برّي يستدرج "أساتذة اللبنانية" إلى عين التينة لفك الإضراب

وليد حسين

الخميس 2019/05/30
حتى إقرار الموازنة قبل يومين، لم تستطع أحزاب السلطة الضغط على أساتذة الجامعة اللبنانية لفكّ الإضراب المفتوح. فالموقف النقابي والحقوقي الذي تسلّح به الأساتذة كان أقوى من "مونة" الأحزاب، خصوصاً أنّ الأمر يتعلّق بحقوقهم وكرامتهم. لكن الوساطات السياسيّة التي بدأت بإعطاء الوعود قد تنجح في التسلّل إلى صفوفهم وضعضعتها.

ففي موازاة الضغوط الطلّابية على الأساتذة لفكّ الإضراب، بدأت القوى السياسية بإرسال موفدين للتفاوض مع رابطة الأساتذة. ووفق مصادر مطّلعة عرضت النائبة بهية الحريري مقابلة وفد من الهيئة التنفيذية للرابطة الأربعاء، من دون وضع شروط مسبقة، للتباحث معهم في كيفية فكّ الإضراب. بينما ذهب وسيط أرسله رئيس المجلس النيابي نبيه برّي إلى وضع "شروط مجحفة"، تقضي بإعلان فكّ الإضراب من عين التينة تحديداً، مقابل إدراج بند إضافة خمس سنوات خدمة للأساتذة، التي لا تصل خدمتهم إلى 40 سنة، على جدول الهيئة العامة للمجلس النيابي.

التريث في القبول
ووفق المصادر، عارض بعض الأساتذة هذا الأمر. أولاً، لكون قرار فكّ الإضراب يجب أن يتخذ في مقر الرابطة، وليس من أمام منزل أي مسؤول. وثانياً، لكون هذه الشروط مجحفة ولا تتناول المطالب الأساسية للأساتذة، مثل الحصول على الدرجات الست، وإلغاء بند عدم التوظيف في ملاك الجامعة، وعدم اقتطاع مبلغ 10 في المئة من مساهمة الدولة في صندوق التعاضد، وعدم المسّ بميزانية الجامعة.. ولفتت المصادر إلى أنّ الرابطة ما زالت تتريّث في تحديد موعد للمقابلة. وكانت ستقبل بالشروط المجحفة، لو تمّ أقلّه إدخال المتفرّغين إلى الملاك وعدم وجود نوايا بتفريغ الجامعة من أساتذتها. فإذا استمرّ وقف التوظيف على هذا النحو لن يبقى في الجامعة، بعد خمس سنوات، حتى 1/10 من الأساتذة في الملاك، لتصبح الجامعة عبارة عن جيش من المتعاقدين. وإذ استبعدت المصادر تجاوب الأساتذة مع الشروط المجحفة التي بدأت قوى السلطة بالتفاوض عليها معهم، لفتت إلى أنّ هذه المحاولات تعبّر عن تنازل من المسؤولين، بعد أن كانوا يتجاهلون جميع مطالب الأساتذة. وبالتالي فكّ الإضراب غير ممكن إلا بقرار من الرابطة، وبحضور المتفرغين والمتعاقدين.

إلى حدّ الساعة ما زال الأساتذة متضامنون، أقلّه مع أنفسهم، قبل التضامن مع مصير جامعتهم. ويرون في الإجراءات الحكومية ضرباً لحقوقهم ومعيشتهم. حتى أنّ أحد الأساتذة ينقل امتعاض زميل له ينتمي إلى حزب الله، كان مقاتلاً في صفوفه ووضع "دمه فداء للحزب"، من عدم وقوف الحزب إلى جانبه في معركته لتحصيل حقوقه ولقمة عيش أبنائه. فجميع الأساتذة كانوا ينتظرون مواقف مغايرة من أحزابهم، في ما يتعلق بقضيّة حقوقهم الخاصّة، في الوقت الذي لم يسأل أحد منهم عن مصير الجامعة. ولكون الأساتذة لم يكونوا أداة طيّعة في يد أحزابهم، لجأت القوى السياسية السلطوية إلى الطلاب عبر المكاتب التربوية. وبدأت بتحريض الطلاب على أساتذتهم لفكّ الإضراب، خصوصاً بعد وقوف الطلاب المستقلين مع الأساتذة.

تحشيد الطلاب
وإذا كانت رابطة الأساتذة ما زالت صامدة بوجه الأحزاب السياسية، وتتسلّح بموقف طلابي داعم لحقوقهم، وخائف على مصير الجامعة التي طالها مشروع الموازنة وخفّض نحو 36 مليار ليرة من ميزانيتها، إلّا أن الخوف يكمن من تمكّن المكاتب التربوية من التأثير على الطلاب، لتشكيل حالة ضغط شعبيّة لا يستهان بها. وفي هذا الإطار، وتحت ذريعة إنقاذ العام الدراسي، وعودة الطلاب الى الدراسة حق، دعت الهيئات والمجالس الطلابية في الكليات كافة إلى "اعتصام مركزي لإنقاذ العام الدراسي وعودة الطلاب إلى صفوفهم" في مجمّع الحدث الجامعي. وتلقوا الدعم من رئيس الجامعة فؤاد أيوب، كخطيب في الاعتصام، متحجّجين بأنّ الموازنة التي رفعت إلى المجلس النيابي لم تمسّ برواتب الأساتذة وميزانية الجامعة اللبنانية، وبالتالي يجب فكّ الإضراب.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024