خريف 17 تشرين: نهاية عامها الأول بتظاهرات باهتة

وليد حسين

السبت 2020/10/17
على عكس المتوقع لم تكن التظاهرات التي نظمت في بيروت، في الذكرى السنوية الأولى لاندلاع انتفاضة تشرين، حاشدة. ربما أثر انتشار وباء كورونا وعدد إصاباته المرتفع على نزول المواطنين إلى الساحات، فاقتصرت المشاركة على الجمهور الحزبي وما حشدته مجموعات تشرين الكثيرة. 

ساحات وحافلات
منذ بدء التحركات في ساحتي الشهداء واللعازارية ظهراً، بدت حماسة المواطنين في المشاركة خفيفة. وما زاد في إظهار ضعف المشاركة الشعبية تذرر المجموعات والأحزاب، وعدم اتفاقها على تحرك موحد. فعلى مستوى العدد الكلي شارك ربما أكثر من خمسة آلاف شخص في كل التحركات التي كانت منصتها الأساسية ساحة الشهداء. لكن توزع المشاركين بين التحركات المختلفة، التي انطلقت يميناً ويساراً، أدى إلى تشكل هذا المشهد الباهت. 

وفي تفاصيل اليوم التشريني، بدأت المجموعات في تنظيم تجمعات في مختلف المناطق، من صيدا وصور وطرابلس والبقاع والشوف. وانطلقوا في حافلات للمشاركة في التحرك المركزي في بيروت. ونظمت بعض المجموعات بعض "المشاهد الاحتفالية" في ساحتي الشهداء واللعازارية، حيث كرمت عائلات شهداء الانتفاضة وبعض المحامين والإعلاميين. وأقيم هايد بارك تخلله عرض مصور وخطابات وشهادات للمشاركين، لكن الحضور اقتصر على عشرات.  

جسر 17 تشرين
وفي الساعة الثالثة، انطلقت مسيرة من ساحة الشهداء، قوامها نحو ألفي شخص، بتنظيم من مبادرة "درابزين 17 تشرين". واقتصرت المشاركة فيها على جمهور اليسار والمجموعات اليسارية التوجه عامة. وانطلقت المسيرة نحو جسر الرينغ تتقدمها لافتات كبيرة كتب عليها "المواجهة مستمرة حتى اسقاط منظومة القتل والفساد"، و"من كل الساحات نواجه منظومة اليأس"، و"لا ثقة بأي حكومة تناقض مطالب 17تشرين". وما إن وصلت المسيرة إلى جسر الرينغ حتى أعلن "الثوار" تغيير اسمه ليصبح "جسر 17 تشرين"، حيث علقوا لافتة كبيرة هناك. واستمرت المسيرة حتى مصرف لبنان. وأقدم بعض المتظاهرين على رمي الحجارة في اتجاه المصرف، وأطلقت عليهم قنابل مسيلة للدموع، نفت القوى الأمنية أنها مصدرها. ثم التفت المسيرة وعادت إلى أمام مدخل المرفأ، حيث وقف المتظاهرون دقيقة صمت على أرواح قتلى انفجار الرابع من آب.  

في الأثناء كان متظاهرون آخرون يتوزعون على بعض زوايا وأنحاء ساحة الشهداء وبيت الكتائب في الصيفي. تجمعوا مجموعات صغيرة وكبيرة، وتوزعوا بين مدخل جامع الأمين ومبنى النهار وبيت الكتائب. وانطلق العديد منهم في مسيرة مشاعل الثورة لإضاءة شعلة ثورة 17 تشرين عند نصب المغترب اللبناني. لكن مجموعة أخرى، قوامها نحو ثلاثمئة شخص، فضلت الاعتصام أمام مجلس النواب.
ومساء، دارت اشتباكات بين متظاهرين في كل من محيط مجلس النواب، وفي الصيفي. قذف المتظاهرون القوى الأمنية بالحجارة، فردت عليهم بالقنابل المسيلة للدموع.

خريف تشرين
وتذرر المشاركون بين المناطق والمجموعات وانقساماتها السياسية وكثرة التظاهرات، فبدت مشهدية 17 تشرين خريفية ولا تشبه انطلاقتها قبل عام بالتمام.
بعد عام على انطلاقتها "الربيعية" في 17 تشرين الفائت، انهت أحزاب ومجموعات تشرين العام الأول للانتفاضة، بتظاهرات باهتة وخاوية، تمثل أصدق تعبير عن حال اللبنانيين في أزماتهم المتتالية منذ عام. 

واكتمل خريف "تشرين" في ساحة الشهداء بمشهد يعبر عن الخواء السياسي بعد عام على الانتفاضة. إذ راح سفير فوق العادة (منصب زائف يقلد منتحل الصفة)، جمع حوله نحو خمسة أشخاص لا أكثر، ومكبر للصوت، يخطب بهم ناعياً الجمهورية الثالثة. وأعلن انطلاق الثورة، وحل البرلمان (لم يعلن تعليق الدستور) وتشكيل الحكومة الثورية، التي ستتألف من مجموعات الثورة، كما قال. فنال من الهزء، من بعض الحاضرين، أكثر بكثير من تصفيق جمهوره. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024