كيندا الخطيب أمام القضاء.. وجَلْدُها الأمني مستمر في الإعلام

المدن - مجتمع

الإثنين 2020/06/22
ادّعى مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، على الناشطة الموقوفة كيندا الخطيب، بجرم التعامل مع العدو ودخول الأراضي الفلسطينية المحتلة والتعامل مع جواسيس العدو الإسرائيلي والمتعاملين لمصلحته. وأحال القاضي عقيقي المدعى عليها مع الملف إلى قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان، وطلب استجوابها وإصدار مذكرة توقيف وجاهية في حقها.

تحقيق أولي
لم يكن بمقدور القاضي عقيقي إلا الادّعاء على الخطيب، وإلا تمّ أطلاق سراحها. ادّعاء من المفترض أن يسلك مساره القانوني والقضائي، ويبقى في إطار الاتّهام، غير مثبّت بانتظار الحكم والبتّ فيه في جلسات لاحقة سيحدّدها القضاء العسكري في ساعات قريبة. فمن المفترض أنّ تحضر الخطيب جلسة تحقيق أولى "غداً الثلاثاء أو بعد غد على أبعد تقدير" بحسب ما قالت وكيلتها القانونية لـ"المدن" جوسلين راعي. وأكدت الراعي أنه تمّ "الادعاء على كيندا بمواد التعامل مع العدو"، رافضةً الغوص في تفاصيل القضية، لما في ذلك من تدخّل في سير التحقيق والملف. لتؤكد راعي على ثقتها بالقضاء "لإنه إذا لم نكن نثق بالقضاء فثمة مشكلة، وحينها الأفضل لنا أن لا نعمل في مجال القانون".

تكتّم إعلامي
وعمّمت راعي على أفراد عائلة كيندا والمقرّبين منها عدم التحدّث في الإعلام والتطرّق إلى الملف القضائي، وترك الأمور في المسار القانوني البحت. ولو أنّ العديد من التسريبات خرقت سريّة التحقيقات منذ اليوم الأول لتوقيف كيندا وشقيقها بندر، تحديداً لجهة نشر ادعاءات اعترافها بكل ما نسب إليها من اتهامات، ثم اتهامها بتسهيل تعامل أحد الصحافيين مع الإسرائيليين ومساعدته على الظهور الإعلامي على إحدى القنوات الإسرائيلية (!).

تسريبات مستمرّة
كما أنّ من بين التسريبات معلومات تناقلتها مواقع إلكترونية عن "علاقة غرامية تربط الخطيب بأحد الأشخاص في فلسطين المحتلة"، وأنها كانت "تتلقى مبالغ من المال لقاء الخدمات التي كانت تقدّمها". في ملف كيندا الخطيب، أكثر ما يثير التساؤلات، ترك أخيها بندر الذي تم توقيفه في المداهمة نفسها التي نفّذها جهاز الأمن العام الخميس الماضي. مع العلم أنّ بندر وكيندا زارا الأردن عام 2019، بينما تشير التسريبات المستمرة لمضمون التحقيق أنّ كيندا متّهمة بزيارة الأراضي المحتلة في شهر كانون الثاني من العام الجاري.

العيتاني مجدداً
كل هذا يبقى في إطار التسريبات ولغة المصادر وفبركاتها، وما فيها من تهويل وتسويق واستباق للقرارات القضائية. قد يكون كل هذا صحيحاً، وقد يكون كل ما سبق ذكره لا يأتي إلا في إطار ممارسة الضغط والترويج في عملية مصادرة العقول، وكبت أي ردّ فعل تضامني مع الخطيب أو غيرها من الموقوفين. لا يمكن إلا وأن يعيدنا واقع التسريبات والضخ الإعلامي إلى قضية الفنان زياد عيتاني في تشرين الثاني 2017. جنّده مخبرون إسرائيليون، أوقعته "حسناء" إسرائيلية بفخ العمالة، التقى مشغلّيه في إسطنبول، قبض تحويلات مالية مقابل عمالته، تجسّس على وزيرين في الحكومة. أما باقي القصة فمعروفة.

مجد اتهامات العمالة
ولا تعيدنا هذه الأجواء أيضاً إلا إلى أجواء مطلع الألفية مع التوقيفات والمحاكمات التي خضع لها صحافيون عديدون معارضون للنظام الأمين حينها بتهم العمالة لإسرائيل. علّ أبرز وجهين لتلك التوقيفات توفيق الهندي وحبيب يونس. ومن جملة الاتهامات التي وجّهت لهما الاتصال بالعدو الإسرائيلي ودس الدسائس لديه، لمعاونته على فوز قواته ودخول بلاده وتأليف جمعية بقصد النيل من سلطة الدولة وهيبتها وتعكير صلات لبنان بدولة شقيقة وعلى إفشاء معلومات لمصلحة العدو.

كيندا الخطيب عميلة أو بريئة، الملف يحسمه القضاء. لكنّ الأكيد أنّ الثقة معدومة بالأجهزة الأمنية. ملفات التلفيقات والقصاص الأمني من معارضين أو ناشطين تتكاثر، في حين أنّ صفقات تتمّ لإطلاق عملاء إسرائيل، منهم من رحّل كعامر الفاخوري ومنهم من لا يزالون هنا، في منازلهم وقراهم. فثمة مناخ أمني أعادنا إلى مطلع الألفية، كل التوقيفات والاستدعاءات وماكيناتها الإعلامية تشير إلى ذلك.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024