المدارس الخاصة 2020: أقساط مجحفة.. و"أونلاين" الضياع

وليد حسين

الخميس 2020/12/31
انتهى العام الدراسي الفائت كارثياً، لأن الطلاب لم يتعلموا منه أكثر من نصفه، سواء في المدارس الخاصة أو الرسمية. وكان ذلك استثنائياً ومفاجئاً للجميع، لأن المدارس كلها لم تكن حاضرة ومجهزة للتعامل مع المستجدات التي فرضها وباء كورونا في بدايات الفصل الثاني من العام الدراسي الفائت (2019 - 2020).

أقساط بلا تعليم
وعلى الرغم من ذلك (إقفال المدارس)، وفي ظل أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة في لبنان، أصرت المدارس الخاصة على تقاضي أقساطها كاملة من تلامذتها وطلابها الذين لم يتلقوا التعلم إلا في نحو 90 يوماً من أصل 169 يوماً، هي أيام العام الدراسي.

إشكاليات كثيرة حصلت بين الأهل وإدارات المدارس الخاصة، التي رفضت منح إفادات لطلابها في نهايات العام الدراسي المبتور، كي ينتقلوا إلى مدارس أخرى، وخصوصاً التعليم الرسمي، بسبب عجز الأهالي المستجد عن تحمل أقساط المدارس الخاصة. واضطر العديد منهم إلى دفع أقساط فصل دراسي أو فصلين لم يتعلم فيهما التلامذة شيئاً تقريباً. وبسبب ضيق ذات يد الأهالي، قسطت المدارس ما تريد تقاضيه منهم على دفعات.

لكن بعض الأهالي نجح بانتزاع حقهم بتخفيض الأقساط، خصوصاً بعد تدخل لجان الأهل وتقديم دعاوى قضائية ضد المدارس، كما قالت رئيسة لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل، لـ"المدن".

عام دراسي قاتم
في فصل الصيف الماضي استدركت كثرة من المدارس الخاصة المسار الذي اتجه إليه لبنان في ظل جائحة كورونا والأزمات المالية والاقتصادية الخانقة: تجهزت المدارس لبدء عام دراسي جديد (2020 - 2021) مختلف عما عاشه اللبنانيون في العام السابق. وقررت المدارس الخاصة بالفعل السير بنظام التعليم المدمج.

لكن مدارس خاصة كثيرة جهزت نفسها لعام دارسي قاتم. وفقط 10 في المئة من المدارس الخاصة تجهزت للتعليم عن بعد حصراً. وهي عملياً وحصراً المدارس المرتفعة الأقساط. هذا فيما لجأ نحو 40 في المئة من المدارس إلى التوفيق بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد. وتبين أن 50 في المئة من المدارس الخاصة لم تؤهل نفسها للتعليم المدمج (الحضوري وعن بعد معاً). فألزمت طلابها على التعليم الحضوري، بسبب قلة عدد المدرسين المدربين على التعليم عن بعد، وعدم إقدام الإدارات على إنفاق مبالغ لتجهيز المدارس لهذا النوع من التعليم.

وأبقت المدارس الخاصة أقساطها على حالها على الرغم من تهاوي العملة اللبنانية، وحجز أموال اللبنانيين وودائعهم في المصارف، والارتفاع الفلكي لسعر الدولار وعدم توافره في الأسواق.

معاناة الأهل المرهقة
لذا بات الأهالي أمام معاناة متشعبة. فعلى المستوى الاقتصادي بات أهالي كثيرون غير قادرين على دفع أقساط المدارس، بسبب تراجع مداخيلهم. فمعظم المؤسسات خفضت دوامات العمل وأجور موظفيها.

وبسبب نظام التعليم المدمج، ودخول التعليم عن بعد كجزء أساسي في المناهج، بات معظم الأهالي ملزمين بالبقاء في بيوتهم إلى جانب أولادهم، أو بشكل دائم خلال أسبوع التعلم عن بعد، بعد تقسيم الطلاب إلى فئات حضورية وأخرى عن بعد مداورة. وهذا ما أجبر أحد أفراد الأسرة على ترك عمله، لأن معظم الجهد في التعليم بات ملقى على عاتق الأهل. وتسبب ذلك بضغوط نفسية مرهقة على الأهل، لأن كثرة منهم غير مؤهلة لتعليم الأولاد في البيوت. فقد بات مطلوبا من الأهل أن يكونوا مدرّسين، كما قالت الطويل.

ينتظر الأهل مطلع سنة 2021 لتتضح صورة التعليم وأزمة كورونا. لكن المخاوف من استمرار المدارس في التعليم عن بعد حصراً، كما فعلت مدارس خاصة عدة، أو عودة الطلاب إلى التعليم المدمج، ما زالت مسيطرة. والصورة ضبابية والأهل لا يعلمون إلى أين ستؤول الأمور.

