عمال وفلاحون وطلبة.. نحو تنظيم النضال ثوري

يارا نحلة

الثلاثاء 2020/05/05

كثيرة هي الحملات والمجموعات والمبادرات التي أفرزتها ثورة 17 تشرين. ومتنوعة هي التوجهات التي حملها كلّ منها. لكن، يبقى أن تنتظم هذه الجهود والمطالب المتناثرة، وتتمأسس ضمن إطار سياسي ونضالي موجّه.

لمواجهة الأوليغارشيا
لهذه الغاية، عقدت مجموعة "تأميم المصارف" ندوة إلكترونية على فايسبوك تحت عنوان "عمال وفلاحين وطلبة: نحو تنظيم ثوري"، في الرابع من أيار الجاري، ضمّت ممثلين عن عدد من المجموعات الناشطة منها "حملة الدفاع عن حقوق المودعين"، و"حراك المخيمات الفلسطينية"، و"تكتّل طلاب الجامعة اللبنانية"، و"حركة حبق الزراعية".

يجسّد كل من هذه المجموعات مكوناً من مكونات الحراك الثوري، الذي اندلع في لبنان على إثر التدهور الاقتصادي المستفحل منذ نهاية العام الماضي. فقد شكّلت لحظة 17 تشرين محركاً لمجموعة واسعة من القضايا المتقاطعة، منها النقابية والعمالية والطلابية، وبالطبع القضية الاقتصادية الحاوية لكل هذه المطالب الفرعية، المتجسدة بما آل إليه النظام الاقتصادي غير المنصف، والذي دفع بأكثر من نصف اللبنانين إلى خط الفقر وما دونه، وهي أزمة تتلخص بصراع الشعب/المودعين الصغار مع سلطة الأوليغارشية/المصارف.

فلسطينيون ولبنانيون
من هنا، فإن أولى أهداف النقاش التفاعلي كان "تسليط الضوء على التقاطعات القائمة بين مختلف القضايا والمجموعات الناشطة في سبيلها، بهدف استخلاص صورة واضحة عن أشكال الصراع الطبقي، والتشبيك فيما بيننا بشكلٍ تنظيمي"، وفق مجموعة "تأميم المصارف" المنظمة. فالأزمة الراهنة لم تنفجر لأسباب اقتصادية فحسب، وفق مايا زبداوي، من مجموعة "تأميم المصارف". بل كان العامل الاجتماعي بارزاً فيها، والذي لا يمكن الإحاطة به إحاطة كلية من دون التطرق إلى قضايا اللاجئين الفلسطينيين، "فإذا لم نفهم المخيم لن نفهم لبنان". وهو ما أكّد عليه الناشط أيهم من "حراك المخيمات الفلسطينية" والذي تحدّث عن "التقاطع الاقتصادي والإجتماعي بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، الذي تجسّد مؤخراً بأزمتي العمل والسكن المشتركتين، وقد تجلّت آثاره خلال إغلاق مخيم عين الحلوة احتجاجاً على قرار وزير العمل السابق بزيادة قيود العمل على الفلسطينيين، والذي أسفر عن أزمةٍ في سوق صيدا، تأثر بها معظم سكان المدينة".

التضامن وتبادل الموارد
وفيما خصّ مأسسة العمل النضالي، تحدّث هادي جعفر من "حملة الدفاع عن حقوق المودعين" عن "تنظيم المودعين الصغار في مجموعات "واتساب" بحسب المنطقة والبنك الذي يتعاملون معه، وقد وصل عددهم إلى 4000 مودع مشارك في الحملة، وذلك لتشكيل قوة ضغط يواجهون عبرها قوة جمعية المصارف". وقد تمّ تسجيل "رابطة حماية حقوق المودعين" لدى وزارة الداخلية، وفق هادي، الذي أشار إلى نتائج استبيان أجرته الحملة وأظهر أن 63.8 في المئة من المودعين (الصغار والمتوسطين) الذين استهدفهم الاستبيان أبدوا اهتمامهم بالإنضمام إلى تنظيم يؤطر صراعهم.

في هذا الإطار، أشار سيرج حرفوش، من حركة "حبق" الزراعية إلى "ضرورة تخفيف العبء والمسؤولية عن الفرد وتوزيعهما على المجموعة، ومن المهم هنا ألا يقتصر التقاطع على القضايا والتوجهات السياسية. بل أن يترجم على الأرض، من خلال تقاطع الفعل والتضامن، وتبادل الموارد والمعارف بين المجموعات على اختلاف نطاق نشاطها".

الأزمة الصحية و"الإرهاب الأمني"
من جهةٍ أخرى، تطرقت الندوة إلى الأزمة الصحية الراهنة وطرق استغلالها من قبل الدولة اللبنانية لفرض "إرهاب أمني"، بالإضافة إلى الإهمال الذي يعاني منه قطاع التمريض، لجهة شروط العمل السيئة، من ساعات عمل طويلة يقابلها مردود ضئيل. أما الإهمال الذي تعاني منه الجامعة اللبنانية، فقد وصفته ميساء زعيتر من تكتل طلاب الجامعة اللبنانية بالقول "في السنوات الأخيرة كان طلاب الجامعة اللبنانية مجرّدين من أي دور نضالي، وكانوا بمثابة ردّ فعل أو متلقين لحركات واحتجاجات الكادر الأكاديمي وموظفي الجامعة في إضراباتهم المتعاقبة. لكن تلاقي الطلاب كان في الشارع، حيث توضّح تقاطع قضاياهم وهمومهم، ما أدّى إلى توحيد الصوت والنضال".

على الأرض، تشكّلت نواة حراك طلابي يسعى للنهوض بالجامعة، فهل تتشكّل، عبر هذه النقاشات، نواة تنظيم ثوري مستقبلي قادر على مواجهة السلطة؟  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024