محمد زبيب وتظاهرة تضامن رداً على البلطجة: سقط الخوف

نادر فوز

الجمعة 2020/02/14

أمام مصرف لبنان، اجتمع المئات لاستنكار الاعتداء الذي طال الزميل محمد زبيب ليل الأربعاء- الخميس في شارع الحمرا. هنا، عند مدخل شارع الحمرا مثلّث رعب: المصرف المركزي من جهة، ووزارة الداخلية من جهة أخرى، وبينهما وزارة الإعلام. الأول وضع يده على أموال اللبنانيين والثانية قمعتهم والثالثة تعيش في عالم آخر، ولا هم لها سوى التصريح بعد اجتماعات الحكومة.

بعد العديد من بيانات الاستنكار من منظمات غير حكومية ونقابية، كان الردّ الفعلي على الاعتداء، هو الوقوف عند هذا المثلث، والصراخ من أجل إسقاط الحكم، حكم المصرف، حكم الأزعر بشكل عام.
جاءت دعوة الاعتصام من "تجمّع مهنيات ومهنيون" و"تجمّع نقابة الصحافة البديلة" والحزب الشيوعي ومجموعات عديدة من الناشطين التي لم توفّر مناسبة إلا ولبّت الدعوات إلى الشارع.

تحقيقات مستمرة
بينما لا تزال تحقيقات الأجهزة الأمنية مستمرة، يؤكد زبيب أنّ مطلبه الرئيسي هو الحصول على شرائط الفيديو من كاميرات المراقبة المحيطة لمكان الاعتداء. ببساطة، كشف وجوه البلطجيين يعني كشف هوياتهم وانتماءاتهم والجهة التي تقف وراءهم. وفي ظلّ سلطة لا نثق بها، الاتّكال فقط على فضح المعتدين ومحرّكيهم، بين الناس. فالمعتدون عديدون، في موقع الجريمة ولحظتها، وبعدها وبعيداً عنها. ولا شكّ أنّ باستطاعة الأمن كشف كامل الملابسات، أمس قبل اليوم، مع استمرار "إتيكيت" التحقيقات وكتابة المحاضر والتحقيقات، خصوصاً أن الاستنتاج الأول من التحقيق أشار إلى أنّ المعتدين الثلاثة كانوا يراقبون زبيب ومشوا خلفه في مشواره في شارع الحمرا. وليكتمل مشهد العصابات، لم يوجّه البلطجيون لزبيب أي كلام أو رسالة، فقط الشتم. لم يقولوا له "فلان أشرف من عيلتك" أو "فلان تاج راسك"، وهي العبارات التي يستخدمها شبيحة الأحزاب والطوائف عادة لدى القصاص من الثوار. والمطلوب أولاً، عرض شريط الاعتداء إن وجد وكشف وجوه البلطجيين، علّ ذلك يوسّع ما في جعبة السلطة من فضائح على مختلف المستويات.

زُمر تجتمع
اجتمع الزملاء من مختلف المؤسسات الإعلامية والتوجهات السياسية للدفاع عن زبيب، وعن أنفسهم. بدا وكأنهم زُمر، لكن مجموعين حول قضية واحدة وفي واقع واحد. فـ"المصيبة تجمع"، على حد قول أحدهم. وضعوا خلافاتهم جانباً للدفاع عن حق التعبير ورفض الاعتداء والقمع، وكل رسائل العنف التي تحاول السلطة (بمختلف قطاعاتها) توجيهها لثورة 17 تشرين الأول. أمام المصرف، كانت الجموع تهتف "للوطن للعمال، تسقط سلطة رأس المال" و"سنمضي إلى ما نريد، وطن حر وشعب سعيد" وغيرها من الشعارات الثورية التي لن يمحيها القمع والرهان على الوقت. وهنا أصابع الاتّهام كلها تشير إلى المصرف التي تتشارك كل القوى السياسية في حمايته. ومنه وبغطاء منه، تخرج كل قرارات سرقة ودائع اللبنانيين ومعها إفراغ الخزينة ومراكمة الدين تحت عنوان خبيث اسمه "الثقة". 

زبيب: مستمرون
لم يتأخر ردّ زبيب على فعل البلطجة، فقال "هذه الرسائل بلّوها واشربوا ماءها، لأننا لا نخاف ولن نخاف". وإسقاط الخوف مستمرّ منذ 121 يوماً. سقط الخوف من السلطة، من الأجهزة، من القمع، من الطائفية والحرب الأهلية، من كانتونات المناطق والتقسيم، واليوم تأكيد على سقوط منطق الترهيب والتخويف. وضع زبيب الاعتداء في إطار "الممارسات الارهابية التي شهدناها طيلة الأشهر الأربعة، وكان هدفها الوحيد إسكات صوت الناس، وانا واحد من الناس الذي أملك صوتاً، وسيبقى صوتي عالياً وسأسمعه لكل من يجب أن يسمعه". وأكد، كما كل المنتفضين، على أنّ الاستمرار في الثورة هو الحل لإسقاط الحاكمين ورفع ظلفهم وسياساتهم الجائرة عن اللبنانيين. فرفع مجدداً مطالب الثورة ولاءاتها: نريد مدّخراتنا وأجورنا ونظاماً ضريبياً عادلاً وحماية اجتماعية وأمان غذائي وفرص عمل وحق السكن دون قروض، لن ندفع الديون الجائرة. ويضاف إليها محاسبة الناهبين واستعادة المال المنهوب.

مسيرة راجلة
بعد انتهاء الاعتصام عند المثلث، نظّم الثوار مسيرة جابت شارع الحمرا والتفّت باتجاه وزارة الداخلية صعوداً. وهناك كان تعبير إضافي لاستمرار المعركة رغم العنف والقمع، والمطالبة بوقف الملاحقات الجائرة بحق عدد من الناشطين المشاركين في التحرّكات في بيروت وكل المناطق. وفي هذا ردّ إضافي يقول إنّ الثورة مستمرة لإسقاط أوليغارشية الزعران في المصارف والتشبيح ونهب المال العام وأينما كان.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024