شرطة بيروت تطارد السوريين و"تتعدى" على وزارة العمل

وليد حسين

الخميس 2019/06/27
فجأة استفاق ضمير بعض المسؤولين اللبنانيين وبدأوا بالبحث عن وظائف للشعب اللبناني. اكتشفوا أنّ اليد العاملة اللبنانية تعاني من مزاحمة العمالة الأجنبية. وراحوا في حمأة غير مسبوقة، دفعتهم إليها صحوة الضمير، لا رواسب العنصرية، "يلاحقون" أصحاب المؤسسات لاستبدال العمال الأجانب بعمال لبنانيين. وشاءت "الصدف" أن يكون هؤلاء العمال، المُراد استبدالهم، من السوريين.

"صحوة" بلدية بيروت
بعد الحملة "التوعوية" لشبّان التيار الوطني الحر، التي جالت على المؤسسات لتحذير أصحابها من مغبّة خرق قانون العمل في تشغيل الأجانب، كان دور وزارة الاقتصاد التي نظّمت فرقها حملة لإقفال بعض المؤسسات التي توظّف العمال السوريين، بذريعة عدم وجود مالكيها اللبنانيين فيها لحظة مداهمتها من قبل فريق الوزارة وعناصر شرطة البلديات وأمن الدولة وحتى "المواطنين". وكان قد سبق هذه الحملات إقفال للعديد من المؤسسات في معظم المناطق اللبنانية بذريعة إدارتها من قبل السوريين. أما آخر صحوات المسؤولين فتمثّلت بحملة قام بها عناصر شرطة بلدية بيروت على المطاعم والمقاهي والسوبر ماركات في مختلف أنحاء العاصمة، طالبين من أصحاب تلك المؤسسات استبدال العمال السوريين بآخرين لبنانيين، وقاموا بإقفال بعضها.

ولعل ما جاء على لسان أصحاب إحدى المؤسسات، في حديث إلى "المدن"، عبّر فيه عن مدى تخبّط المسؤولين في ظاهرة مطاردة السوريين الحاصلة في لبنان: "صرنا بحارة كل مين إيدو إلو" قال صاحب المؤسسة، محتجاً على قدوم عناصر شرطة بيروت إلى مؤسسته طالبين منه الذهاب إلى مركز البلدية للتوقيع على تعهد يقضي باستبدال السوريين لديه بعمال لبنانيين. وعندما احتج لكون هذا الإجراء من مسؤولية وزارة العمل، التي أصدرت تعميماً لتسوية الأوضاع، وليس من صلاحية البلدية، لم يكن لدى الشرطة أي إجابة. حتى أنهم أخبروه بعدم علمهم بالجهة التي أصدرت التعليمات، وقالوا له أنّ لديهم تعليمات بإقفال جميع المحلات التي توظّف سوريين، كما قال.
وأضاف صاحب المؤسسة أنه عندما ذهب للتأكد من الأمر في البلدية محتجاً على هذا التعامل كونه يشغّل خمسة عمال لبنانيين وثلاثة سوريين يعمل على تسوية أوضاعهم، بمقتضى تعميم وزارة العمل، قيل له: "ما بدنا تشغّل ولا واحد سوري". وتابع إنه صودف وجود أكثر من ثلاثين صاحب مؤسسة في البلدية يحتجّون على كتابة التعهّد، فعمل المعنيون هناك على لفلفة الأمر، وقالوا لهم أنه لا داعي للتعهد. وهذا ما جعل صاحب المؤسسة يقول: "يبدو حدن باعتهم يسكروا محلات ويتبلّوا على العالم".

القوطبة على وزارة العمل 
في ظل هذه الحمأة المدفوعة بعنصرية مفرطة تجاه السوريين، تقف وزارة العمل مشدوهة أمام هذا المشهد الغريب. ووفق أوساط وزير العمل كميل أبو سليمان "حرام أن لا يستلم بعض اللبنانيين قارّة بأكملها لإدارتها، لأن لبنان صغير عليهم".
وتابعت الأوساط بالقول، لبنان بلد العجائب فعلاً. ففي الوقت الذي بدأت فيه وزارة العمل بتنظيم سوق العمل والعمالة الأجنبية منذ قدوم الوزير، بدأ البعض بحملات إعلامية انتخابية منذ اليوم. وتختصر الأوساط المشهد بالتالي: "وزارة تقوم بعملها بصمت، وواحد عاطل عن العمل "قوطب" علينا كي يجد عملاً له".
وإذ احتجت أوساط الوزير على ما تقوم به وزارة الاقتصاد والبلديات من حملات ليست من صلاحيّتها القانونية، لفتت إلى أن وزير العمل المعني بالموضوع أصدر تعميما حتى على مفتشي الوزارة بعدم مداهمة المؤسسات أو كتابة محضر قبل نفاذ المهلة المعطاة للمؤسسات لتسوية أوضاعها وتسجيل جميع العمال بشكل قانوني. ليس هذا وحسب بل تستغرب الأوساط وضع وزارة الاقتصاد خطاً ساخناً لملاحقة المؤسسات، متسائلة: بأي حق يقومون بتلك الاجراءات. وتجيب متأسفة، هذا البلد للمنافسة الانتخابية لا أكثر، يريدون كسب المزيد من الأصوات.
تعلم وزارة العمل أن ثمة فوضى في سوق العمل تعمل على وضع حلول لها. فأصحاب المؤسسات يستسهلون تشغيل العمال الأجانب، ومن بينهم السوريين، من دون إجازات عمل بهدف التهرب من دفع الضرائب وتشغيل عمال لبنانيين دخلهم مرتفع قياساً بالأجانب. لذا أصدرت الوازرة تعاميم لتنظيم العمالة الأجنبية، ليس بهدف إيجاد فرص عمل للبنانيين فحسب بل لتنظيم القطاع وعدم تركه فالتاً، وتحمّل أصحاب المؤسسات مسؤولياتهم. وهذا مختلف بشكل كبير عما هو حاصل حالياً، كما قالت الأوساط.

ردّ المحافظ شبيب
تواصلنا مع محافظ بيروت القاضي زياد شبيب للوقوف عند رأيه بما قامت به عناصر شرطة بيروت، وطلب منّا إرسال أسئلتنا عبر منصّة الواتساب. وجاء رده كالأتي: "في إطار تفعيل عمل دوائر وأجهزة بلدية بيروت، ولا سيما الشرطة والحرس والمراقبين الصحيين ومراقبي السلامة العامة، تقوم دوريات من الأجهزة المذكورة بتطبيق القانون وقمع المخالفات في المؤسسات القائمة في بيروت ومن بين المخالفات وجود مؤسسات تعمل دون ترخيص أو دون استيفاء شروط السلامة العامة أو الشروط الصحية، مثلاً وجود عمال غير حاملين بطاقات صحية ويعملون في تحضير وتقديم الطعام أو في تماس مباشر مع الزبائن. لذلك يتم إبلاغ هذه المؤسسات وجوب استيفاء الشروط القانونية".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024