"أجهزة" وممانعون يحاولون شق الانتفاضة والساحات

وليد حسين

الإثنين 2019/11/18
تستمر الثورة في شهرها الثاني، ويستمر الناشطون والمجموعات في التنسيق والعمل على قطع طرق عودة السلطة بالبلاد إلى ما قبل 17 تشرين الأول. وتستمر الجهات اللصيقة بحزب الله والتيار العوني وحركة أمل وغيرهم في لعبة فرز الانتفاضة ما بين "حراك" بريء، وآخر يشيطنونه بتهم ونظريات المؤامرة، في محاولة لشق الساحات بين "وطنية" و"غير وطنية"، ومرتبطة بالسفارات والأجندات، وفق رطانتهم.

النفق والبوسطة
منذ أسابيع تحاول الأحزاب السياسية، وعلى رأسها العونيون وحزب الله فرز الساحات وشقها، ونصح المنتفضين بالإقلاع عن شعار "كلن يعني كلن". وتولت بعض الوسائل الإعلامية تظهير هذا الرأي، في محاولة لخلق الشقاق بين المجموعات واللبنانيين.

وبعد فشل تهم تمويل السفارات، التي تحوّلت إلى نكات تناولها حتى الأطفال، نجحت قوى الثورة المضادة جزئياً في وصم المتظاهرين بأنهم قطاع طرق، وحملت مجموعات الانتفاضة على إعادة النظر في إقفالها.

وهذا ما جعل بعض التحركات عبارة عن مبادرات فردية يقوم بها المتظاهرون. ومن الأمثلة على ذلك بناء جدار داخل نفق نهر الكلب، وفسره المغرضون على أنه إحياء للحرب الأهلية. وهذا ما سرى على "بوسطة الثورة" التي انتقدها ناشطون لم يغادروا الساحات يوماً واحداً منذ اندلاع الثورة. وقد انطلت عليهم خدعة تمويل السفارات وإحياء بوسطة عين الرمانة، ولم يسألوا عن الجهات التي حرّضت في هذا الاتجاه.

وحديثاً عملت الأجهزة وبعض المجموعات التي لديها أجندات خاصة، على بث الشقاق بين المتظاهرين والمعتصمين، بالتصويب على المؤتمر التنسيقي الذي دعا إليه بعض الناشطين في فندق الكومودور في بيروت، باعتباره يريد قيادة الثورة واختزال جميع الناس الثائرة.

لكن الداعين إلى المؤتمر أكدوا وأصروا على أنه اجتماع داخلي، مثل باقي الاجتماعات التي تتم يومياً بين المجموعات لتنسيق خطوات النشاطات التحركات.

اجتماع تنسيقي فقط
وعمدت بعض المجموعات المعارضة على التشهير بالحزب الشيوعي وتجمع وطني وبعض المجموعات والأحزاب، بتناقل رسائل نصية عبر منصة واتساب، تتهم الداعين إلى اجتماع الكومودور بتأسيس قيادة للثورة. وحجتهم عدم تعميمهم الدعوة على المجموعات المشاركة في تحركات ساحتي رياض الصلح والشهداء، بهدف اختزال الناس والنطق باسمهم جميعاً. لكن معظم المجموعات المشاركة في الاجتماع أكّدت لـ"المدن" أن اللقاء تنسيقي وحسب، كغيره من الاجتماعات المماثلة منذ بدء الانتفاضة، وليس هناك أي نية لإصدار بيان يعبر عن رأي المشاركين، ولا نية لخلق إطار تنظيمي للقيادة. وجل ما في الأمر عقد لقاء موسّع للنقاش لا أكثر ولا أقل.  

تشريع ضد الفاسدين
ورغم محاولات شيطنة الثورة وبث الشائعات، ورغم الإرهاب والتخوين والقمع الذي تقوم به بعض الأجهزة، وصولاً إلى الاعتقالات والتعذيب، يستمر الشارع في فرض قوّته. لتستمر القوى السياسية في المماطلة وتأخير تشكيل حكومة جديدة. وعوضاً عن إجراء استشارات نيابية، تصر القوى السياسية على عقد جلسة عامة تشريعية لمجلس النواب. لكن الشارع ما زال مستمراً في فرض موازين قوة، لمنع مجلس النواب من الانعقاد، وممارسة عادته السابقة في التشريع.

في هذا الإطار توالت الدعوات لمنع المجلس من الانعقاد، إذ ستعمل بعض المجموعات على إقفال مداخل مجلس النواب من مساء اليوم، وهناك مجموعات أخرى دعت إلى الاعتصام بدءاً من الساعة السابعة صباح يوم الثلاثاء، لمنع النواب من الدخول إلى ساحة النجمة. وتحت عنوان "جلسة التلاتا ما رح تمرق"، دعا الناشطون والمجموعات، الطلابَ والأساتذة والعمال والمهنيين والمحامين والعاطلين عن العمل، والشعب اللبناني كله للتجمع في ساحتي رياض الصلح والشهداء، لإقفال الطرق بوجه النواب، وللمطالبة بجلسة تشريعية تحقق ما يطالب به الناس: إقرار قانون عفو يبرئ المظلومين، وليس الفاسدين، وقوانين فعلية لاستقلالية القضاء ورفع الحصانات عن النواب والرؤساء ومحاسبة المرتكبين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024