انتخابات المحامين و"عزل الكتائب": الطمع بالتنازلات يفسد المعارضة

وليد حسين

الثلاثاء 2021/10/05
ما زالت المفاوضات بين القوى المعارضة لتشكيل لائحة موحدة، لخوض انتخابات نقابة المحامين قائمة، رغم العثرات التي قد تؤدي إلى الإطاحة بها، وبالتالي، ضياع فرصة توحد المجموعات كما حصل في انتخابات نقابة المهندسين. 

مرشح توافقي
قبل إقفال باب الترشيح يوم الجمعة الفائت كادت "الجرة تنكسر" بين المجموعات والأحزاب المعارضة، وعلى رأسها مجموعة "لحقي" و"المرصد الشعبي لمحاربة الفساد" من ناحية، وحزبي الكتائب والكتلة الوطنية من ناحية ثانية. وبطبيعة الحال، لكل طرف من طرفي التناقض مبرراته، وتقف خلفه مجموعات حليفة ومعارضة تدعم موقفه أو ترفضه. 

يوم الجمعة الفائت قرر المرشح التوافقي لمنصب النقيب، كريم ضاهر، الانسحاب بعد فشل مساعي توحيد تلك القوى لتشكيل لائحة موحدة، تعطي لهذه الانتخابات بعداً وطنياً وليس نقابياً وحسب. لكنه عاد وحسم أمره في اللحظات الأخيرة وترشح، بعدما جرت مساعٍ لإعادة التفاوض في سبيل توحيد صفوف المعارضة. 

الاستقالة من الكتائب
لكن هذه المساعي التوافقية لم تفض إلى نتيجة نهائية بعد. فما زالت عقدة رفض مجموعات عدة من 17 تشرين لحزب الكتائب اللبنانية قائمة. ويبدو أن هناك ضغوطاً كثيرة داخل تلك المجموعات من أعضائها لعدم قبول خوض الاستحقاق إلى جانب حزب الكتائب. وعادت الخلافات وتجددت يوم أمس بين المجموعات، لتتعثر المفاوضات بعض الشيء، مع ترجيح كفة تشكيل لائحة موحدة، في حال قبلت المجموعات بحل يقضي بالطلب من المرشحين الذين ستؤلف منهم لائحة موحدة للمعارضة، تقديم استقالاتهم من الأحزاب أو المجموعات المنضوين فيها. 

عدم مرونة الحزب
عملياً تقدمت المجموعات خطوة نحو "الكتائب" وغيره من الأحزاب آملين مبادرتهم بالمثل. لكن "الكتائب" رفض استقالة مرشحه فادي المصري من الحزب، وعرض على المجموعات تجميد العضوية وحسب. وبدورها رفضت المجموعات فكرة تجميد العضوية معتبرة أن "الكتائب" لا يتعامل بمرونة مع هذا الاستحقاق الذي تطمح مجموعات تشرين بأن تعطيه بعداً وطنياً. 

تعتبر المجموعات المعارضة للتحالف مع الكتائب أن تقديم الاستقالة من الأحزاب شرطاً أساسياً لاختبار مدى مرونة أي حزب، من أجل تقديم المصلحة الوطنية والنقابية على المصالح الحزبية الضيقة. خصوصاً أن هناك رأياً عاماً واسعاً في لبنان يرفض الأحزاب كلها، فضلاً عن وجود رأي يلقى صدى كبيراً بين المجموعات يرفض الكتائب بسبب تاريخه في السلطة.

وزر الكتائب
ترى هذه المجموعات أن هناك مصلحة انتخابية لاستقالة المرشحين الحزبيين من أحزابهم لنزع حجج أحزاب السلطة، التي تشيع أن مجموعات الثورة تتحالف مع أحزاب وتنبذ أحزاباً غب الطلب. وهذا يضعف موقف المجموعات أمام الرأي العام.

إضافة إلى ذلك يصعب على "قوى الثورة" تحمل أوزار التحالف مع أحزاب عريقة في السلطة، خرجت منها في السنتين الأخيرتين، وشخصيات اقطاعية، لهدف واحد ووحيد هو تشكيل لائحة موحدة. فـ"لا يكفي أن تكون تلك الأحزاب والشخصيات ضد حزب الله، فيما تعاملهم مع مواجهة المحور الإيراني يكمن في الانضمام إلى المحور السعودي"، حسب قول تلك المجموعات. لذا، المطلوب اتباع سياسة حيادية بعيدة عن سياسات المحاور التي تنقسم حولها أحزاب السلطة.   

عزل الكتائب
في المقابل يقول معارضون أن تقديم فادي المصري طلب تجميد عضويته من الكتائب علانية بمثابة تنازل كبير من الحزب، كان يفترض بتلك المجموعات أن تبادر إلى تلقف هذا الموقف بإيجابية. لكن ما تريده تلك المجموعات هو الذهاب بعيداً لـ"عزل حزب الكتائب" عن انتفاضة تشرين ومجموعاتها.  

يعترف المعارضون لتلك المواقف المتطرفة من حزب الكتائب، أن تلك المجموعات نجحت في خلق جو عام بين مجموعات تشرين ضد الكتائب. وهذا كافٍ كي تنتزع منه بعض التنازلات ليس في استحقاق انتخابات نقابة المحامين، بل حتى في الاستحقاقات المقبلة. لكن السير في سياسة جعل "الكتائب" عدواً لمجموعات الثورة لا يقل سوءاً عن خطايا الحركة الوطنية في سياسة عزل "الكتائب" وكل تبعاتها الكارثية على لبنان. ولم تتعلم المجموعات من التجربة اللبنانية التي يستحيل فيها عزل أي حزب. 

ويعتبر المعارضون أن المضي في هذا الكباش لإرغام "الكتائب" على تقديم المزيد من التنازلات يؤدي عملياً إلى عزل مجموعات تشرين عن جميع المكونات المسيحية الأساسية في البلد، وهذا قبل الحديث عن أن إرغام الكتائب على تحقيق كل مطالب المجموعات سيؤدي إلى ضرر كبير في إمكانية توحيد القوى المعارضة حالياً. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024