طلاب لبنان ينتفضون ضد رفع الأقساط وجامعاتهم

علي نور الدين

السبت 2020/12/12

لا يبدو أن طلاب لبنان، وتحديداً المجموعات العلمانيّة المستقلّة التي اكتسبت زخماً كبيراً في المرحلة الماضية، في وارد هدر الكثير من الوقت قبل خوضهم المعركة المقبلة. فـ"إعلان طلاب لبنان" الذي حدث ظهر اليوم السبت 12 كانون اللأول 2020، لم يكن سوى إشارة إلى إدراك المجموعات حساسيّة استحقاقات المرحلة: بين الطاقة الكبيرة الكامنة في الوسط الطلابي، وخصوصاً بعد ما عكسته نتائج الانتخابات الطلابيّة من نفس ثوري في الجامعات، وبين التحديات الكبيرة التي يمر بها الطلاب، سواء في ما يتعلّق بأزمة الأقساط في الجامعات الخاصة، أو في ما يخص أزمة الجامعة اللبنانيّة.

مواجهة التحديات
نظّمت شبكة مدى الإعلان المشترك ظهر اليوم السبت في مسرح دوّار الشمس. وتخللت المناسبة تلاوة نص الإعلان، إضافة إلى كلمات مقتضبة لناشطين من الجامعات الخاصّة، فشرحوا ظروف نشاطهم المطلبي والسياسي. وانتهت الكلمات بالتشديد على أهميّة التصعيد المشترك في مواجهة التحديات التي يمر بها الطلاب في جميع الجامعات. واتفقت المجموعات المشاركة على عقد اجتماع مساء اليوم نفسه، بعيداً من الإعلام، للاتفاق على شكل هذا التصعيد وأهدافه وأفقه. وبإختصار لم يكن إعلان اليوم سوى إعلان مجابهة مشتركة للاستفادة من ما حققته المجموعات خلال الفترة الماضية.

شعيا اليسوعية
وتلى الطلاب كلمات وكان لافتاً حجم تفاعل الحضور الكبير مع كلمة رئيس النادي العلماني في الجامعة اليسوعيّة شربل شعيا، خصوصاً أن شربل تعرّض قبل وبعد الانتخابات في اليسوعيّة لحملة تهديدات طالته وطالت سمعته من قبل بعض الأطراف السياسيّة التي تضررت من نجاح النادي في الانتخابات. وبعد حديثه عن تجربة النادي في اليسوعيّة، اعتبر شعيا أن مواجهة قرارات الأقساط الأخيرة في الأميركيّة واللبنانيّة الأميركية، واجب على جميع الطلاب اليوم، لأن مرور هذه القرارات بسلاسة في الجامعات يعني تطبيق القرارات لاحقاً في جميع الجامعات اللبنانيّة.

وفي المحصّلة، اعتبر شعيا أن المطلوب هو إطلاق حركة طلابيّة موحدة على إمتداد جامعات لبنان.

الأميركية واللويزة
أما كلمة رئيس المجلس الطلابي في الجامعة الأميركيّة في بيروت، المنتمي إلى النادي العلماني، فعكست إصراراً شديداً على فرض تراجع الجامعة عن قرار رفع سعر صرف الدولار المعتمد لتقاضي الأقساط. كما طرقت كلمة رئيسة النادي العلماني في جامعة سيدة اللويزة إلى نضال النادي اليوم لفرض إجراء الانتخابات الطلابيّة، خصوصاً أن آخر انتخابات جرت في الجامعة كانت منذ سنتين، فيما تعمد الجامعة لتجاهل مطالب الطلاب الذين ينادون بإجراء الانتخابات هناك.

اللبنانية والأندية الجديدة
ومن الجامعة اللبنانيّة خرجت ممثلة تكتل الطلاب بكلمة لافتة، لخصت فيها مشاكل جامعتها بشكل سريع، فيما أعلنت دعم طلاب الجامعة اللبنانيّة لمطالب الجامعات الخاصة.

إضافة إلى هذه الكلمات، تضمّن اللقاء كلمات عديدة لممثلي الأندية العلمانيّة الجديدة التي يتم تأسيسها حاليّاً بدعم من شبكة مدى، في الجامعة اللبنانية الأميركية وجامعة البلمند والجامعة اللبنانيّة الدوليّة وجامعة الروح القدس وغيرها. وبعد إنتهاء هذه الكلمات، فتح المنظمون المجال لنقاش مفتوح بين الحاضرين، فأضاف العديد من الطلاب الحاضرين مطالب وخطوات مقترحة للتصعيد.

الخطوات المقبلة
من الواضح من صيغة اللقاء، وروحيّة الكلمات، ومضمون الإعلان، أن النوادي الحاضرة تدرك جيّداً حجم الزخم الذي استفادت منه بعد الانتصارات الانتخابيّة الأخيرة. وتدرك المجموعات حجم التحديات التي تلوح في الأفق، والتي بات بعضها يهدد قدرة الطلاب على متابعة الدراسة في جامعاتهم. ولذلك يبدو أن منظمي الاجتماع أرادوا من الإعلان أن يطلق شرارة بداية عاصفة طلابيّة قادمة في وجه جميع هذه التحديات.

