"بيروت مدينتي".. مستمرة

يارا نحلة

الثلاثاء 2016/05/10

الثامن من أيار هو تاريخ حاسم، دخل فيه العمل السياسي والبلدي في لبنان، وفي بيروت خصوصاً، منعطفاً جديداً ينبئ بتغيير آتٍ في المعادلات وموازين القوى بالنسبة إلى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. وذلك مع تحقيق لائحة "بيروت مدينتي" نتائج باهرة في أقلام الإقتراع في مواجهة محدلة الأحزاب المتحالفة. هكذا، ترى "بيروت مدينتي" اليوم الانتخابي في بيروت، وهذا ما عبّرت عنه في مؤتمرها الصحافي، الذي عقد الثلاثاء، في مركزها في بدارو، وسط أجواء احتفالية وتبادل للتهاني.

وبعد تأخّر صدور نتائج الانتخابات البلدية وإعادة فرز عدد من الصناديق، وبعدما كانت الأحزاب اللبنانية، ولا سيّما "تيار المستقبل"، قد إاتفل بنصره "الكاسح"، أعلنت النتائج الرسمية صباح الثلاثاء، ليتبيّن أن "بيروت مدينتي" قد حصلت على 40% من الأصوات، ما اعتبرته الحملة إنتصاراً لها، خصوصاً أن الأصوات التي حصدتها "كانت كفيلة بدخول عشرة أعضاء منها إلى المجلس البلدي لو كان القانون الانتخابي عادلاً ونسبياً"، وفق ما جاء في بيان الحملة. وعلاوة على ذلك، أثبتت الحملة شعبيتها، من خلال تفوقها على كلّ حزب منفرداً، وهذا ما أثبتته الأرقام، إذ إن الفارق بين "لائحة البيارتة" و"بيروت مدينتي" لم يتجاوز العشرين في المئة.

32 ألف صوتٍ انتخبوا "بيروت مدينتي"، وهي نتيجة أفضل مما كان متوقعاً حتى بالنسبة إلى الحملة نفسها، بحسب مرشحتها فرح قبيسي، التي اعتبرت، في حديثٍ لـ"المدن"، أن "ما حصل تاريخي، فحملة مدنية من خارج الإصطفافات الطائفية والعائلية استطاعت مواجهة محدلة السلطة ومحاصصاتها، وهو إنجاز بالنسة لكلّ الذين يريدون بديلاً مدنياً". أعادت هذه الدورة من الانتخابات، وفق قبيسي، للمواطنين ولا سيّما الشباب الذي كانوا غير مؤمنين بالعمل البلدي، إيمانهم به وتقديرهم له، فـ"قد اكتشفنا في الحراك الشعبي أهمية دور البلدية، وما يمكننا تحقيقه من خلال مشاركتنا في المجلس البلدي، وقد كانت أحد أسباب تحقيقنا هذا العدد من الأصوات هو وجودنا على الأرض وتواصلنا مع سكان الأحياء في الحراك وبعده"، وفقها.

لكن نسبة التصويت في بيروت لم تتعدَّ العشرين في المئة، وهو أمر يعبّر عن الإستياء الشعبي للبيروتيين واحتجاجهم على السلطة الحاكمة، كما تقول قبيسي. لكن عدم تجيير هذه الفئة صوتها لـ"بيروت مدينتي" هو مؤشر أيضاً لضعف إيمانها بالحملة. وعليه، تقرّ قبيسي بأن "كثيرين لا يزالون غير مؤمنين بالبديل. لذا، فأمامنا مهمة لإثبات أنفسنا كبديل جدي، وهذا ما يحتاج إلى وقت".

المعركة مستمرة إذاً، والانتخابات البلدية لم تكن خاتمتها، وإنّما مجرّد محطة. أما عن الدور الذي ستلعبه "بيروت مدينتي" في المرحلة المقبلة، فتقول قبيسي: "سنكون العين الساهرة على حسن سير العمل البلدي، وسنكون في المرصاد للمجلس البلدي، في حال تقصيره في مهماته، أو تماديه في الممارسات غير الشرعية، وسنطرح مشاريع تنموية وسنناضل من أجل تنفيذها".

وأشارت "بيروت مدينتي" في بيانها إلى حصول تجاوزات جسيمة وتباطؤ في عملية الفرز ومحاولات لحجب الأصوات وعدم احتسابها نتيجة الاهمال وسوء النية وعدم الفاعلية، محملة وزارة الداخلية مسؤولية ذلك. ولفتت إلى أن مندوبي الحملة وممثليها القانونيين استطاعوا استعادة بعض من هذه الأصوات المهدورة، التي ساهمت في "إسقاط هيبة المحدلة في بيروت". لكن رغم هذه المخالفات ومحاولات التزوير التي جرت، لم تجزم الحملة سعيها إلى تقديم أي طعن، وهي لا تزال تدرس خياراتها المتاحة.

والحال أن الانتخابات البلدية أعادت الأمل إلى شباب لبنان والطامحين بالتغيير. وهذا ما عبّرت عنه نعمت دوغان، إحدى الناشطات في الحملة، بقولها "استطاعت هذه الحملة تحقيق نجاح بارز في مواجهة أشخاص لديهم خبرة واسعة في إدارة الحملات الانتخابية، وفي الإستفادة من الناس بأساليب ملتوية".

أما عن شباب جيلها الذين لم يبدوا دعمهم لهذه الحالة التغييرية، فتقول دوغان إن "على كل من لم يتجرأ بالإدلاء بصوته أن يعيد حساباته، فكل صوت له أثر". ويرى ناشط آخر في الحملة أن "ما جرى في هذه الدورة الانتخابية هو سابقة ليس لناحية النتائج فحسب، إنما لجهة إيلاء أهمية للبرامج الانتخابية أيضاً، وهو أمر لم يحدث من قبل. وأبرز دليل على أهمية مواصلة بيروت مدينتي مسيرتها، هو أن ما وصلت إليه حتى اليوم هو نتيجة تراكم للنضال، ودروس تعلّمناها من إخفاقاتٍ سابقة، لذا لن نتوقّف هنا".

أخيراً، دعت "بيروت مدينتي" أهالي بيروت إلى مشاركتها في الاحتفال بـ"إنجازها الانتخابي" وذلك في الساعة السادسة من مساء الخميس 12 أيار 2016، على أن يحدد مكانه في وقت لاحق.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024