خوف البقاعيين من كورونا مصدره سوريا!

صبحي أمهز

الأحد 2020/03/15
بعد اللامبالاة التي رافقت عاصفة كورونا، على قاعدة أن هذا الفيروس ليس سوى رشح مكثف، يبدو أن أصوات منظمة الصحة العالمية بدأت تُسمع في البقاع. فمجرد عبور طريق ضهر البيدر، وهي جسر العبور بين البقاع والعاصمة، يبدو جلياً أن شيئاً استثنائياً بدأ يسيطر على المشهد العام.

لا سلام في "سرعين" 
بعد اجتياز ضهر البيدر مروراً بالبلدات المؤدية إلى أولى بلدات قضاء بعلبك الهرمل، تبدو كورونا عروس الانتظار والأحاديث. فالمحال التجارية شبه فارغة إلا من أصحابها وبعض عابري السبيل الباحثين عن سلعة اضطرارية أو قوت يومي.

فسلوك أهالي بلدة سرعين اليومي، يبدي أن وعياً داهماً سقط عليهم في أسبوع، بعدما كانت الاجتماعيات سيدة البلدة. فغريزة البقاء والقناعة بأن سرعة انتشار كورونا حتمت عليهم تطبيق درهم وقاية، فيما أصبح الفيروس يسابق الزمن.

يحاول أهالي هذه البلدة التخفيف قدر الأمكان من الاتصال الجسدي. فالتحية اليومية لديهم أصبحت رفع الأيدي من دون مصافحة ولا قبلات، بعدما ثبُت أن المعقمات وغسل الأيدي باستمرار، وعدم التجمع إلا للضرورات القصوى، أصدق إنباءً من التسليم بالقضاء والقدر وبمقولة أن "ما كُتب قد كُتب".

الفاكهة: مبادرات مدنية وضبط للحدود
انتشرت صباح الجمعة 13 آذار شائعة عن إصابات بكورونا في إحدى مستشفيات بعلبك. وبعد نفى محافظ بعلبك الهرمل هذه الشائعة جملة وتفصيلاً. ظل الترقّب سيد الموقف في المنطقة. وحاولت بعض مجموعات المجتمع المدني الناشطة الضغط على البلديات للقيام بحملات صحية وتوعوية.

في بلدة الفاكهة التي تعتبر قريبة نسبياً من الحدود السورية، وفيما يعم تعتيم مطلق على أرقام الإصابات في سوريا الأسد، يبدو الخوف عنوان الأحاديث بين أبنائها. فأهالي الفاكهة الذين حُلّت بلديتهم ووضِعت بتصرف المحافظ، يحاولون عدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمام تمدّد الوباء المخيف.

وفي هذا السياق، يكشف أحد أبناء البلدة عن مناشدة أطلقها الأهالي لمحافظ بعلبك الهرمل، بوصفه الوصي على أموال البلدية، لرصد ما يكفي من أموال للقيام بالحد الأدنى من الإجراءات الوقائية.

وليس بعيداً من مبادرة المناشدة، يحضر أهالي البلدة لإطلاق مبادرة تعاون مع مخاتير بلدتهم لجمع ما تيسر من تبرعات لشراء معقمات وكمامات وتوزيعها على أهالي البلدة للتخفيف قدر الإمكان من الخطر الكوروني.

ولا يخفي الأهالي خوفهم من القادمين من خارج الحدود. ففي منطقة اعتادت على "الإهمال الرسمي"، يحاول أبناء الفاكهة الضغط على الأجهزة الطبية والرسمية لدرء داء الهلع "الكوروني" عن بلدتهم. فمنذ أيام، وفيما توقفت بعض الحافلات السورية للتبضع على طريق عام بلدتهم، تجمهر عدد كبير من شباب البلدة على الطرق ولم يسمحوا بعبور الحافلات، إلا بعد قدوم فريق طبي رسمي قام بالكشف الصحي الميداني وأثبت أن عابري الحافلات غير مصابين.

القاع وحيدة على الحدود
ومن الفاكهة إلى القاع، تتعدّد أسباب التخوف والنتيجة واحدة: الخوف من ما يدور خارج الحدود.
ففي آخر البلدات اللبنانية المتاخمة لحدود معبر جوسيه الحدودي مع سوريا، يناشد رئيس بلدية القاع بشير مطر "المنظمات الدولية والجهات المانحة لدعم سلطته المحلية للتصدي باللحم الحي للوباء".

وفيما يرى مطر أن ما تقوم به وزارة الصحة على الحدود ليس كافياً، وأن "فريق وزارة الصحة على الحدود، وهو من 7 أطباء وبعض الممرضين، لم يعد كافياً، خصوصاً أن هذا الطاقم لا يغطي فترات الليل. وهذا يعني أن عابري الحدود ليلاً لا يشملهم الفحص الوقائي".

أكثر من ذلك، يؤكد مطر أن قدرات البلدية التي "تضم في نطاقها ما بين 5000 لبناني و45 ألف سوري، أصبحت ضعيفة في ظل ضآلة الإمكانات اللوجستية والمادية".

وبين رهاب كورونا وسرعة انتشاره في ظل ضعف الإمكانات البلدية، يبدو أن الجميع بات يعي أن لا خيار للبنانيين سوى اللجوء إلى الوقاية الذاتية، وعدم الخروج أو التجمع إلا في حالات الضرورة القصوى. لكن الخوف لا يزال ماثلأً.. ومصدره سوريا، التي تشكل جسر العبور البري للقادمين من ايران  إلى لبنان أولاً، والتي لايزال نظامها حتى اليوم يتكتّم عن أعداد المصابين بهذا الفيروس ثانياً.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024