وقفة تضامنية مع زياد عيتاني: "يسقط بيتر جرمانوس"

وليد حسين

الثلاثاء 2019/06/04
تستدعي الوقفة التضامنيّة مع الممثل زياد عيتاني أمام المحكمة العسكرية يوم الإثنين 3 حزيران، التي أتت بدعوة من منظّمات مدنيّة "دفاعاً عن مبادئ الحكم بالعدل والحق والقانون ورفضاً للاستبداد الأمني وللمحاكمات العسكريّة للمدنيّين"، الأسف والقلق على ضآلة الحضور، رغم فظاعة قضية تلفيق تهمة العمالة، التي تورّط بها كل من المقدم سوزان الحاج والمقرصن إيلي غبش. ومردّ الأسف ليس لأن الناس لم تتقاطر بالمئات، كما يُتوقّع، أمام قضية هزّت البلد والقضاء، واقتصر عدد الحاضرين على بضعة عشرات من الأشخاص لم يتخطّ عددهم الخمسين شخصاً، بل لكون الدعوة للتضامن مع عيتاني موقّعة من سبع منظمات غير حكومية ("لِحقّي" و"شبكة مدى" و"بيروت مدينتي" و"تحالف وطني" و"المفكرة القانونيّة" و"منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي" و "نواة للمبادرات القانونيّة"). أمّا القلق فليس نابعاً من ضعف "المجتمع المدني" في تحفيز الرأي العام، لمؤازرة مثل هذه القضايا الحقوقية وحسب، بل لأنّ ضعف المشاركة من شأنه إرسال رسالة سلبية للرأي العام كعاجز على المحاسبة، وأخرى "إيجابية" لملفقّي التهم وتركيب الملفات، بأنّ ثمن "تلفيقاتهم" زهيد جداً، وقد يقتصر على اعتراض عشرات الأفراد، لا حول ولا قوة لهم، سوى تنفيذ وقفة تنديد تنتهي بعودتهم إلى منازلهم آمنين.

ورغم كون عيتاني لم يرَ هذا الجانب السلبي في عدد الحاضرين، كما قال لـ"المدن"، إلا أنّ هذا لا يلغي حقيقة أنّ التضامن في مثل هكذا قضايا ما زال مقتصراً على العالم "الافتراضي" وحسب. وتعزّز هذا الحكم في كلام عيتاني، الذي عزا قلّة المشاركين إلى تلقي الناشطين خبراً مفرحاً قبل دقائق من الوقفة التضامنية، مفاده أنّ محكمة الاستئناف ستعاود المحاكمة.  

يسقط جرمانوس
على عكس الحضور الضعيف، الذي يعبّر عن عدم اكتراث الناس في الاعتراض على أداء المحكمة العسكرية، وعدم الرغبة في مواجهة خطر عسكرة الحياة المدنية، بدت الشعارات والهتافات والكلمة التي ألقيت في المناسبة معبّرة عن مصائب جميع اللبنانيين المدنيين مع القضاء العسكري. فقد أعرب المتضامنون عن رفضهم لمحاكمة المدنيّين أمام المحاكم العسكرية، داعين إلى اقتصار دورها على محاكمة العسكريين في القضايا المسلكية داخل مؤسّساتهم حصراً. أمّا الشعارات الصامتة مثل "لبنان دولة قمعيّة" و"القضاء سقط في امتحان العدالة"، و"تركيب ملف عمالة للعدو أرخص من محضر ضبط السرعة"، فعبّرت عن غضب المتضامنين من مجريات المحاكمة في هذه القضية.
على أنّ عدم الحماسة لترديد هتافات مثل "يسقط، يسقط بيتر جرمانوس"، و"مين المجرم؟ جرمانوس"، و"عسكر على مين يا عسكر"، بيّنت رهبة المتضامنين من أن تطالهم أقواس المحكمة، غير البعيدة عن مكان الاعتصام. فبقيت خافتة ولم تستمر لأكثر من دقيقة. وهذا يعبّر ليس عن مأساة الممثل عيتاني مع القضاء العسكري وحسب، بل عن عجز اللبنانيين من فعل أي شيء أمام أقواس محكمته واستطراداً مع قضاياهم أمام القضاء المدني في حال تعلّق الأمر بمقاضاة عسكريين. ولعلّ الغضب والعجز ما دفعا بالناشط في شبكة مدى، هاشم عدنان، إلى الصراخ منفرداً مطلقاً نداءات عبر مكبّر صغير للصوت إلى المارين محتجّاً على أنّ "المحكمة العسكرية برّأت سوزان الحاج، التي فبركت ملف العمالة لزياد عيتاني، وخرجت براءة، كون القضاء العسكري لا يريد العدالة"، مستنكرا كيفية تساهل القضاء في التعاطي مع هذه القضية.

عالق بين العسكري والمدني
في حالة عيتاني، لم يقتصر الأمر على وقف التعقّب بحق المقدّم سوزان الحاج وتبرئتها من تهمة فبركة الملف، بل إنّ دعوى التعذيب التي تقدّم بها عيتاني بحق الضابط ف. ع. والرقيب أ. ر. وعنصرين آخرين في أمن الدولة، ما زالت عالقة منذ أكثر من سنة. ولم يجرِ فيها أي محاكمات. فوفق عيتاني أحال مدعي العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود ملف القضية إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، وقام الأخير "بتنويم" الدعوى خمسة أشهر، قبل أن يتمكّن محامي عيتاني من استرداد الملف إلى المحكمة المدنيّة. والأخيرة ما زالت تماطل إلى الساعة، رغم الوعود التي تلقوها ببدء الاستجواب بعد فرصة الأعياد.

فهل تعطي محكمة الاستئناف العسكريّة زياد عيتاني حقّه؟ وهل ينال القضاء المدني من الذين عذّبوه؟ ما علينا إلا الانتظار، رغم أنّ الأخير يأتي غالباً على مصلحة المظلوم. وهذه حال عيتاني الذي بدا في كلمته المؤثّرة مظلوماً وخائر القوى، رغم تأكيده على عدم خوفه من "العسكر" والترهيب الذي يمارسه عليه بمراقبة جميع تحركاته وبيته وهاتفه، ورغم تحدّيه لزياد حبيش، زوج الحاج وشقيق النائب هادي حبيش، الذي وضع كل نفوذه العائلي والسياسي لتغيير مجريات المحاكمة. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024