليت خيرالله الصفدي، لدعم المرأة بمنظومة قوانين تحميها وتعطيها حقوقها المشروعة، لا يبشّر بالخير إلى الآن. فقد وعدت الوزيرة النساء بحمايتهنّ من العنف الأسري والتحرش الجنسي في الأماكن العامة ومكان العمل، ووقف عدم المساواة في التقديمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وغيرها من الأمور، من خلال تخصيص جلسة تشريعية خاصة في أسبوع المرأة في 17 آذار 2020. وتساءلت مرشاد هل هناك قضايا تتقدّم من حيث الأولوية على معاناة النساء اليومية كي يتأجل البحث بقضاياهنّ إلى السنة المقبلة؟

المخافر تتهرّب
لا يتوهّم "التجمع" أن يطرأ تغيير على واقع النساء بلمحة بصر، وهو يعمل على دعم النساء نفسياً واجتماعياً وقانونياً، ويناصر قضاياهنّ منذ زمن بعيد. وقد راكم إلى جانب بقية الجهات التي تعنى بشأن النساء، بعض المكتسبات إضافة إلى تحقيق إقرار بعض القوانين مثل قانون حماية النساء من العنف الأسري، رغم التشوّهات الكثيرة التي تشوبه نصاً وتطبيقاً. لكن الجميع أقرّ أنّ النساء يتعرّضن للعنف، وأقرّوا القانون تحت الضغط الذي قامت به الجمعيات المناصرة للنساء، كما قالت مرشاد. لكنها، في الوقت عنيه تأسفت من تعاطي قوى الأمن الداخلي مع حالات العنف الأسري حين تلجأ إليهم النساء. فرغم وعود وزيرة الداخلية بالتشدد في هذه القضايا، تعتبر مرشاد أنّ أداء المخافر سيء جداً وذكوري.

ولفتت إلى أنّ "التجمع" يتلقى شكاوى من نساء يلجأن إلى المخافر، ولم تقدّم العناصر الأمنيّة أي دعم لهنّ، بل على العكس قيل لهن أحياناً "روحي حلّيها مع جوزك". وعوضاً عن إرشادهنّ للتوجّه إلى الطبيب الشرعي بموجب القانون، يتنصّلون من المسؤولية بالقول إنهم ليسوا أصحاب اختصاص وعليكنّ التوجّه إلى النيابة العامة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024