تعميم لرئيس الجامعة اللبنانية: كاريكاتوري أم ديكتاتوري؟!

وليد حسين

الإثنين 2020/09/07

في قرار لا يُفهم منه سوى قمع الطلاب والحريات في الجامعة اللبنانية، أصدر رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب تعميماً، حمل الرقم 34، تحت عنوان "التوجيهات والارشادات الواجب التقيد بها من قبل الطلاب الراغبين بالتسجيل في الجامعة اللبنانية للعام الجامعي 2020-2021". طلب فيه من الطلاب الذين يرغبون بالتسجيل الالتزام بعدم توجيه الانتقادات إلى الجامعة والمسؤولين فيها. ونص التعميم حرفياً في البند الثاني على "احترام سمعة الجامعة ومسؤوليها وأساتذتها، وعدم ارتكاب أيَ تجاوز تجاههم على شبكات التواصل الاجتماعي، أو عبر أيَة وسيلة من وسائل النشر المرئي أو المقروء أو المسموع أو المعلوماتي. وفي حال وجود شكوى، إرسالها إلى العنوان البريدي التالي Shakwa@ul.edu.lb. أما البند الخامس فنصّ على "عدم بثَ الشائعات والترويج للأكاذيب، بغية الهروب من إتمام الواجبات المطلوبة أو إثارة الهلع لدى سائر الطلاب وأهلهم".

الجامعة المتهالكة
تكتل طلاب الجامعة اللبنانية اعتبر في تعليق لـ"المدن" أن التعميم هدفه القمع والترهيب، وأتى في وقت باتت فيه الجامعة متهالكة ومتداعية، جراء الممارسات الطويلة من التوظيف الانتخابي، والتقسيمات الطائفية والحزبية لفروعها، فضلاً عن مزاريب الهدر فيها، والتي بذّرت موازنتها الضئيلة أصلاً.
وأضاف أحد الطلاب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، تجنباً لصدامٍ مع أيوب، أن القرار هو لطمس الواقع الأسود للجامعة ولكمّ الافواه الرافضة لواقع الجامعة الحالي، وأتى بعدما أقدم طلاب كثر على نشر مجريات الامتحانات، وعدم وجود كراسات في العديد من الكليات لإجراء الامتحانات. وهو غير مستغرب من إدارة الجامعة بل هو استكمال لمحاولتها استحصال قرار قضائي بمنع تناول الجامعة اللبنانية في الوسائل الإعلامية! وملاحقة للأساتذة الذين عارضوا أيوب.

نظام الجامعة
أحد أعضاء رابطة أساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية اعتبر القرار "كاريكاتوري" أكثر منه "دكتاتوري"، لأن رئيس الجامعة يعرف أن هكذا قرارات يصعب تطبيقها في الجامعة. والطلاب سيستمرون في توجيه الانتقادات عندما يجدون ما ينتقد. وأضاف أن التعميم لم يستند على أي بند في نظام الجامعة، التي يفترض بها أن تكون صرحاً للحريات. ولم يقل التعميم أن قانون الجامعة يفرض في المادة الفلانية أو الفقرة الفلانية على الطلاب أو الأساتذة عدم توجيه انتقادات للجامعة وللمسؤولين فيها. جل ما يريده التعميم من خلف فرض "احترام سمعة الجامعة والمسؤولين والأساتذة"، فرض سلوك على الطلاب لا يشبه الجامعة والتعليم الجامعي، القائم على التفكير والنقد، وليس التلقين وفرض الرقابة الذاتية في حرم الجامعة.

واعتبر أن أيوب وعوضاً عن البحث في كيفية مواجهة العام الدراسي المقبل، بعدما تراجعت ميزانية الجامعة وباتت الكليات بلا كراسات للامتحانات، يتلهى في تعاميم تتعلق بصورته الشخصية، ويكرس مسيرته الطويلة في الادعاء على كل شخص أو وسيلة إعلامية تنتقده. وعوضاً عن إبقاء المسألة في إطار حقه وحق الجامعة في الادعاء على أي افتراء يطاله أو يطال الجامعة، يريد رئيس الجامعة فرض شروط مسبقة على الطالب قبل التسجيل في الجامعة، هذا في وقت تتحضر الجامعة لاستقبال آلاف الطلاب الجدد الآتين من الجامعات الخاصة، بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها جميع اللبنانيين.

الشيوعيون والحركة الشبابية
وتعليقاً على هذا التعميم اعتبر قطاع التربية والتعليم في الحزب الشيوعي أنه "تحت مسمى توجيهات وإرشادات سطّر فؤاد أيوب تعميماً أقل ما يقال به أنه بيان ترهيب وحجز استباقي على حرية التعبير".
وجاء في البيان الشيوعي: تتحضّر إدارة الجامعة اللبنانية -بشخص رئيسها فؤاد أيّوب (ومن يقف خلفه)-للإنهيار الآتي، نتيجة الفشل الإداري الذريع ومنطق التحاصص والمحسوبيات، والّذي سينفجر غضباً في وجهها.

بتعميمٍ أصدره البروفّسور فؤاد أيوب اليوم، طمأننا - بشكلٍ غير مباشر، بأنّه لن يصلح أزمة الجامعة، بل سيلجأ لكتم صوت كل من يعترض عليها.
هو قرار بإذلال الطلّاب، بكتم صوتهم، بالتعتيم على آرائهم، وحصر شكواهم ببريدٍ الكتروني ندرك سلفاً أنّ الغبار سيأكله، كما كل الشكاوى المقدّمة سابقاً.
اللافت، أن كل ذلك يجري بموجب "تعهّد" عند التسجيل، كما تفعل مخافر السلطة؛ إذ يأتي هذا التعميم متماشياً مع حالة الطوارئ والقمع التي تتلطّى خلفها الطبقة الحاكمة.
وبينما يتوجّه العدد الأكبر من الطلّاب نحو الجامعة اللبنانية في العام المقبل، وبينما يُفترض على الإدارة أن تبحث عن سبلٍ لاحتوائهم ولتطوير مناهجها بما يناسب الظرف الصحّي الراهن، وبينما يُفترض أن تسير الجامعة بنهج مجّانيّة التعليم وديمقراطيّته؛ يضرب السيّد أيّوب كل ذلك بعرض الحائط، تحت مسمّياتِ "احترام سمعة الجامعة" وغيرها من العناوين الرنّانة التي واظب فؤاد أيوب نفسه على مخالفتها.

ختاماً، نستنكر في قطاع الشباب والطلّاب في الحزب الشيوعي اللبناني هذا التعميم - تحديداً ببَندَيه الثاني والثالث؛ نطالب الإدارة بالتراجع عنه فوراً وتعديله، كما نطالب الطلّاب بعدم التوقيع عليه إن بقيَ على حاله. ونشدّد على أن طلّاب الجامعة هم سمعتها الحسنة، وهم من واظبوا طيلة سنين طويلة لرفع اسم جامعتهم الوطنية اللبنانية، ولن يكون أحداً أحقّ منهم بجامعتهم، ولن يسلب منهم أحداً صوتهم ورأيهم الحر، الرافض لإدارة المحاصصة والمحسوبيات.

من ناحيتها اعتبرت الحركة الشبابية للتغيير أن "القمع السلطوي، وإلغاء الاخر، وكم الأفواه، وإسكات الأصوات المعترضة هو حال الجامعة اللبنانية في ظل هذا النظام".
إلى ذلك بدأت المجموعات الطلابية بعقد اجتماعات وتتحضر لإطلاق حملة واسعة ضد هذا التعميم، ستبدأ في الساعات المقبلة، كما أكد طلاب لـ"المدن".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024