علمية أنوس "أفضل معلمة" للنازحين

جنى الدهيبي

الخميس 2017/10/12

كيف يمكن لأستاذةٍ في بداية مشوارها التعليمي أن تنال جائزة "أفضل معلمٍ في لبنان"؟

هذا السؤال، تجيب عنه أستاذة اللغة الانكليزية علمية أنوس، البالغة 23 عاماً، بعد فوزها إلى جانب 4 أستاذة آخرين، بجائزة "أفضل معلمٍ في لبنان"، في المسابقة التي أجرتها "مؤسسة فاركي"، والتي ستؤهلهم إلى خوض مسابقةٍ عالمية تحت عنوان "أفضل معلمٍ في العالم".

لكلّ أستاذٍ فاز بالجائزة قصّة نجاحه. وأنوس نالتها تقديراً لتميّزها في تعليم اللغة الانكليزية للاجئين السوريين، في مدرسة الفضيلة الرسمية في طرابلس، واعتمادها في تعليم اللغة على مبادئ اللعب والأغاني ومشاهدة الأفلام.

تروي أنوس، في حديثٍ إلى "المدن"، تفاصيل المسار الذي سلكته نحو نيل الجائزة. فهي الشابة الأميركية- اللبنانية، التي تحكي العربية بثقلٍ ولا تتقنها جيداً، وُلدتْ في أميركا وعاشت وتعلمت هناك، إلى أن بلغت 15 عاماً عادتْ إلى لبنان مع عائلتها، في حين بقي والدها يسافر للعمل.

عندما عادت أنوس إلى لبنان، كانت في الصف الأول الثانوي. "تأسستُ في أميركا وأكملتُ المرحلة الثانوية والجامعية في لبنان. ما جعلني أكتسب نظامين في التعليم". وهذا المزج بين النظامين التعليميين، دفع أنوس إلى اختيار التعليم مهنة لها. فـ"من خلال تجربتي، شعرتُ بقدرٍ من المسؤولية، بعدما التمست الفرق بين النظامين، وأن الأفضليّة للنظام الأميركي ليس لأنه الأفضل، بل بسبب الدعم الذي يحظى به في تمكين الأساتذة والطلاب، والعمل على رفع مستواهم ومقوماتهم الإدراكيّة والمهاراتيّة. لكن ذلك، لا يعني أننا غير قادرين على أن نكون مثلهم، فلدينا طلاب أقوياء، لكن نحتاج إلى ابتكار أساليب ترفع مستوى النظام التعليمي، الذي يشكو من الضعف والبطء في تطوير أفقه".

تخصصت أنوس في مجال التربية، وتابعت دراستها في جامعة البلمند. وبعد تخرجها في العام 2016، التحقت بمنظمة مدنية، بعد تخطيّها كلّ المراحل الاختباريّة، وخضوعها إلى دورةٍ تدريبيّة لمدّة 6 أسابيع بشأن طرائق التعليم وكيفية التواصل مع التلاميذ في المدارس الرسمية وشبه المجانيّة.

عندما بدأت أنوس رحلتها في التعليم السنة الماضية، كانت مصرّة على اعتماد مبدأ التغيير وابتكار طرائق تعليميّة لم يعهدها التلاميذ سابقاً في المدارس الرسميّة. "استملتُ صفّ الثامن في المرحلة المتوسطة، وكانت أعمار تلاميذي تراوح بين 13 و18 عاماً. وحين دخلتُ الصفّ للمرة الأولى، كان معظم التلاميذ من غير الناجحين في اللغة الانكليزية، ويائسين من قدراتهم على تعلّمها، وغير راغبين بحضور صفّ الانكليزي".

في المرحلة المتوسطة، وفق أنوس، يحتاج التلاميذ إلى اللعب مثل الأطفال. "بدأتُ أحضر لهم دروساً أعطيها عبر اللعب وسماع الموسيقى وقراءة القصص بطرقٍ عدّة يكتسبون من خلالها المفردات والقواعد اللغوية. كذلك، لم أبدأ معهم من المقرر في المنهاج، إنما بدأت من الصفر وعملت على تأسيسهم من جديد كأنهم في الصف الأول، حتّى ينطلقوا جميعاً من المستوى نفسه، ولكيّ يبقوا على الموجة ذاتها. وهذا ما أعطاهم حافزاً كبيراً وأعاد ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم".

الأسلوب الجديد، ساعد التلاميذ على تحسين علاماتهم وإحرازهم تقدماً ملحوظاً. بعد ذلك، "أصبحوا يعبرون عن رغبتهم في حضور حصّة الانكليزي، ويسألون عن الأفكار التعليمية الجديدة التي أنوي تقديمها لهم، بسبب اعتمادي على النشاطات الإضافيّة خارج المنهاج، قبل الدوام وبعده، وسعيي إلى إعطائهم هامشاً واسعاً للتعبير عن أنفسهم".

تفتخر أنوس بتلاميذها السوريين. "أشعر بإنجازٍ إضافي، وهم شركاء في صناعة نجاحي". فـ"أغلب التلاميذ اللاجئين يعانون من ظروف معيشية صعبة، وأتوا من سوريا حاملين مشاهد قاسية من الحرب أثرت في سلوكهم وكبلت قدراتهم على التعبير عن أنفسهم. ومعظهم يعمل إلى جانب دراسته لمساندة أهله، ولا يجدون وقتاً للدرس والتركيز. ما يتطلب منّا جهداً مضاعفاً كي لا يفقدوا الأمل".

خاضت أنوس مسابقة "أفضل معلم في لبنان"، بعدما وصلتها رسالة عنها عبر البريد الالكتروني. "تحمستُ للتقديم، وتمنيّت أن أكون من بين هؤلاء الأساتذة. وكانت الأسئلة ترتكز على تجربتنا وخبرتنا وأهدافنا كمعلمين حاليين ومستقبليين". لقد "قلتُ لهم إن أحد أهدافي في المستقبل، أن أكون مشرفة على وضع المناهج التعليمية في وزارة التربية، التي تحفز الأساتذة على تعليمها، والتلاميذ على اكتسابها".

وعن المسابقة العالمية للفوز بلقب "أفضل معلمٍ في العالم"، التي يفترض أن تصدر نتائجها في آذار 2018، "من المفترض أن نجيب عن أسئلة كثيرة بشأن أعمالنا الصفيّة وطرائق إعدادنا الدروس، وطلبوا إرفاقها بصور وفيديوهات من داخل الصف".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024