الجنوبيون بلا مستشفيات: ضاع "القطري" و"خروبي" يعالج مجاناً بالبيوت

إيمان العبد

الإثنين 2021/01/18
"والدي مصاب كورونا. يعالج في المنزل. حالته حرجة. لا مكان شاغر في أسرة العناية الفائقة في مستشفيات النبطية. كل ما يمكن فعله هو انتظار وفاة مريض ما في العناية، لشغور سرير فيها". هذا ما قاله رئيس اتحاد بلديات الزهراني علي مطر لـ"المدن"، واصفاً هول الكارثة الصحية التي تمر بها مناطق الجنوب بعد الانتشار الكبير لفيروس كورونا، وقلة المستشفيات الخاصة والحكومية التي تستقبل مرضى كورونا.

انتظار وفاة مريض
يعاني الجنوب من افتقاده لمستشفيات تكفي عدد الإصابات التي تصاعدت مؤخراً. ففي النبطية مثلاً لا يوجد سوى مستشفيين لمعالجة مصابي كورونا: المستشفى الحكومي ومستشفى راغب حرب. وبينما يضم المستشفى الحكومي 38 سريراً بينها 22 للعناية المركزة، تحتوي مستشفى راغب حرب على 31 سريراً بينها 18 للعناية الفائقة ممتلئة بالكامل. والمرضى الذين يتوجهون إلى هذه المستشفى ينتظرون شغور سرير، ما يعني انتظار وفاة مريض في العناية. حتى أن المستشفى أعلنت منذ أسبوع عدم قدرتها على استيعاب المزيد من مرضى كورونا.

هذا فيما حالت الخلافات بين وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة دون تجهيز أسرة في الوقت السابق بسبب عدم دفع المستحقات. وهذه حال مستشفى النجدة الشعبية، الذي جهز قسماً خاصاً فيه ست أسرة، من ضمنها أسرة العناية الفائقة، ستفتتح هذا الأسبوع، بعد استكمال كل التجهيزات. 

بين صور وصيدا
أما في صور، فالوضع كارثي. فهناك لا يوجد مستشفى حكومياً، بل ثلاثة مستشفيات خاصة فيها بعض الأسرة لعلاج مرضى كورونا، بينها فقط سريرين للعناية الفائقة في المدينة كلها. والمستشفيات التي تستقبل مرضى كورونا هي حيرام وجبل عامل والمستشفى اللبناني الإيطالي.

وعلى العكس من ذلك، يوجد في صيدا مستشفيات عدة لعلاج مرضى كورونا على رأسها مستشفى صيدا الحكومي ومستشفيات أخرى مثل حمود ودلاعة، افتتحت مؤخراً بعض الأسرة، ومستشفى الراعي وغيرها. وهذا حمل أهالي صور على الانتقال إلى صيدا للعلاج. فعلى طول خط منطقة ساحل الزهراني ليس من مستشفى حكومي أو خاص مجهز لعلاج المصابين. فمستشفى الصرفند الحكومي لم ينجز بناؤه بعد، ما يعني أنه غير قابل للتجهيز. والمستشفيان الخاصان لم يجهزا أقسام مخصصة لكورونا، بسبب الصعوبات المادية التي يمران بها، ومنهما مستشفى خروبي في الصرفند. 

علاج في المنازل
معظم مرضىى كورونا في الجنوب وفي منطقة الزهراني تحديداً يتلقون علاجهم في المنازل. علماً أن الزهراني تسجل حوالى 18 قرية فيها أكثر من 50 إصابة يومياً، عدا عن حالات الوفاة. ورغم حاجة كثيرين للمتابعة اليومية والعناية اللازمة، لا مكان شاغراً في المستشفيات المجاورة، وفق علي مطر رئيس اتحاد بلديات الزهراني. وهو أضاف أن اتحاد البلديات كان قد تقدم بطلب لوزارة الصحة العامة للمساعدة في تجهيز مستشفى الخروبي الخاصة، كبديل عن مستشفى الصرفند الحكومي. وذلك لتخفيف الضغط عن مستشفى النبطية الحكومي ومستشفى صيدا. لكن الوزارة لم تتجاوب مع الطلب حتى الآن.
ووفق مصادر طبية عانى مستشفى خروبي من هدر وخلافات في الهيئة الإدارية أدت إلى إفلاسه. كما أدى غرق المستشفى بالمياه عام 2012 إلى أضرار كبيرة وخسائر مادية فادحة فيه، ولم تقدم الهيئة العليا للإغاثة أي تعويض له.
لكن حيال الكارثة الصحية التي بدأت تهدد أهالي المنطقة، بادر "خروبي" بإمكانيات متواضعة إلى متابعة مرضى كورونا في المنازل. وتقديم خدمات طبية مجانية، رغم غياب الدعم من وزارة الصحة.

واعتبر مدير المستشفى علي خروبي، في حديث لـ"المدن"، أن هذه المبادرة أتت انطلاقاً من الواجب الإنساني، موضحاً أن لا قدرة مادية للمستشفى على تجهيز أقسام مخصصة لمرضى كورونا. فلجأ إلى هذه الطريقة لسد الفجوة الصحية الموجودة في المنطقة.

خلافات الثنائي
وفي ظل تفشي الوباء، يعاني الجنوبيون من غياب مستشفيات كافية. فالمستشفيات القليلة المتوفرة، غير كافية، وخصوصاً في صور والنبطية، حيث ارتفع عدد الإصابات في بعض القرى، التي كانت بمنأى عن الإصابات، إلى أكثر من 130 مصاباً، يحتاج بعضهم لدخول المستشفيات. هذا في وقت امتلأت الأسرة في المركزين الصحيين الأساسيين في النبطية.

ورغم الكارثة التي حلت في الجنوب، أسوة بباقي المناطق اللبنانية، حالت الخلافات السياسية بين الثنائي الشيعي، دون تشييد المستشفى الميداني المقدم من دول القطر، والذي كان من المفترض أن يشيد صور لاستقبال ومعالجة مرضى كورونا. فتقرر تشييده في بيروت، ما أدى إلى ضياع فرصة "تنفس القطاع الصحي" في الجنوب، أسوة بغياب التنفس الاصطناعي لمرضى كورونا. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024