مدارس بدأت تتمرد على الوزير: عدمية التجهيزات وهاوية كورونا

وليد حسين

الثلاثاء 2020/10/13
في اليوم الثاني للعام الدراسي الحضوري في المدارس الرسمية والخاصة، لم يحضر أساتذة ثانوية حكمت صباغ الرسمية للبنات في صيدا، بعدما أبلغتهم الإدارة إنها ستقفل أبوابها. ووفق أحد الأساتذة، أتى قرار تعليق الدروس بسبب عدم حضور أساتذة وطلاب إلى المدرسة يوم أمس، بسبب تواجدهم في مناطق مقفلة بجوار صيدا، وفق قرار وزير الداخلية. وقد حضر طلاب من دون حضور أساتذتهم والعكس صحيح. لذا، قررت الثانوية تعليق الدروس، مستبقة باقي المدارس الرسمية في الإعلان عن عزمها في حصر التعليم عن بعد. 

الجو العام بين الأساتذة لا يوحي أن العام الدراسي سيكون على ما يرام، في حال المضي بفتح المدارس في المناطق الخضراء وجلب الطلاب. فهم على قناعة تامة أن وزارة التربية تريد المضي بالتعليم الحضوري، بسبب تقصيرها في عدم الحصول على الرخص المطلوبة لبرنامج التعليم عن بعد. وهذا يدفعهم لمواقف متشددة للتمرد على قرار فتح المدارس. لكنهم في الوقت ذاته بدأوا بالمناوبة، مدفوعين بأن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين على مستوى تفشي الوباء في المدارس، ما يدفع وزارة التربية إلى إعلان إقفال المدارس في كل لبنان.

خوف غير مبرر؟ 
ثمة بلبلة وخوف بين الأساتذة، قد لا يكون مبرراً من تفشي الوباء، خصوصاً أن معظم أساتذة الرسمي يعلّمون في مدارس خاصة، وبدأوا بالمناوبة فيها. كما لو أن كورونا ينتشر في المدارس الرسمية ولا ينتشر في المدراس الخاصة! حتى أن انتشار خبر وفاة معلمة مادة الفلسفة في الشمال بالوباء، أو خبر كاذب عن إصابة أحد الطلاب، كان كفيلاً بإحداث الرعب بينهم. وتناقل الأساتذة عبر منصات المحادثة الفورية تسجيلاً لإحدى المعلمات تخبر عن حضور أحد الطلاب المصابين بكورونا إلى ثانوية زهية سليمان، في منطقة بئر حسن، وتم اكتشاف إصابته بعد مخالطة الطلاب. وانتشر التسجيل على معظم منصات المحادثة، وخلق حال من البلبلة بين الأساتذة، ورعب بين أساتذة المدرسة. لكن وفق معلومات "المدن" تبين أن طالبين حضرا يوم أمس إلى هذه المدرسة، واحد بحوزته فحص نتيجته موجبة منخفضة، لم يسمح له بالدخول إلى الملعب وأعيد إلى البيت، والآخر حضر بفحص سالب، وذلك بعد شهر على إصابته بكورونا، وسمح له بالدخول إلى المدرسة. 

أمام خيار وحيد
بعض الأساتذة الذين تواصلت معهم "المدن" لم ينفوا أن الرعب من كورونا في مدارسهم غير مبرر. لكنهم في الوقت نفسه يشكون من تلكؤ وزارة التربية بتجهيز المدارس، لتمكينها من التعليم عن بعد. وبالتالي، يعتقدون أن "التربية" تركتهم أمام خيار وحيد هو التعليم الحضوري رغم كل مخاطر كورونا. أي عكس المدارس الخاصة التي جهزت نفسها لسيناريو التعليم عن بعد. وبدأوا في الأسابيع الثلاثة المنصرمة باختباره وتعليم الطلاب. بمعنى آخر هم يعيشون حالة تخبط وضياع بسبب عدم وجود رؤية واضحة لدى وزارة التربية، كما يقولون. وبدأوا يشكون للمدراء الذين ردوا عليهم بتفهم. لكن القرار الأول والأخير بفتح المدارس أو إقفالها يعود لوزير التربية، ولا يستطيع المدراء التصرف على هواهم. 

بانتظار فشل "التربية"
يعيش الأساتذة والمدراء في التعليم الرسمي فترة انتظار، إلى حين إعلان فشل خطة البروتوكول الصحي الذي وضعت وزارة التربية. فهم مقتنعون أن لبنان يسير بشكل سريع إلى الهاوية المنتظرة في وباء كورونا. وعندما تبرز إصابات كثيرة بين الأساتذة والطلاب ستقفل مدارسهم. لكن في الوقت ذاته سيحرم الطلاب من عامهم الدراسي، بسبب عدم الجهوزية للتعليم عن بعد. 

وما زاد الطين بلة قرار إقفال المناطق، الذي يحرم مئات آلاف الطلاب من التعليم. وهذا يعني أنه في حال استمر مشهد إقفال المناطق في الأسابيع المقبلة، سيعمد المدراء في المناطق الخضراء إلى إقفال مدارسهم. ووفق ما يتناقلون، أُقفلت في المناطق الحمراء مئات المدارس الرسمية والخاصة التي تضم أكثر من مئة ألف طالب، إضافة إلى نحو مئة ألف طالب ومئات الأساتذة الذين لا يستطيعون الحضور إلى مدراسهم في المناطق الخضراء.

رفض التعليم عن بعد
واقع التعليم المهني، الذي بدأ طلابه عامهم الدراسي يوم أمس، ليس أفضل حالاً. رغم أن التعليم الحضوري فيه أساسي ولا غنى عنه. كما أن فرض التباعد الاجتماعي بين الطلاب أسهل بكثير من المدارس، كما يؤكد أساتذة في التعليم المهني لـ"المدن". وعلى عكس مطالبة أساتذة الرسمي بالتعليم عن بعد، يشكو الأساتذة من ذهاب مديرية التعليم المهني إلى سيناريو التعليم عن بعد في المهنيات، كما جاء في قرار المديرة العامة للتعليم المهني والتقني الدكتورة هنادي بري، التي أصدرت تعميماً طلبت فيه "اعتماد سيناريو التعلم عن بعد في المعاهد والمدارس الرسمية والخاصة الواقعة في نطاق البلدات والقرى التي شملها قرار الإقفال". 

وقد أكدوا أن المشكلة لا تقتصر على برنامج التعليم عن بعد، الذي لم يفعّل بعد، مثلما هي الحال في المدارس الرسمية، ما يعني عدم تعلم هؤلاء الطلاب. بل في فكرة التعليم عن بعد التي لا يمكن أن تطبق في المواد التطبيقية. 

بعض الأساتذة قد يسيّر دروسه عبر تطبيقات مثل "زوم" وغيرها، كما حصل في العام الفائت، لكن تحضير الأستاذ للمواد التطبيقية عبر تصوير الحصة وإرسالها للطلاب، لا يعني أن الطالب سيستفيد منها. ففي بعض الاختصاصات يستطيع الطالب تطبيق الدرس وتصويره بدوره وارساله للأستاذ، لكن ثمة اختصاصات كثيرة لا يمكن للطالب تطبيق الدروس من دون الحضور إلى المختبرات. 

عام دراسي هجين
بالمختصر طلاب لبنان وتحديداً في المدارس الرسمية سيكونون أمام عام دراسي "هجين" بالفعل، لكن ليس مدمجاً بين التعليم الحضوري وعن بعد، كما تسميه وزارة التربية، بل مهجّن بوباء كورونا من ناحية، وفقدان مقومات التعليم عن بعد من الناحية الثانية.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024