"المدن" داخل مستشفى الحريري: عدد المصابين ليس دقيقاً

وليد حسين

السبت 2020/04/04
الفيديو لعلي علّوش

منذ اكتشاف أول حالة مصابة بفيروس كورونا في 21 شباط المنصرم، يستمر مستشفى رفيق الحريري الجامعي في استقبال المرضى وفي إسعاف اللبنانيين. وكان العاملون في هذا المستشفى في المقدمة، لمحاربة الوباء الذي بات متفشياً في لبنان. وقد تم تدريب الطاقم الطبي بشكل سريع لكيفية التعامل مع هذا الوباء العالمي، وتولوا المسؤولية، عندما تخلت المستشفيات الخاصة، بداية، عن مسؤوليتها في استقبال المرضى، رغم أن 80 في المئة من الاستشفاء في لبنان موكل للمستشفيات الخاصة. 

للوقوف عند جهوزية هذا المستشفى كان لـ"المدن" جولة فيه، أتت متأخرة بسبب الإجراءات البيروقراطية من ناحية، وبسبب الإجراءات المتعلقة بسلامة الزائرين من ناحية ثانية. فالمستشفى يستقبل أكبر عدد من الإصابات، ما يجعل الدخول إليه ليس سهلاً كباقي المستشفيات. 

القدرة الاستيعابية للمستشفى 
وفق رئيس قسم العناية الفائقة وطبيب أمراض الرئة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، محمود حسون، يستمر المستشفى منذ شهر ونصف باستقبال معظم الحالات المصابة في لبنان. وعند إعداد التقرير كان ما يقارب الستين مريضاً يتلقون العلاج داخل المستشفى، عدا العشرات الذين خرجوا، والذين أجريت لهم الفحوص وتبين أنها إيجابية وطلب منهم العزل المنزلي، نظراً للعوارض التي لا تستدعي دخول المستشفى. 

وعن إمكانيات المستشفى، أكد حسون أن القدرة الاستيعابية واللوجستية للمستشفى تصل إلى حد استقبال 120 مريضاً، ويوجد 22 غرفة للعناية الفائقة. علماً أنهم استخدموا من قدرتهم إلى حد الساعة فقط 50 في المئة. 

عدد الإصابات أكبر من المعلن
وعن توقعاتهم لانتشار الوباء في لبنان، لفت حسون إلى أن لبنان ما زال بعيداً عن السيناريو الذي حصل في إيطاليا. ومرد ذلك إلى الوعي الكبير، الذي أظهره المواطنون في الالتزام بالحجر المنزلي، وبالإجراءات المتخذة. لكنه في المقابل يحذّر من أن عدد المصابين الحالي القليل قد لا يكون دقيقاً. فـ"علينا أن لا ننسى أننا نجري نحو 500 فحص في اليوم. وهذا غير كاف قياساً بعدد سكان لبنان البالغ نحو 6 مليون نسمة. بالتالي ربما تكون الأعداد الفعلية للإصابات أكثر من تلك التي تعلن عنها وزارة الصحة، بسبب عدم وجود فحوص كافية. لكن ما زلنا ضمن أرقام يومية في عدد الإصابات مقبولة"، كما قال. فوفق حسون "عدد المصابين الفعلي أكبر من العدد الحالي، ولم نصل إلى الذروة في عدد الإصابات بعد. وهذا يستدعي الاستمرار في الحجر المنزلي، لأننا ما زلنا في بداية الطريق. وهذا السبيل الوحيد كي نتفادى النموذج الإيطالي". 

احتياجات المستشفى
وعن احتياجات المستشفى الملحة للاستمرار في مواجهة الوباء، أوضح حسون أن "عدد المصابين يشهد ارتفاعاً يومياً. ومع ارتفاع عدد المصابين يرتفع عدد المرضى الذين يحتاجون للعناية المركزة. لذا، نحن بحاجة بشكل أساسي لأجهزة تنفس اصطناعي إضافية، فضلاً عن الحاجة للكمامات ومستلزمات التعقيم، وغيرها من المعدات الطبية للعناية بالمرضى". 

ولدى سؤاله عن إذا ما كانت الإمكانيات الحالية التي لديهم تمكنهم من الاستمرار لفترة طويلة، أجاب: "نحن نتعامل مع الأزمة ونواجهها بقدراتنا الحالية، لكن لا نريد أن نصل إلى وقت يسبقنا فيه الفيروس. فعلى مستوى الجسم الطبي نحن في كامل استعدادنا. وبالنسبة لقدرتنا الاستيعابية نعمل فقط بخمسين في المئة منها. ما يعني أننا لدينا خمسين أخرى غير مستخدمة. لكن لا نستطيع تحديد زمن لنفاد هذه القدرة. فالمسألة متعلقة بأعداد المصابين. في حال استمرت الوتيرة كما هي حاليا لن نواجه مشاكل. لكن في حال ازداد عدد الإصابات وبشكل سريع سنقع في مشاكل حتماً. أو نستطيع القول إن قدرتنا حينها ستكون غير تلك المتوفرة حالياً". 

