طرد أساتذة بـ"الأنطونية": "الرهبنة تهجّر المسيحيين والإسلام بدهن ياكلونا"

وليد حسين

الجمعة 2020/05/22
بعدما أبلغت جامعة اللويزة عدداً كبيراً من أساتذتها بإنهاء عقودهم والاستغناء عن خدماتهم، ها هي الجامعة الأنطونية، التابعة مثل اللويزة للرهبنة المارونية، تتذرع بجائحة كورونا والانهيار الاقتصادي لطرد 15 أستاذاً من كادرها التعليمي. والحبل على الجرار لطرد أساتذة آخرين وموظفين إداريين، وفق ما قالت مصادر خاصة بـ"المدن". 

وعود فارغة وتبديد
"ما يحصل غير مقبول أبداً"، قالت المصادر إياها. فرغم الوعود التي قطعها رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال جلخ، قائلاً أكثر من مرة إنه يشعر مع الطلاب والأساتذة، وأن لديهم في الجامعة مسؤولية اجتماعية ووطنية، أقدم على تبليغ 15 أستاذاً بإنهاء خدماتهم، ومن المنتظر أن يبلّغ دفعة جديدة في الأيام المقبلة. 

المشكلة، وفق المصادر، ليست كما تذرعت الجامعة بثورة 17 تشرين وجائحة كورونا، وعدم دفع الطلاب الأقساط. فمعظم الطلاب (أكثر من 60 في المئة) لم يتوقفوا عن دفع الأقساط. 

وأضافت المصادر: لقد أثرت كورونا حتماً على البلد وتحمل الأساذة الوضع مع الجامعة، إذ مر عليهم شهرين بتقاضي نصف الراتب. لكن مشكلة الجامعة تعود إلى سنوات طويلة، أنفقت فيها أموالاً من دون حساب ولا دراسة. كانت الأموال متوفرة بكثرة، فبُدِّدت. 

وتابعت المصادر إياها: ربما كانت الرهبنة المارونية تعلم بهذا الإنفاق، فتغض النظر. لكن الإمعان في التبذير لم يكن مقبولاً. فوجهوا التهم إلى الرهبنة باعتبارها المسؤولة عن الجامعة،  ولا تجيد إدارة مؤسساتها، وتركت باب التبذير مفتوحاً على غاربه. 

وأتت كورونا، فأصيبت إدارة الجامعة بتخبط، ولم تعرف كيف تتدبر أمورها، وفق المصادر. لذا استسهلت خيار طرد 15 أستاذاً، لخفض الإنفاق. صحيح أنهم يعانون من ضآلة السيولة، لكن: هل الحل بطرد كادر تعليمي يدرّس في الجامعة منذ عشرات السنين، بدلاً من اللجوء إلى حصر النفقات؟ تسأل المصادر.

عدم التشاور
واستنكرت المصادر عدم تشاور إدارة الجامعة مع الأساتذة. فهي لم تعقد اجتماعاً موسعاً لطرح المشاكل وإيجاد الحلول الكثيرة. وتساءلت: لماذا لم يطرحوا على كادرهم التعليمي زيادة حصص تدريس مجانية، أو حتى تخفيض الرواتب، أو وقف الرواتب لشهر أو شهرين؟ لماذا لم يلجأوا إلى الاستغناء عن متعاقدين، أو أي خيار بديل عن الطرد؟ لماذا لم يتشاروا معهم لوضع حلول مشتركة وتقاسم الأعباء، أو حتى تخفيض رواتب بعض الموظفين الكبار الخيالية، وهم كثر؟ 

ووفق المصادر، بلّغت الإدارة الأساتذة بالطرد شفهياً. وذلك في انتظار التبليغ خطياً، متذرعة بالأزمة الاقتصادية ووضع البلد. علماً أن جميع المطرودين مضى على خدمتهم في الجامعة أكثر من 15 عاماً، ولديهم الخبرة والأبحاث والمنشورات التي تشهد لهم. وقررت الإدارة الاستعاضة عن هؤلاء الأساتذة المثبتين بأساتذة جدد يدرّسون بالساعة، ضاربة بعرض الحائط مبدأ كفاءة أساتذتها ومستواهم العلمي. 

الخوف من العقاب
لم يلجأ الأساتذة المطرودون إلى طرح الغبن اللاحق بهم عبر وسائل الإعلام، خوفاً من انتقام الإدارة وحرمانهم من التعويضات. والأسوأ من هذا، حسب المصادر، أن الإدارة قد تلجأ إلى منح التعويضات للمطرودين بالليرة اللبنانية، ووفق سعر الصرف الرسمي. وهذا سيؤدي إلى كارثة اجتماعية لعائلات الأساتذة، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش للأسعار. 

ولفتت المصادر إلى أن باقي الجامعات استغنت عن متعاقدين أو أساتذة غير أساسيين، لكن في الجامعات التابعة للرهبنة حصل العكس. فبدلا من الاعتماد على الكوادر الأساسية استغنوا عنها لصالح المتعاقدين بالساعة، غير عابئين بالمستوى العلمي الذي ستصل إليه الجامعة لاحقاً. 

تهجير المسيحيين
واستغربت المصادر كيف سهت المدارس والجامعات الكاثوليكية عن واجبها في الحفاظ على المسيحيين في المنطقة، متسائلة: لماذا لم تلجأ أي جامعة أو مدرسة إسلامية على طرد أساتذتها؟ أين رسالة الرهبنة لمجتمعها ورعيتها؟ أليس هذا هو الوقت للوقوف مع رعاياها لمساعدتهم في تخطي الأزمة؟ هل يريدون هجرة أبناء طائفتهم من لبنان؟ 

وختمت بالقول: لننسى أنه من غير الجائز طرد الأساتذة، وعلى الجامعة البحث عن مصادر تمويل بديلة عن طردهم. لكن لماذا لا تتدخل الرهبنة المارونية، التي تملك أكثر 13 في المئة من الأراضي في لبنان لمساعدة أبناء الطائفة؟ أليس هذا هو الوقت المناسب للتضامن مع مجتمعهم؟ هل تعلم دوائر الفاتيكان بما يحصل في لبنان، من دون أن تحرك الرهبنة ساكناً؟

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024