قضية الصحافي محمد صالح: تشابه أسماء أم إرهاب الثمانينات؟

جنى الدهيبي

الأحد 2019/09/22

لا تزال قضية الصحفي اللبناني محمد صالح تتفاعل، بعد أن وقع ضحية احتجاز "غريب" ورسمي في اليونان، نتيجة إلتباسٍ في المعلومات الأمنية و"تشابه في الأسماء" وفق آخر المعطيات، وذلك بتهمة المشاركة في عملية اختطاف طائرة تابعة لشركة "تي دبليو إيه TWA" عام 1985 وقتل مسافر أميركي، وفق بيان صدر أمس السبت في 21 أيلول 2019، عن الشرطة اليونانية.

بيان الشرطة
وفي بيان الشرطة، أشارت أنّ إلقاء القبض على صالح البالغ من العمر 65 عامًا، في جزيرة ميكونوس اليونانية: "جاءت بموجب مذكرة توقيف أوروبية صدرت بحقه في ألمانيا، لكنها لم تفصح عن هويته". وكانت ألمانيا تبحث عن اسم الرجل بسبب خطف الطائرة، وبسبب عملية خطف أخرى وقعت العام 1987. وحسب وسائل إعلام يونانية، فـ"إنّ هذا اللبناني شارك في تحويل مسار طائرة "تي دبليو إيه 847" بعيد إقلاعها في 14 يونيو 1985".

هذه العملية الواقعة في ثمانينات القرن الماضي، حسب المعلومات المتداولة، استهدفت بتاريخ 14 حزيران 1985، طائرة لشركة "تي دبليو أي" كان من المقرر أن تقوم برحلة من أثينا إلى روما. والعملية التي راح ضحيتها مسافر أميركي، بدأت بعد أن انطلقت الطائرة في رحلتها في تمام الساعة 10:10 صباحًا وهي تحمل على متنها 153 مسافرا، وبعَيد فترة قصيرة من الإقلاع، أصدر شخصان أوامرهما لقبطان الطائرة بتغيير وجهة الرحلة إلى الشرق الأوسط، مستعملين مسدسات تمكنوا من تهريبها عبر نقاط التفتيش في المطار.

تشابه أسماء؟
في لبنان، وتحديدًا في صيدا والجنوب، لقي الصحافي صالح تضامنًا واسعًا. وقد جزم الجميع أن ثمّة تشابهًا في الأسماء لا لبس فيه، وأن من المستحيل تورطه في هكذا جريمة، فيما هو كان يقصد اليونان في رحلة سياحية. صالح الذي كان مدير مكتب جريدة "السفير" في صيدا، منذ إنشائها وحتى إقفالها في العام 2016، هو اليوم صاحب موقع "الاتجاه" الإلكتروني في صيدا، وفق ما يشير ابنه صلاح في اتصال مع "المدن".

يأسف نجل الصحافي المحتجز لما جرى مع والده، ويصف الحادثة بـ"الصدمة الكبيرة". فـ"لم نصدق ما قيل لدى تلقي هذا الخبر، ولم نستوعب كيف أنّ والدي الذي سافر في رحلة استجمام، وجد نفسه فجأة متهم بعملية اختطاف طائرة في الثمانينات". حتّى الآن، لم تستطع عائلة صالح التواصل معه مباشرة، لكن "علمنا أنهم أعطوه في مكان احتجازه تيليكارت حتى يستطيع التواصل مع عائلته". ويأمل نجله أنّ تكون الأمور تتجه نحو الحلّ، وأنّ العائلة عوّلت على كلام مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي تدخل على خطّ المساعي في التواصل مع السلطات اليونانية.

الديبلوماسية اللبنانية
وكانت القائمة بأعمال السفارة اللبنانية في اليونان رانيا العبد الله، التقت الصحافي صالح في مكان احتجازه في جزيرة سيروس اليونانية، واطلعته على آخر المستجدات المتصلة بقضيته والمتابعة الجارية لهذا الموضوع من قبل الحكومة اللبنانية مع كل من الحكومتين اليونانية والألمانية والانتربول الدولي، بعد أن طلبت السلطات اليونانية تكليف محامٍ له. وعلى خطٍّ موازٍ، أجرت وزارة الداخلية اتصالات مع مكتب الانتربول الدولي بهذا الخصوص، ووجه مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان كتابًا إلى مسؤول الأمن الألماني يوضح فيه حقيقة ما جرى مع الصحافي صالح، ويطلب فيه تسريع الاجراءات الكفيلة بإنهاء احتجازه.

نقابة المحررين والاتحاد الدولي للصحافيين
من جهته، يشير نقيب المحررين جوزيف قصيفي لـ"المدن" أنّه بعد تعيين المحامي لصالح، من المفترض أن يمثل أمام المدعي عام في أثينا، حتى يعطي قرارًا في القضية. ويستغرب قصيفي ما حدث مع زميله الذي يعرفه عن كثب، وذكر أنّه على علاقة جيدة مع الجميع وأنّه ذائع الصيت في صيدا ولا علاقة له بالأجواء الحزبية والأمنية. يقول: "أجرت اتصالًا بالاتحاد الدولي للصحافيين في بروكسيل. وطلبنا منهم أن يتحركوا باتجاه النقابة اليونانية للصحافة، وتولى أمين الصندوق في النقابة علي يوسف التنسيق مع الاتحاد الدولي بغية متابعة تفاصيل القضية حتّى نهايتها".

وكانت نقابة محرري الصحافة اللبنانية أصدرت بيانًا دعت فيه "وزارة الخارجية والمغتربين، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والسلطات اللبنانية المعنية، والسفارة اليونانية في لبنان، إلى التحرك السريع من أجل جلاء كل الملابسات حول توقيفه والعمل على إطلاقه في أسرع وقت". كما أصدر إعلاميو مدينة صيدا بيانًا استنكروا فيه توقيف السلطات اليونانية لزميلهم، و"إلصاق تهم به لا تمت للحقيقة بصلة وهي بعيدة كل البعد عن صفات صالح طوال مسيرته المهنية"، مناشدين المنظمات الصحافية الدولية بذل جهودها للإفراج الفوري عنه.

يُذكر أنّ مسؤولًا في الشرطة اليونانية، حسب ما تنقله وسائل الإعلام، قال أن المشتبه به، أيّ محمد صالح، "وهو لبناني، نزل من سفينة سياحية على جزيرة ميكونوس يوم 19 سبتمبر/ أيلول"، مضيفًا "أن اسمه ورد بوصفه مطلوبًا لدى السلطات الألمانية". وذكر أن الجريمة التي ارتكبت في عام 1987 ربما كانت مرتبطة بإخلاء سبيله مقابل إطلاق سراح ألمانيين كانا محتجزين كرهينتين لدى شركاء له في لبنان. وتابع القول بـ"أن المشتبه به محتجز في سجن شديد الحراسة، وقد مثل الجمعة أمام القضاء اليوناني الذي أمر باحتجازه ريثما يتم ترحيله إلى ألمانيا".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024