ولادة قيصرية
وعن الإجراءات التي تعتمد في استقبال المرضى والحالات الطارئة، روى مشرف التمريض السريري في المستشفى، إبراهيم قضماني، عن قدوم سيدة إلى قسم الطوارئ للمرضى العاديين لوضع مولودها، وكانت بحاجة لعملية قيصرية ضرورية. وكان يفترض نقلها إلى طابق الولادة، لكنها كانت تعاني من سعال وحرارة مرتفعة وعوارض شبيهة بكورونا. وفي مثل هذه الحالات لا يمكن المخاطرة. إذ يفرض البروتوكول التعامل معها كمصابة إلى حين ظهور نتائج الفحص. ولكون الفحص يحتاج إلى 24 ساعة تم تحويلها إلى قسم كورونا. وطوارئ كورونا مجهز بغرفة عمليات لاستقبال جميع الحالات. لذا جُهزت غرفة العمليات واتخذت جميع الإجراءات، وجهز الطاقم الطبي المخصص للولادة بكل المستلزمات والتعليمات للتعامل مع هذه الحالة. وأجريت العملية وتم تحضير سرير حضانة خاصة للمولود. وأمنوا في قسم كورونا عناية للأطفال، في حال كان المولود يعاني من أي مشاكل أو بحاجة لعناية مركزة. وبعد وضع المولود أخرجت الأم إلى العزل في قسم كورونا. لكن، في اليوم التالي تبين من الفحص أن الأم غير مصابة، فاتخذوا كل الإجراءات لإعادتها إلى قسم الولادة العادي.

توجيه المرضى 
وعن كيفية استقبال المرضى أو طالبي الفحص، شرح قضماني أنه عندما يأتي الشخص لإجراء الفحص يطلب منه ملء استمارة، ويوضع له الكمامة في غرفة الانتظار، تحسباً لنقل العدوى. ثم تأخذ منه كل المعلومات الشخصية والأماكن التي زارها والعوارض التي يعاني منها، كنوع من تقييم أولي لتنظيم الحالات، لمعرفة من تستدعي حالته الدخول قبل غيره، وذلك بحسب الأعراض التي يعاني منها. 

وأضاف، أنهم يتبعون تصنيفات بألوان مختلفة بحسب الحالة والعوارض التي يعاني منها المريض. ففي حال كان الشخص يعاني من العوارض المعروفة لفيروس كورونا، مثل السعال والحرارة والتهاب الحنجرة أو فقدان حاسة الشم والذوق، يجرى له فحص كورونا المعروف بـPCR. أما في حال كان يعاني من بعض العوارض فيجرى له صورة شعاعية طبقية للصدر، التي تظهر إذا كان الشخص يعاني من التهابات معينة. في حال كانت النتيجة إيجابية يجرى له فحص كورونا. وفي حال كانت النتيجة سلبية يطلب منه الحجر المنزلي لمدة 14 يوم. 

ووفق الإجراءات المتبعة، في حال كان المريض يعاني من عوارض تستدعي الدخول إلى المستشفى، يتم الحجر عليه في القسم المخصص لذلك. أما في حال كان الشخص المصاب بكورونا لا يعاني من عوارض تستدعي دخول المستشفى، ويتبين لهم أن المريض مدرك لأهمية الحجر المنزلي لعدم نقل العدوى، يطلب منه الذهاب إلى مكان للعزل الذاتي. لكن عليه أن يوقع على وثيقة خاصة. ويزوّد بكل التفاصيل وكيفية التصرف خلال فترة الحجر. وهناك فريق متخصص يتابع وضعه بشكل دائم، ويتواصل معه لمعاودة الفحص أكثر من مرة، للتأكد من الشفاء التام. 

وعن عدم إجراءات فحص كورونا لجميع الحالات التي تصل، واللجوء إلى الصور الشعاعية قبل الـPCR، لفت قضماني إلى أن كلفة هذا الفحص مرتفعة، وإمكانيات المستشفى قليلة. فعندما تُجرى الفحوص للجميع قد تصل إلى حد لا تستطيع إجراءه لمن هم بحاجة فعلية له، لأنه غير متوفر بكميات كبيرة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024