سابقة بالمحكمة العسكرية: قرأ القاضي الملف.. فحكم لخلدون بالبراءة

نادر فوز

الأربعاء 2020/10/07
سجّلت اليوم النيابة العامة العكسرية سابقة أولى من نوعها في ملف ملاحقة ناشطين من ثورة 17 تشرين، فطلبت البراءة للناشط خلدون جابر. قصة الأخير، الذي تم توقيفه في تشرين الثاني الماضي، خلال اعتصام على طريق قصر بعبدا الرئاسي، أنه تعرّض للضرب والتعذيب على أيدي عناصر أمنية. أما التهمة الموجّهة إليه اليوم فكانت معاملة رجال الأمن بالشدة والتحريض على المؤسسة العسكرية. وخلال التحقيق معه في المحكمة العسكرية، تبيّن للقاضي هاني الحجار أنّ الملف فارغ بالكامل. ومن جهته أكد خلدون على أنه خلال التحقيق معه عند اعتقاله، انحصرت الأسئلة بموقفه من رئاسة الجمهورية، وأخرى متعلّقة بمنشورات على حسابه على موقع فايسبوك، "وهو ملف خارج اختصاص المحكمة العسكرية"، حسب ما يؤكد عضو لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان، المحامي أيمن رعد.

ضرب وتعذيب
ويقول رعد لـ"المدن" إن القاضي حجّار طلب البراءة لجابر، مشيراً إلى أنّ الملف أحيل إلى النيابة العامة العسكرية لدراسته، "فإما يتم حفظه فيسقط الادعاء أو يتم تحويله إلى النيابة العامة الاستثئافية لمتابعته في القضاء العدلي". كما أكد جابر خلال التحقيق معه على الدعوى التي سبق وتقّدم بها نتيجته تعرّضه للضرب والتعذيب خلال توقيفه والتحقيق معه، في مركز المخابرات العسكرية. كما عرض على القاضي تقرير الطبيب الشرعي نتيجة الاعتداء العلني عليه في بعبدا وأثناء التحقيق معه ما أكد تعرّضه للضرب وصحّة أقواله.

تفاصيل الخطف
يوم 13 تشرين الثاني 2019، تم اعتقال خلدون من بين الجموع المجتجّة على طريق قصر بعبدا، حين أقدم ثلاثة عناصر أمنية بلباس مدنية على اختطافه وإدخاله المنطقة المخصصة لانتشار قوى الأمن. وحينها بدأ الضرب والتعذيب، ونقل جابر من ثكنة إلى أخرى ونُفي وجوده لدى أي من الأجهزة ليتبيّن لاحقاً أنه تم احتجازه لدى مخابرات الجيش. خلال مدّة توقيف، تعرّض خلدون للضرب والعنف الجسدي والمعنوي والتلميح إلى الاعتداء الجنسي. مُنع من الاتصال بأهله وبمحامٍ، ويشير التقرير الشرعي الذي حصل عليه على أنّ نتائج التعذيب الذي تعرّض له تكسير 4 أضراس، فقدان 70% من قدرته على السمع في أذنه اليسرى، التواء في عاموده الفقري ومجموعة من الكدمات في مختلف أنحاء جسمه.

الدولة البوليسية
قد تكون قضية خلدون جابر وما تعرّض له، قضية مثال لمعنى الدولة البوليسية. فبعد خطفه، والاعتداء عليه، تمّ توجيه التهمة له بالتعرّض للعناصر الأمنية ومواجهته وشتم المؤسسة العسكرية. وكل هذا طبعاً بغية تطويعه وتطويع غيره من الناشطين في مختلف ساحات الاحتجاج في لبنان. كما أنّ من تفاصيل القضية أنّ أغلب الأسئلة التي وجّهت إليه خلال التحقيق معه في أقبية الأمن دارت حول رئيس الجمهورية، شتم الرئيس وانتقاده والتحريض عليه وعلى التظاهر. وتعيد القضية تسليط الضوء على المطالبات المستمرة لوقف مثول المدنيين أمام القضاء العسكري، مع العلم أنّ ثمة قضايا لا تزال مستمرّة ومفتوحة ضد ناشطين منذ عام 2015، في إطار ممارسة الترهيب والضغوط عليهم.

قضاة فاسدون
وفي السياق نفسه، يؤكد رعد على أنّه يستوجب على "النيابات العامة توقيف الاستدعاءات التعسفية التي تهدف إلى ترهيب الثوار"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد قضاء فاسد، بل ثمة قضاة فاسدون وقضاة أكفّاء". وبانتظار قرار النيابة العامة العسكرية، اعتبر رعد أنه بنتيجة ملف جابر "ثبت أنّ بعض القضاة يقومون بالادعاء على ناشطين في ملفات فارغة أو مركّبة أمنياً، وكأنهم مصرّون على حماية منظومة الفساد والافتراء على الناشطين، في حين أنّ ثمة قضاة يطلّعون على الملفات ويقرأونها جيداً ويطبّقون القانون". 

خرج خلدون الجابر من التحقيق وأكد على براءته. لم يرفع إشارة النصر، على اعتبار أنّ حكم البراءة أمر بديهي، ولو أنه من الطبيعي رفع إشارات النصر عند تحقيق النقاط وكسب الجولات في وجه الدولة البوليسية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024