فضيحة راهبات التحرّش الجنسي بالأطفال وبيعهم.. أفلام إباحية وتعذيب

المدن - مجتمع

السبت 2019/12/07

تفاعلت فضيحة تعرّض عدد كبير من الأطفال للاعتداءات الجنسية والجسدية والنفسية والاتجار بالبشر، داخل إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، أمنياً وقضائياً وسياسياً وحتى دينياً، وسط تدخلات واضحة ومكشوفة من قبل شخصيات سياسية ومرجعيات دينية، للفلفة هذه الفضيحة والتغطية على مرتكبيها، وطمس حقيقة ما يجري، بدليل القرار الذي اتخذته النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، بترك الراهبتين المسؤولتين في جمعية "رسالة حياة"، التي تعرّض فيها أطفال وفتيات قاصرات لهذه الاعتداءات، وإلغاء قرار القاضي نازك الخطيب التي كانت أمرت بتوقيفهما.

خلفيات طائفية
قرار القاضية عون المشوب بالريبة، ويأتي ترجمة لتدخلات سياسية، واتصالات جرت على أعلى المستويات، وبخلفيات طائفية هدفها "حماية مافيات الاتجار بالبشر وبيع الأطفال"، على حدّ تعبير مصادر متابعة عن قرب لتطورات "الملفّ الفضيحة"، وهو ما دفع بالنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي استدعى الراهبتين إلى دائرته في قصر العدل في بيروت، وتكليف قسم المباحث الجنائية المركزية بالتحقيق معهما، على أن يتخذ القرار المناسب بشأنهما في ضوء نتائج التحقيق.

معلومات حاسمة
وكانت القاضية المنفردة الجزائية في جبل لبنان جويل أبو حيدر، وبناء على تحقيقات أجرتها في هذا الموضوع، توصلت إلى معلومات حاسمة، عن تعرّض عدد كبير من الأطفال والفتيات القاصرات للاعتداء والتعذيب الجسدي والنفسي والتحرّش الجنسي. وبناء على هذه النتيجة، كلّفت مكتب حماية الأحداث بالاستعانة بالقوى الأمنية في حال الضرورة، ونقل جميع المطلوب حمايتهم إلى مراكز أخرى حفاظاً على سلامتهم. وبناء على هذا القرار، بدأ اتحاد حماية الأحداث تنفيذ القرار القضائي، ونقل الأشخاص المذكورين، وذلك بموازاة تحقيق جزائي بدأ بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. لكنّ الاتحاد لم يتمكّن من نقل كلّ الأطفال، وعبّر عن مخاوفه على مصير طفلين رضيعين.

نقل الأطفال الضحايا
وأعلنت رئيسة اتحاد حماية الأحداث أميرة سكّر لـ"المدن"، أن "دور الاتحاد واضح، وهو متابعة أوضاع القاصرين النفسية والاجتماعية وتقديم المساعدة لهم". وقالت "جاءني تكليف من قاضي الأحداث لإجراء تحقيق اجتماعي، وبالفعل انتقلنا إلى المركز المذكور (جمعية رسالة حياة)، وعاينا الوضع وأعددنا تقريراً مفصلاً بواقع الحال، وسلمناه إلى قاضي الأحداث، الذي طلب من النيابة العامة نقل عدد من الأطفال من مقرّ الجمعية بسرعة".

وأكدت سكّر أنها تسلّمت في الأيام الأخيرة ثلاثة قاصرين جرى نقلهم إلى جمعيات أخرى، فيما رفض المركز تسليمنا طفلين رضيعين، ولم يسمح لنا حتى برؤيتهما والاطمئنان عليهما، ولهذا السبب كلّف النائب العام التمييزي (القاضي غسّان عويدات) القاضية نازك الخطيب (المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان) بالإشراف على عملية تسليم الطفلين، ولما رفض المعنيون تنفيذ القرار القضائي، اتخذت القرار بتوقيف راهبتين".

شكوك بمصير طفلين
وإذ رفضت سكّر الإفصاح عمّا إذا كان قرار نقل الأطفال من الجمعية المذكورة وتوقيف الراهبتين، يثبت حصول اعتداءات على الأطفال، أو أن هناك عملية بيع للطفلين اللذين يتحفّظ القيمون على الجمعية على تسليمهما، أو السماح لأحد بمشاهدتهما، إلا أنها أكدت أن "هناك معلومات مثيرة للقلق عن مصير الطفلين، وبحاجة إلى متابعة، وعلينا أن ننتظر انتهاء التحقيق القضائي". وأضافت "عندما منعونا من مشاهدتهما باتت لدينا ريبة حيال مصيرهما". وشددت سكّر على أنه "لا يحقّ للراهبات الاحتفاظ بالطفلين بذريعة أن المحكمة الروحية وضعت الجمعية كوصي شرعي على الأطفال، لأنه في ضوء قرار قاضي الأحداث باتت الدولة اللبنانية وحدها الوصي على هذين الطفلين".

أفلام إباحية؟
وعلمت "المدن" من مصادر قضائية وأمنية، أن "التحقيق توصل إلى معلومات ثابتة ومؤكدة، عن تعرّض عدد كبير من الفتيات القاصرات، لعمليات تحرّش جنسي داخل الجمعية وإلى تعذيب جسدي ونفسي". وأشارت إلى أن "عمليات التحرش المستمرّة منذ سنوات وطالت فتيات خرجن من المركز وأخريات بقين فيه، وتعرضن لتحرش من أحد "الأخوة" في الجمعية ومن قبل موظفين فيها، ورغم علم المسؤولين في الجمعية عن هذه الحالات، جرى التعتيم عليها وتغطية المتحرشين". ولفتت إلى أن "الفتيات كنّ يجبرن على حضور أفلام إباحية رغماً عنهن، كما أن الفتيات يخضعن لتعذيب نفسي غير مبرر. إذ يعمد القيمون على الجمعية على قص شعرهن مثل الذكور، ولما يرفضن ويبدأن بالبكاء والصراخ، يجري ربطهن ومن ثمّ قص شعرهن".

الأمم المتحدة على الخطّ
وأكدت المعلومات المتطابقة أن "التحقيق سيتوسّع ليشمل كلّ الفاعلين والمتدخلين وكل الذين غطوا هذه الأفعال سواء داخل الجمعية أو شكل لها حماية من خارجها"، مشيرة إلى أن "صدى هذا الموضوع تجاوز حدود لبنان. وهناك بيان سيصدر عن منظمات الأمم المتحدة تعنى بالطفولة".

يذكر أن نتائج تحقيقات قاضي الأحداث، وما فيها من وقائع مذهلة، أرسلت نسخاً عنها إلى كلّ من: النيابة العامة التمييزية، وزارات العدل، الداخلية والبلديات، الشؤون الاجتماعية والصحة العامة، الاتحاد اللبناني لحماية الأحداث، البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ومدير عام جمعية "رسالة حياة"، وهي موثقة بكل الأدلة والمعلومات.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024