لا كورونا بالبقاع: نبش قبور ورصاص وتظاهرة "العفو العام"

لوسي بارسخيان

السبت 2020/03/28

مع التوجه لدخول لبنان عموماً إلى فترة حجر منزلي ممددة حتى الثاني عشر من نيسان المقبل، يبدو تأقلم البقاعيين مع مسألة ملازمة منازلهم مقرون بكون هذه المنطقة كما معظم المناطق اللبنانية، قد شهدت تراجعاً اقتصادياً مميتاً منذ ما قبل "كورونا". الأمر الذي يجعل من إقفال المؤسسات بشكل كلي، وسيلة للحد من التكاليف الإنتاجية بدلا من مراكمتها. لتأخذ هواجسهم طابعاً آخر، تكشف عنه سلسلة أحداث تندرج في إطار يوميات كورونا.

مشتبه بهم وتظاهرة
ففي ظل الارتفاع اليومي بعداد الإصابات بـ"كورونا" في مختلف المناطق اللبنانية، يسود الارتياح في منطقة البقاع الأوسط والغربي عموماً، حيث لم تسجل أي نتيجة إيجابية للأشخاص الذين اشتبهت بحالاتهم حتى اليوم. وكان الصليب الأحمر اللبناني قد نقل إلى مستشفى رفيق الحريري خلال الأيام الثلاثة الماضية ثلاث حالات. الأولى من بلدة المريجات لإمرأة كانت في الحجر المنزلي الإلزامي إثر عودتها من ألمانيا، وظهرت عليها بعض العوارض، إلا أن نتيجة فحص الـ PCR الذي أجري لها جاءت سلبية. الحالة الثانية لإمرأة سورية في زحلة، ظهرت عليها عوارض المرض على رغم عدم اختلاطها الاجتماعي، فأجري لها فحصان تأكيديان، كما أجري فحص لزوجها وجاءت كل النتائج سلبية. أما الحالة الثالثة فقد نقلت من مستشفى كامد اللوز في البقاع الغربي، وقد ظهرت نتيجتها سلبية أيضاً. وقد ترافق الكشف عن جميع هذه الحالات مع بلبلة كبيرة سادت في المناطق التي ظهرت فيها الحالات المشتبة بها، عاكسة التخوف الذي يعيشه اللبنانيون عموماً هذه الأيام.

في بعلبك لا "كورونا" "ولا الأقوى" من كورونا حال دون نزول مجموعة من الأشخاص إلى الشارع، وتجمعهم من دون أي إجراءات وقائية، ليطالبوا بالعفو العام عن أبنائهم وبالإفراج عن الموقوفين في السجون. الأهالي قالوا أنهم يتخوفون من إصابة السجناء بـ"كورونا"، فيما بدا أن الخطر الحقيقي المباشر يكمن في مثل هذه التجمعات، التي تشكل أفضل بيئة لانتشار الفيروس وتفشيه.

اللاجئون السوريين وإطلاق نار
مع اتخاذ معظم البلدات البقاعية منحى من "الأمن الوقائي الذاتي"، يبدو واضحاً أن معظم هذه البلدات تنظر إلى المواطنين السوريين الموجودين فيها، في المخيمات أو خارجها كـ"قنبلة موقوتة"، يتخوفون من أن تشكل الشرارة الأولى لتفشي "كورونا" في المجتمعات المضيفة. وعليه يهيمن التوتر على المواطنين إلى درجة عالية في الأيام الأخيرة، وصولاً إلى تضييق الخناق كلياً على تنقل كل المقيمين السوريين.. وكان ذلك موضوع خلاف حاد دب بين أبناء البلدة الواحدة في منطقة كامد اللوز، بين من حاول أن يدخل عائلة سورية جديدة إلى البلدة، ومن رفض ذلك رفضاً مطلقاً، ليتطور الأمر إلى إطلاق نار أصيب على أثره عدد من الأشخاص، وفر مطلقو النار إلى جهة مجهولة.

نبش القبور
في عز فوبيا الإصابة بالفيروس التي لحقت بمعظم اللبنانيين، استغل مجهولون حالة التعبئة العامة وما رافقها من "تراجع" في الحركة العامة، لينبشوا مقابر "مار الياس" المختلطة بين أبناء الطائفتين المسيحية والمسلمة في مدينة زحلة، من دون أن تعرف دوافعهم. اكتشف الناشط الاجتماعي المحامي توفيق الهندي الأمر خلال مراسم دفن عمته، ليتبين أنه تكرر بعد يومين، فقرر أن يتقدم بإخبار للنيابة العامة الإثنين المقبل، إذا سمحت حالة التعبئة العامة بذلك.



مبادرة إيلي
وسط "التضامن الإجتماعي" الذي يبديه اللبنانيون، و"روح العونة" التي استعيدت مع انتشار وباء كورونا، وما خلفه من تداعيات اقتصادية على الكثير من العائلات، لفتت مبادرة صغيرة في زحلة للطفل إيلي مقادسي (11 سنة)، الذي بعد استفساره من أهله عن سبب تزودهم بكميات كبيرة من الطعام في بداية فترة الحجر، اكتشف أن ذوي العديد من أصدقائه في المدرسة لن يتمكنوا من التزود بكميات مماثلة من الطعام، فطلب من شقيقه أن يساعده بحملة لجمع الإعانات لهم، مضمناً إياها كميات من السكاكر، التي قد يظن الأهل أنها من الكماليات فلا يشتروها أبداً لأولادهم. وبالفعل، نجح إيلي في خلق تفاعل بين العديد من العائلات، ومن بينها عائلة فقيرة تلقت أكثر من إعانة من أكثر من مصدر، فقررت أن تتقاسمها مع عائلات أخرى ربما تحتاج إليها في هذا الوقت العصيب الذي يمر به لبنان.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024