"المحرّمات" تدخل انتخابات الجامعة الأميركية

علي نور الدين

الخميس 2018/10/11
تستعد الجامعة الأميركيّة في بيروت ليوم انتخابي طويل الجمعة في 12 تشرين الأول، في ظل تقلّب تحالفات الأحزاب، واعتماد القانون النسبي على أساس الكليّة. فانتخابات السنة الماضية نتج عنها تقاسم 3 حملات حصصاً متساوية في مقاعد المجلس الـ19. تمثّل النادي العلماني وتحالف حزب الله- أمل وتحالف تيار المستقبل- القوات اللبنانية- التيار الوطني الحر، بالإضافة إلى مستقلّة واحدة في ظل مقاطعة الحزب التقدمي الاشتراكي. أمّا الجديد في تحالفات هذه السنة، فهو عودة الوطني الحر إلى تحالفه التقليدي مع حزب الله وأمل، وانضمام الاشتراكي إلى هذا التحالف، بينما يخوض تحالف القوات والمستقبل المعركة في لائحة واحدة.


تقلّب التحالفات الحزبيّة
ينفي مسؤول التيار الوطني الحر في الجامعة إيلي معوّض، في حديث إلى "المدن"، أن يكون التحالف مع القوات والمستقبل السنة الماضية والافتراق عنهما اليوم إنعكاساً لتقلّب علاقة القوات والمستقبل بالتيار سياسيّاً خارج الجامعة. فبالنسبة إلى معوّض التحالف مع القوات والمستقبل غير التقليدي السنة الماضية جرى بعد إشكالات معيّنة تخلّلت تحالفات التيار التقليديّة، واليوم، يعود التيار إلى تحالفه التقليدي مع حزب والله وأمل بعد معالجة هذه الشوائب و"طي الصفحة السابقة".

ويفيد مسؤول تيار المستقبل في الجامعة جولان مشرفيّة لـ"المدن" بأنّ التيار قام بالتواصل مع الاشتراكي والوطني الحر على مشارف الانتخابات، لكن من دون أن تتكلّل هذه الاتصالات باتفاق انتخابي. ويعتبر مشرّفيّة أنّ اتفاق جميع الأحزاب في حملة واحدة مقابل تحالف القوات- المستقبل يؤكّد قوّة الحزبين في الجامعة.

يبدو أن لتقلّب التحالفات أثراً كبيراً في تغيير التوازنات بين الأحزاب داخل المجلس. إذ تمكن الثنائي الشيعي منفرداً، السنة الماضية، من التعادل مع تحالف القوّات- المستقبل- الوطني الحر. ومن المتوقّع أن يؤدّي تحالف العونيين والاشتراكي مع الثنائي الشيعي هذه السنة إلى زيادة حصّة التحالف ككل مقابل وضع القوات والمستقبل في موقف صعب، خصوصاً في الكليات الكبيرة. أمّا النادي العلماني فيشارك ككل سنة في السباق منفرداً، مراهناً على الحصول على حصّة وازنة في المقاعد بحسب نسبة أصواته وبمعزل عن تحالفات الأحزاب.

الطلّاب يطرقون باب المحرّمات
لطالما مثّل النادي العلماني علامة فارقة في انتخابات الجامعة الأميركيّة، بالنظر إلى نتائجه التي أصبحت تماثل من حيث الحجم حصص التحالفات الحزبيّة الكبيرة في المجلس. لكنّ الجديد هذه السنة هو دخول النادي الحملة الانتخابيّة بحملة مطلبيّة جريئة، تلامس مواضيع لطالما تغاضت عنها الحملات الانتخابيّة سابقاً، وكان الحديث عنها يُعد في خانة المحرّمات.

أبرز المسائل التي شملتها الحملة مسألة صلاحيّة الطلّاب في المجلس المنتخب. فعمليّاً، لا يوجد مجلس طلّاب فعلي على مستوى الجامعة ككل بل "مجلس طلّاب وأساتذة" يرأسه رئيس الجامعة ويمثّله في الاجتماعات، في أغلب الأحيان، عميد الشؤون الطلّابيّة. ويخضع المجلس في إدارته وأجندات الاجتماعات إلى مشيئة العميد الذي يعاونه طالب بمنصب نائب رئيس للمجلس. ويتمثّل في المجلس أساتذة آخرون يملكون حق التصويت والمشاركة في جميع القرارات.

هذه المسألة كانت بعيدة عن أي نقاش، وكان النموذج المعتمد مسلّماً به وبعيداً عن النقاش لاعتبارات عدة. ويبدو أنّ النادي العلماني اختار فتح هذا النقاش عبر تضمين برنامجه مطلب استبدال نموذج مجلس الطلّاب والأساتذة بمجلس خاص بالطلّاب، بعيداً عن سيطرة الإدارة على قراراته ومجريات العمل فيه.

بالإضافة إلى هذه النقطة، تضمّن برنامج النادي نقاطاً أخرى، مثل معالجة مسألة ارتفاع الأقساط عبر إيجاد عَقد بين الطالب والجامعة، يضمن للطالب عدم رفع القسط الذي يدفعه خلال فترة دراسته في الجامعة. وتطرّق البرنامج إلى نقاط حسّاسة أخرى مثل تحرير الأندية الطلّابية ونشاطاتها من سيطرة مكتب شؤون الطّلاب، الذي يحد إلى درجة كبيرة من صلاحيّات الطلّاب في إدارة نشاطهم ضمن الحرم الجامعي.

الجمهور
هذه المواضيع وغيرها، حملها الطلّاب إلى نقاش بين الحملات الثلاث قرب مبنى وست هال. النقاش بدأ بعرض المرشّحين البرامج الانتخابيّة، وتلى العرض حوار بين الطلّاب. لكنّ اللافت هو توجّه المجموعة الأكبر من الأسئلة إلى قضايا تفصيليّة تتعلّق بمناكفات شخصيّة وتنظيميّة سابقة داخل المجلس الطلّابي وخارجه. وتدريجاً، ابتعد النقاش عن القضايا الجوهريّة التي تتعلّق بالمصلحة الطلّابيّة، ليصب في إطار تسجيل النقاط حول أحداث ومواقف لا يتابعها إلّا كوادر المجموعات السياسيّة الناشطة.

الجمهورالذي حضر النقاش عكس طبيعة النقاش نفسه، إذ تشكّل تحديداً من مناصري الحملات الذين حضروا للهتاف وتشجيع مرشّحين. وكان واضحاً أنّ غاية معظم المجموعات المشاركة في النقاش استعماله كمهرجان انتخابي في ختام الحملة الانتخابيّة، لرفع معنويّات وحماسة الماكينات الانتخابيّة قبيل المعركة المرتقبة.

وبمعزل عن تحالفات الأميركيّة وتقلّباتها، يظل العامل الأهم هو المعيار الذي سيختار الطلّاب على أساسه اللوائح. فبينما يبدو أن ثمّة جزءاً كبيراً من الطلّاب مفروز بين الحملات المختلفة، يبقى السؤال إذا ما كان الجزء الآخر سينتخب على أساس البرامج المعروضة أو على أساس العلاقات الشخصيّة مع المرشّحين.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024