ذهبية حسن بشارة

علي علوش

الأربعاء 2015/05/20
يحمل حسن بشارة، وهو بطل أولمبي سابق في المصارعة الرومانية وعضو الإتحاد العربي للمصارعة، مزاجاً طقوسياً خاصاً. هكذا، يفتتح يومه، فجراً، بزيارة البحر والسباحة، كفعل يومي لا تعطله حتى العواصف. كأنه، بعد إعتزاله اللعب واتجاهه إلى التدريب، "يُثبّت" الحياة، بدلاً من "تثبيت" خصومه. وهو في سبعيناته (1943)، وفي ما آلت إليه يومياته، يبدو راضياً ومكتفياً، في أيام قد تبدو لغيره رتيبة ومُكررة، طالما انه يعرف مكانته بين من يعرفونه أو يعرفون عنه.



السادسة صباحاً: البحر
لا تبدو المصارعة في لبنان مفصولة عن سياق مديني عززته فكرة الجمهور وبحثه عن التسلية والمنافسة والرهانات، وإن كانت تمثيلاً على الجمهور نفسه، على ما يقول بشارة، الذي فضّل إختيار نوع آخر من المصارعة (اليونانية-الرومانية)، كانت قد برزت في بداية الستينات مع زكريا شهاب وإيلي نعسان وصافي طه. إنها رياضة وليست عنفاً، وهي تستند إلى قواعد ونظم دولية، اتاحت لبشارة المشاركة في بطولات إقليمية ودولية عديدة، كان أبرزها الألعاب الأولمبية، وفوزه ببرونزية في موسكو عام 1980، في فئة الوزن فوق الثقيل.

تعزز هذه اليوميات بذكريات كثيرة. في البحر، وبعد السباحة اليومية، يتذكر بشارة نزوله إلى بيروت في العام 1955 من قريته القنطرة، في قضاء مرجعيون، لانه كان يريد أن يشتغل، وقد ألهته الرياضة عن دراسته. إنتسب أولاً إلى نادي أسامة، ولاحقاً إلى نادي الفتوة في الغبيري، ذائع الصيت في تلك الفترة، بإشراف المدرب إبراهيم عواركة.


التاسعة صباحاً: المقهى
في بداياته، كان واعياً لفكرة العيش وتأمين حياته. يفكر الآن في ما آلت إليه حياة أبطال أو رياضيين آخرين، وقد تُركوا وحيدين في مواجهة نهايتهم وظروفهم المعيشية الصعبة. كان يشتغل ويتمرن ويلعب. عمل في شركة طيران الشرق الأوسط، وكانت رحلته اليومية إليها تدريباً أيضاً، اذ كان يُفضل أن يذهب إلى مقر الشركة ماشياً أو راكضاً. في العام 1960 شارك في أول بطولة محلية رسمية في الدرجة الثانية، وفاز بالمركز الأول في فئة وزنه. إنتقل بعدها إلى الدرجة الأولى، وفاز بالمركز الأول في أول مشاركة له، ليستمر في هيمنته في السنوات اللاحقة على ذهبية فئته، وليكون ممثلاً دائماً للبنان في البطولات الخارجية.

ذهابه إلى المقهى طقس يومي أيضاً. وهو، في جلوسه مع أشخاص يتكرر حضورهم اليومي في المقهى نفسه، يعيد تأكيد مكانته، بين أشخاص يعرفون تاريخه، كأنه يصل بين زمنين. أحاديث عن الذكريات، الأولاد والأحفاد وبيت الضيعة، الذي يزوره نهاية كل أسبوع. أو بطولات رياضيين آخرين، إختفوا أو قل الاهتمام بهم، بسبب تضاؤل الاهتمام بهذا النوع من الرياضة.


العاشرة صباحاً: النادي
يتذكر بشارة أولمبياد ميونخ في العام 1972 بأسى واضح. وحده، بين اللبنانيين الآخرين، تمكن من الانتقال إلى مباراة أخرى بعد تعادله مع لاعب سويسري. وقد أجريت هذه المباراة، في صباح الخامس من أيلول، الذي شهد في فترة لاحقة منه إحتجاز فدائيين فلسطينيين لأعضاء الوفد الأولمبي الإسرائيلي وقتلهم إثنين منهم. فتعطلت البطولة، وإنسحب بدورهم المصارعون العرب.

يملك بشارة اليوم ناديين رياضيين. واحد في حارة حريك وآخر في برج البراجنة. يذهب يومياً إليهما، وهو يرى فيهما إستكمالاً لفهمه للرياضة، بعيداً عن المنشطات. يدرب أو يعطي تعليمات أو نصائح للشباب الموجودين، فيما يبدو آسفاً للمسار الفوضوي الذي اتخذته هذه النوادي، وتحايلها على فهم أخلاقي للرياضة، بإتجاه فهم إستعراضي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024