عمليّاً، ينعقد اجتماع مساء اليوم بين كل المجموعات التي حضرت اللقاء، ويبدو أنها تحضّر للتفاهم على الخطوة الاحتجاجيّة المقبلة، إضافة إلى خارطة طريق تحدد أهداف التصعيد وآليّاته. وبحسب مصادر شبكة مدى، هناك اتجاه عام لدى معظم المجموعات للتصويب على دور وزارة التربية بالتحديد، لدفعها لتحمّل مسؤوليتها في موضوع مراقبة أداء الجامعات الخاصة وطريقة تعاطيها مع طلابها. إضافة إلى دور الوزارة في كل ما يتصل بالجامعة اللبنانيّة. وبذلك، يمكن القول أن الخطة تقضي بمتابعة عمل كل مجموعة داخل جامعتها للضغط في اتجاه إلغاء قرارات زيادة الأقساط أو منح حدوثها، فيما يتركّز الجهد المشترك على دور الوزارة في فرض تراجع الجامعات عن هذه القرارات.  

نص الإعلان
الإعلان الذي تُلي في بداية اللقاء، ركّز على التحديات التي مرّت بها الشريحة الطلابيّة منذ نهاية الحرب، في ظل "النظام السياسي الذي تعامل مع الطلاب بوصفهم مشاريع هجرة"، سواء من خلال النظام الاقتصادي الريعي الذي لم يخلق فرص عمل للطلاب. أو من خلال الاهمال التاريخي المتعمّد للتعليم الرسمي والجامعة اللبنانيّة.

وركّز الإعلان على مسألة غياب وزارة التربية والتعليم العالي عن مسألة تنظيم التعليم العالي الخاص، وعدم تدخّلها في استفراد الجامعات الخاصّة بطلابها في كل ما يتعلّق بالأقساط والحريات داخل حرم هذه الجامعات. وفي المحصّلة اعتبر الإعلان أن لحظة 17 تشرين الأوّل عكست تحوّلاً كبيراً في نظرة اللبنانيين للنظام السياسي. ولعب الطلاب "إلى جانب الفئات الاجتماعيّة المختلفة دوراً أساسيّاً في إضاءة الأمل بأن اللبنانيين يرفضون الإذلال والإفقار والموت".

وبعد تشخيص الواقع، إنتقل الإعلان إلى تلاوة المطالب التي ستشكّل عناوين المواجهة بالنسبة إلى هذه المجموعات. ففي موضوع الأقساط ودولرتها، وتحويل سعر الصرف المعتمد لتقاضيها، طالب الإعلان بتدخّل فوري لوزارة التربية والتعليم العالي، لفرض تجميد الأقساط بالليرة اللبنانيّة في فصل الربيع المقبل، على أن لا تجري أية زيادة بعد هذا الفصل إلا بعد التفاوض والتفاهم مع الطلاب، ووفقاً لحاجات الجامعات الفعليّة. وإعتبر الإعلان أي قرار يقضي بزيادة الأقساط من دون التفاهم المسبق مع الطلاب، هو قرار ساقط وغير مشروع، ولا يجب تنفيذه.

العنوان الثاني الذي رفعه الإعلان، تعلّق بفكرة العقد الطلابي والذي تطالب به المجموعات العلمانيّة منذ سنوات. وطالب والإعلان ببدء العمل على تشريع مناسب في المجلس النيابي، لفرض مبدأ العقد الطلابي في جميع جامعات لبنان. مع العلم أن هذا العقد يُفترض أن يوقّع بين إدارة الجامعة والطالب عند دخوله إلى الجامعة، على أن يحدد العقد نسبة الزيادة القصوى المتوقعة في الأساط، إضافة إلى حقوق الطالب وحرياته في العمل النقابي داخل الجامعة، وحقه في الإدارة التشاركيّة التي تضمن مشاركته في إتخاذ القرارات الحساسة والمصيريّة.

أما في ما يخص الجامعة اللبنانيّة، فطالب البيان بوضع رؤية متكاملة للنهوض بالجامعة اللبنانيّة، في ظل التقديرات التي تتوقّع زيادة هائلة في أعداد طلابها بالتوازي مع الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل اليوم. وطالب البيان بأن تشمل هذه الرؤية التأكيد على استقلاليّة الجامعة وإخراج هيئتها التعليميّة من نظام المحاصصة المدمّر. كما طالب بتعزيز ميزانيتها وتوفير الموارد الماليّة الكفيلة بتحقيق جميع حاجاتها الأساسيّة، من دون أي نقصان، ومن دون أن يتأثّر واقع الجامعة بأي سياسات تقشفيّة. ولم يفت مطلقي الإعلان المطالبة بإجراء الانتخابات الطلابيّة، مع تكريس صلاحيات المجالس المنتخبة ليكون الطلاب جزء من القرارات الأساسيّة داخل الجامعة اللبنانية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024