سجال المجذوب وبوصعب وملايين الدولارات: أنت حرامي.. أنت فاشل

المدن - مجتمع

السبت 2020/09/26
في بلد طبيعي، مؤسساته تعمل، يوضع السجال المندلع بين وزير التربية الحالي في حكومة تصريف الأعمال، طارق المجذوب، والوزير الأسبق الياس بو صعب، بيد القضاء. فكل ما جاء في كلام الرجلين يعدّ إخباراً (بل فضيحة) يستوجب التدقيق به إن كان لجهة الفساد أو هدر المال العام أو سوء الإدارة والمحسوبيات. وإلى حين ذلك، إن حصل، يبقى التعويل الأول على أن تفضح القوى السياسية وشخصياتها بعضها بعضاً في ملفات الفساد، في ظاهرة سبق ووقعت عام 2013 بين وزيري الأشغال الأسبقين غازي العريضي ومحمد الصفدي. وكما حال في كل سجالاتهم، بطابعها الشخصي، وليس حباً في فضح الفاسدين في مؤسسات الدولة، وقع السجال الأخير بين المجذوب وبو صعب.

فضائح الوزارة
أطل الوزير المجذوب في حلقة تلفزيونية، وكشف فيها سلسلة من الفضائح المالية والسياسية والإدارية في وزارة التربية. ومن بين ما أشار إليه المجذوب، أنه "خلافًا للقانون، يتقاضى 11 موظفاً رواتب تتجاوز قيمتها الـ400 مليون ليرة سنوياً، وهم لا يعملون في وزارة التربية". وأضاف أنّ "موازنة​ ​الوزارة كانت 900 مليون ​دولار​، وهذا المبلغ كان يجب أن يضع الوضع التربوي في ​لبنان​ في مراكز متقدمة أكثر بكثير من ما هو عليه. بالإضافة إلى برامج أخرى تحصل على موازنات أكثر من 400 مليون دولار". واستكمل حديثه لافتاً إلى أنّ "مجلس الوزراء وافق على عقد بقيمة مليونين و520 ألف دولار لصيانة مدينة رفيق الحريري الجامعية في الحدث وذلك في زمن كورونا". كما قدّم المحذوب حجة إعاقة عمله في الوزارة قائلاً إنّ "وزارة التربية منهوبة، ولو بقيتُ أكثر، لكان شاب شعري أكثر. بعض الموظفين يتحدّون الوزير. وعند اتخاذ إجراء لا يتم تبليغه به. وجلت بالمكاتب وفوجئت بصور رجال دين وزعماء سياسيين وأصدرت قراراً بمنع هذه المظاهر. وقوبلت بهجوم من جميع الأحزاب". بلغة أخرى، قال المجذوب "ما خلّوني اشتغل"، وهي العبارة السحرية التي سبق واستخدمها ممثلو التيار الوطني الحرّ، في حملة الدفاع عن أنفسهم وتبرير فشلهم في الوزارات.

عويجان.. القضية المفتاح
إلا أنّ القضية المفتاح في السجال بين بو صعب والمجذوب تتمثّل بالقرار الذي صدر عن الأخير قبل شهر بإقالة رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، ندى عويجان. فقال المحذوب إنّ عويجان "طلبت 32 مليون دولار لتمويل مشروع واحد. وأنا رفضت ذلك لأنه رقم مبالغ به، وفيه هدر". وكشف أن الوزير السابق إلياس بو صعب اعتبر رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ندى عويجان "خطاً أحمر". وتابع: "ندى عويجان​ هي ابنة خال الوزير السابق الياس بو صعب، وهو قال حرفياً لي، بأنها خط أحمر، وأنا قلت له بأن الخط الأحمر هو 300 ألف طالب لبناني وليس موظفة في وزارة التربية".

رد بو صعب
على الفور، شنّ وزير التربية الأسبق إلياس بو صعب هجوماً عنيفاً على المجذوب. فاعتبر أنّ "المجذوب هو الذي يعرقل صرف المبلغ الذي أقره مجلس النواب، لتطبيق مناهج تفاعلية إلكترونية في المدارس الرسمية". وأضاف أنه "لا اعتقد أنّ المجذوب يعرف كيف يتصرف بهذه الأموال وهو لا يملك القدرة على إدارة هذا الملف. ولذلك رمى المسؤولية على المركز التربوي الذي قام بعمله بالنهاية". ومن هنا دخل بو صعب إلى القضية المفتاح، ندى عويجان، فقال "فليحققوا مع ندى عويجان، وأصلاً هم حققوا، وتبين أن الوزير زوّر الإقالة، وهناك شكاوى بحقه من أكثر من موظف، وأنا لم أرسل له رسالة إطلاقاً، ولم أقل عن أحد خط أحمر، ولم أكلمه إطلاقاً". وعارض نفسه متابعاً أنه "لم أتكلم منذ أشهر مع المجذوب لأنه أخذ وزارة التربية إلى مكان لم يرحم فيه الطلاب ولا الأهل ولا المدارس الخاصة ولا المدارس الرسمية وفقدت الأمل منه، وهو معرقل بطبيعته،". لا يدّعي بو صعب أنه أفضل وزراء التربية "لكن الأكيد أنّ المجذوب أفشل وزير تربية على الإطلاق".  
وعدا منطق "ما خلّونا"، استخدم بو صعب منطق الـ"لو" مشيراً إلى أنه "لو صرفت المبالغ الموجودة في مصرف لبنان، والتي قمت برصدها في وزارة التربية حينما كنتُ وزيراً، وهي مخصصة لتطبيق البرامج التفاعلية في المدارس الرسمية، لكنا انجزنا التعليم الالكتروني عن بعد، وكنا أمنا اجهزة كمبيوتر لكل الطلاب في المدارس الرسمية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024