رعب من رفع الدعم
لكن الخوف من كورونا لا يقارن بالخوف من الوضع العام مالياً واقتصادياً. فتأثير كورونا بات واضحاً ولن يؤدي إلى فقدان العام الدراسي. بل إن ما يعقد الأمور ويجعلها مخيفة، هو رفع الدعم عن المحروقات الذي يؤدي إلى صعوبة في تأمين الكهرباء والانترنت، عماد التعليم.

وهناك أيضاً المزيد من مخاوف الانهيار المالي والاقتصادي الذي يؤدي إلى ضياع العام الدراسي والبلد كله، كما قالت الطويل. 

امتحانات بكاميرات الأونلاين
على عكس المدارس الرسمية، أجرت المدارس الخاصة كلها امتحانات الفصل الأول للعام الدراسي الحالي. فالمدارس التي حصرت تعليمها بالتعليم عن بعد، قيّمت طلابها أونلاين، أو اتفقت مع الأهل على برنامج لإجراء الامتحانات حضورياً، وقسمت الطلاب إلى فئات لتنظم الامتحانات. أما المدارس الحضورية فأجرت امتحاناتها خلال الدوام. وباستثناء المدارس - الدكاكين، لدى المدارس الخاصة مسؤولية تجاه الأهل، وتحترم انفاقهم لتعليم أولادهم. لذا أجرت الامتحانات والأهل راضون عن النتائج.

لكن نتيجة التعليم المدمج لا تقارن بالتعليم الحضوري، لأن الأمر في الأول يتوقف على الطلاب ومهاراتهم وعلى الأهل، كما أكدت الطويل.

ووفق المعلمين في التعليم الخاص، لجأ المدرسون إلى تحضير نموذجين مختلفين لامتحان الطلاب، في المدارس التي تعتمد التعليم المدمج. أما الطلاب الذين رفض أهالهم إرسالهم إلى الصف فأجريت امتحاناتهم عن بعد. وجرت من خلال تسليط كاميرات مثبتة على كل طالب.

لكن طلاب الشهادات الرسمية في المرحلة الثانوية والمتوسطة جميعهم عموماً خضعوا لامتحانات حضورية.

وأكدت إحدى المدرسات أن النتائج أظهرت أن الطلاب المتفوقين اكتسبوا كل المهارات المطلوبة، وبشكل أقل الطلاب الجديين الذين يتابعون دروسهم. بينما الطلاب الذين لم يتابعوا دروسهم كانت نتائجهم سيئة.

مفاجأة الأونلاين
وأثر التعليم عن بعد سلبياً على عدم متابعة الطلاب، فحصل بعض التراخي منهم، بينما بدا هذا أقل تأثيراً في المدارس التي اعتمدت النظام المدمج. لأن الطلاب بقوا في أجواء المدرسة والتعليم النظامي.

لكن في المقابل أظهر التعليم عن بعد نتائج غير متوقعة بين بعض الطلاب الذين اعتاد الأساتذة على تأخرهم عن باقي طلاب الصف. فتفاعلهم عبر الأونلاين كان أكثر من المعتاد منه في الصفوف. وظهر هذا التفاعل في نتائج الامتحانات. ومرد هذا إلى أن الطلاب الذين يحتاجون لمعاملة خاصة، باتوا يتعملون وفق وتيرتهم الزمنية المناسبة. وبإمكانهم إعادة مشاهدة الدرس ساعة يشاؤون. بينما في الصف يشرح الأستاذ للجميع وعليهم أن يتابعوا بتركيز أو يخسروا المعلومات. 

ضرورة التكنولوجيا
الأهل والمعلمون مقتنعون أن العام الدراسي لن ينتظم كما يجب قبل شهر آذار 2020 مع قدوم لقاح كورونا. وحتى ذلك الوقت لن يكون التعليم فعالاً كما يجب ويرغبون، لأنهم سيبقون في الدوامة ذاتها: إقفال هذا الصف أو ذاك، أو المدرسة كلها، بسبب انتشار كورونا بين الطلاب أو الأساتذة.

لكن وبعكس أساتذة التعليم الرسمي الذين ما زالوا يعانون من ساعات التعليم أونلاين، أكد أحد الأساتذة أن فاعلية التعليم عن بعد في بعض المدارس الخاصة زودتهم بمهارات كثيرة في كيفية توصيل المعلومات. ونجحوا في أحيان ومواضع كثيرة أفضل بكثير من التعليم الحضوري. لذا يعتقدون أن استخدام التكنولوجيا في التعليم بات ضرورياً وبشكل دائم بمعزل عن كورونا.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024