علماء يتجهزون لإثبات وجود أكوانٍ أخرى

سامي خليفة

الأربعاء 2019/08/14

هل هناك كونٌ أخر؟ مَن منّا لم يسأل نفسه هذا السؤال من قبل، الذي لطالما ربطناه بعالم الأحلام والأمنيات والأفكار المتكررة في الخيال العلمي، عن وجود كون آخر، يعبر عن واقع بديل ومتمايز عن واقعنا. وإن كانت هذه الفكرة تُعد للكثيرين غير واقعية أو ضرب من ضروب الجنون، غير أن علماء الفيزياء يعتقدون أن كوننا الفسيح بكل ما فيه من مجرات مهولة لا حصر لها، يوجد بالفعل مقابله أكوانٌ متوازية.

نظرية الأكوان المتوازية
أبصرت نظرية الأكوان المتوازية النور عام 1954 عندما قام المرشح لجائزة نوبل، العالم هيو إيفيرت، بالإتيان بفكرة جديدة كليّاً، تتحدث عن أن الكون الذي نعيش فيه وتحكمه قوانين معينة ليس الكون الوحيد؛ بل هناك العديد من الأكوان التي قد تحوي أشكالاً مختلفة من أشكال الحياة تشبه كوننا بالضبط، متفرعة من كوننا وكوننا متفرع منها.

عندما اقترح إيفيرت هذه الفكرة لأول مرة تعرض للانتقاد من علماء الفيزياء. وبعد عدة سنوات، تبنى عدد من الفيزيائيين هذه الفكرة حين استنتجوا صحتها انطلاقاً من مجموعة أفكار رئيسية كانت بمثابة البراهين، ومنها أن الكون في حالة تضخم دائم، يتوقف في مناطق بينما يستمر في مناطق أخرى، فالانفجار الكبير الذي خلق كوننا لم يكن الأول من نوعه، وهذه العملية مستمرة. إذ تحدث انفجارات كبيرة بشكل دائم مؤدية إلى توسع كوننا باستمرار. كما استطرد العلماء في نظرياتهم، متحدثين عن وجود عدد كبير من الأكوان، ولكل كون منها طاقة داكنة مختلفة عن الآخر.

هوكينغ وكاكو
في عام 2015 خرج العالم الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينغ بنظرية عن آلية يمكن بواسطتها استعادة أي معلومات من الثقوب السوداء. مشيراً أن المعلومات تتحول إلى شكل من أشكال الهولوغرام، أو أنها تنبثق إلى كون بديل. ولتبسيط الأمور أعرب هوكينغ  حينها عن إيمانه الشديد بوجود أكوان متوازية.

وقد شارك عالم الفيزياء النظرية الأميركي الشهير ميتشيو كاكو، هوكينغ الرأي، عبر طرح  نظرية حقل الأوتار، والتي تتحدث عن عوالم ممكنة ولا متناهية. فميكانيكا الكمّ تشير إلى أن الإلكترون لا يوجد في مكان مُحدد، بل يوجد في كل الأمكنة الممكنة حول نواة الذرة. وإذا طبقنا ميكانيكا الكمّ على الكون ككل، تصبح النتيجة أن الكون يوجد في كل الحالات العديدة والمختلفة والممكنة في آنٍ معاً. وهذه الحالات الممكنة والمختلفة ليست سوى الأكوان العديدة.

بوابة لعالمٍ موازٍ
يأمل علماء الفيزياء اليوم فتح بوابة إلى عالم موازٍ، في ما سيكون بلا شك أكبر اكتشاف علمي في تاريخ البشرية. لذلك بدأ الباحثون في الولايات المتحدة ببناء معدات يأملون أن تتيح لهم إلقاء نظرة على عالم موازٍ، ومن المقرر أن تبدأ الاختبارات في هذا العام. إذ يبحث العلماء في مختبر "أوك ريدج الوطني"، أحد أكبر مراكز التطوير وأبحاث الطاقة في الولايات المتحدة، عن "المرآة العكسية" لعكس كل شيء تقريباً، وصولاً إلى الجزيئات دون الذرية، كما لو كانت ظلاً لكوننا الخاص. وقد بدأوا بالفعل ببناء نفق بطول 50 قدماً لإجراء تجربتهم.

سيقوم العلماء خلال التجربة بإطلاق جزيئات دون ذرية أسفل النفق، حيث يوجد جدار لا يمكن اختراقه، وقد تحدثت عالمة الفيزياء، ليا بروسارد، التي تقود فريق البحث عن التجربة قائلةً أنه إذا تجاوزت الجزيئات الجدار إلى كاشف نيوتروني على الجانب الآخر، فسوف تتحول إلى صورة طبق الأصل عن نفسها. وهذا سيكون أول دليل على وجود الكون المتوازي. ما سيغير النظرة العلمية بشكلٍ جذري.

الدليل الحاسم
على الرغم من أن العلماء تحدثوا منذ عقود عن هذه النظرية، إلا أن أول دليل قوي على هذه النظرية القديمة كان بعد العثور على مكان بارد في الكون العميق عام 2015، تبلغ مساحته 1.8 مليار سنة ضوئية، حيث يوجد حوالى عشرة آلاف مجرة مفقودة. فاكتشاف البقعة الباردة كان هو المحفز لتجربة مختبر أوك ريدج الوطني، ولولا هذا الاكتشاف لكنا بقينا في إطار النظريات الفلكية.

قبل إعلان العلماء الأميركيين عن تجربتهم المدهشة، تحدث فلكيون في جامعة "دورهام" في المملكة المتحدة عن أن البقعة الباردة قد ظهرت نتيجة تصادم بين فقاعة كوننا وفقاعة كونٍ آخر. وبالتالي، إذا كان كوننا قد جاء من لا شيء وتوسع بشكل لا متناهي، فهذ يفترض وجود أكوان أخرى توسعت أيضاً، لذلك تم اعتبار البقعة الباردة من علماء الفيزياء كدليل أول على الكون المتعدد. وهذا بلا شك يعطي - وفق العلماء - إجابة قطعية على السؤال الذي طرحناه أعلاه عن وجود مليارات الأكوان الأخرى مثل كوننا.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024