هذا ما اكتشفه شبان عكار في قلعة آل سيفا

بشير مصطفى

الأحد 2018/04/15

في أحد تلال عكار العتيقة، تنتصب قلعة آل سيفا شاهداً على التاريخ السياسي العريق لهذه المنطقة. ويتناقل كبار السن في عكار عن أجدادهم خبرية تؤكد أن الأمير فخرالدين هدم الجزء الأكبر من هذا الحصن الذي آوى المتمردين على حكمه، ونقله إلى مركز إمارته وبنى منه قصر بيت الدين.

ويروى أن مؤسس هذا الحصن رجل يدعى "محرز بن عكار"، كان يتزعم الثائرين والذي تعود إليه نسبة وتسمية منطقة عكار. وتحوّل هذا الحصن إلى ميزان للقوى في هذه المنطقة، فمن يحوز عليه يملك السيطرة على المحيط. وتؤكد الدكتورة سعاد الأسعد أن هذا الحصن، الذي تعود ملكيته اليوم لعائلة أحمد علي أسبر من أحفاد آل سيفا، كان مسكناً لفرسان سان جيل أيام الصليبيين، ومن ثم إسترده السلطان قلاوون بعد فتحه مدينة طرابلس.

وصل هذا الحصن اليوم إلى مرحلة الشيخوخة. وحدها القناطر والبرج الذي يبلغ ارتفاعه 14 متراً يراقبون بصمت ما يجري في المحيط. كأن حجارته تقول إن العز الذي عاشته عكار إبان حكم آل سيفا بات ذكرى، وأن المنطقة فقدت وزنها السياسي و حصتها من التنمية منذ أن فشل في الصمود بوجه الولاة الخصوم. وتشير الأسعد إلى أنه لا يمكن تأكيد صحة نقل فخرالدين حجارة الحصن إلى مقر الإمارة المعنية في جبل لبنان، لأنها وأثناء إعدادها لكتابها عن إمارة آل سيفا لم تعثر في المخطوطات ما يؤكد ذلك، بإستثناء أنه غزا عكار في العام 1598 وهاجم الحصن ودمر الجامع والتكية.

في المقابل، تشير إلى أن آل سيفا حكموا عكار لنحو 500 سنة، حيث كانت عكار مقراً لإدارة المنطقة الممتدة من نهر الكلب إلى أنطاكيا لغاية العام 1639، عندما قضى باشا طرابلس على الأمير سليمان سيفا ونهبت عكار وشرّد أبناء آل سيفا إبان حكم الدولة العثمانية.

وعُثر في هذا الحصن على مجموعة كبيرة من النقود المسكوكة وقطع العملة المعدنية، وكثير من النقوش التي تؤكد المكانة التاريخية لمنطقة عكار وهذه القلعة.

ويعاني الحصن إهمالاً كبيراً بدأ مع تدمير فخرالدين الجامع والتكية وأجزاءً من الحصن، ووصل الاهمال اليوم إلى حده الأقصى حيث تغطي الأعشاب كثيراً من أجزائه. وما زاد من إبتعاد الناس عنه، وحتى جهلهم بتاريخه، صعوبة الوصول إليه ووعورة طريقه، التي لا يمكن أن يسلكها غير المشاة من أصحاب الهمم وبعض الدواب.


وتتحمل الدولة جزءاً من مسؤولية الوضع الذي آلت إليه القلعة. فقد أخلت بوعودها بإعادة الحياة إليها، ومن ثم وضعها على الخريطة السياحية. فقد سبق لوزير الثقافة غطاس خوري أن وعد أصحاب هذه القلعة من آل إسبر بالمساهمة في إعادة احيائها وإستملاكها وإعادة بنائها من جديد مع الحفاظ على طرازها العمراني والهندسي الأصلي. إلا أن الوزارة لم تنفلح بتنفيذ وعودها، وسرعان ما تراجعت عنها ولم تؤمن الإعتمادات الكافية واللائقة، وإستمر الواقع كما هو. ولم يشفع لها موقعها في بلدة عكار العتيقة التي أنتخبت أجمل قرية في لبنان في العام 2016 .

ومن أجل تعريف الزائرين بالموقع التاريخي وجذب السياح، تطوّع مجموعة من الشبان تحت نطاق "اكتشف عكار" لتنظيم رحلات شبه مجانية إلى الحصن ومحيطه. وأرفقوا ذلك بنشر فيديوهات ترويجية لهذه المنطقة المنسية التي سقطت من الخريطة السياحية الرسمية على غرار المواقع التاريخية الأخرى في عكار.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024