إنسوا تصريح حسن.. إسرائيل الأولى واللبنانيون آخر الشعوب بالتلقيح

وليد حسين

الثلاثاء 2021/01/12
كم تشبه تصريحات وزير الصحة، حمد حسن، حول الإجراءات التي اعتمدها لبنان بعد اندلاع أزمة كورونا بأنها تضاهي الإجراءات في الدول المتقدمة، تصريحاته عن أن لبنان سيكون من أول الدول التي ستحصل على لقاح كورونا. فلا الأولى صدقت في ظل واقعنا الوبائي الحالي المرير، ولا الثانية بعدما بات اللقاح موزعاً في أكثر من 43 دولة، ولا نعرف متى يأتي دور لبنان.


خبراء وأطباء وشخصيات انتقدوا تسرّع الوزير في إطلاق ذاك الموقف حول اللقاح، مشيرين إلى أن الشركات العالمية التي تعمل على تصنيع اللقاح، ستهتم بدول المنشأ وبالدول الغنية القادرة على دفع ثمن اللقاحات قبل غيرها. لكن الوزير حسن اعتبر أن أصحاب تلك المواقف أعداء للنجاح. وخرج على أكثر من وسيلة إعلامية خلال شهر تشرين الثاني وكانون الأول مبشّراً بأن لبنان سيتسلم لقاح فايزر عندما يعتمد، معتبراً أن المفاوضات التي قامت بها وزارته مع الشركة المصنعة "إنجاز يستحق التقدير، لأن لبنان بدأ باكراً بالمفاوضات، ما أتاح له أن يكون من أول الدول التي تحصل على اللقاح وبسعر تنافسي".

يمكن اعتبار كلام الوزير حسن صادر عن حسن نية، وعمل دؤوب تقوم به وزارته، في محاولة تأمين اللقاح. وربما لم ينتبه أن خزينتنا المثقوبة، فارغة من الأموال. والمسؤولون عندنا بدأوا يفكرون بكيفية رفع الدعم عن السلع الحيوية بما فيها الدواء، بعدما جفّ الدولار "الكاش"، أو النقدي لا فرق، في مصرف لبنان. واللقاح، أو أي سلعة سنحصل عليها لا يمكن ابتياعها إلا بالدولار "الكاش". وبالتالي على لبنان انتظار نزول رحمة البنك الدولي، لإقراضنا تجنباً للكارثة الصحية التي نعيشها اليوم، والتي فاقمتها القرارات العشوائية للمسؤولين.  

مقولة لبنان سيكون من أول الدول تحصل على اللقاح باتت خلفنا. ويمكن اعتبارها زلة لسان أو موقف غير واقعي أو غير مبني على حال دولتنا المنهوبة والمعدومة. فقد بلغ عدد الذين تلقوا لقاحات فايزر حول العالم نحو 29 مليون شخص حتى مساء 11 كانون الثاني في 43 دولة من ضمنها دول عدة في الشرق الأوسط، وبلغ عدد الذين تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح نحو 400 ألف شخص. 

وما يزيدنا سوءاً أن دولة "الكيان الغاصب" هي الأولى عالمياً بتلقي سكانها اللقاحات نسبة لعدد السكان. إذا فاق عدد اللذين تلقوا اللقاح فيها مليون و800 ألف شخص، في حين وصل عدد الملقحين في الولايات المتحدة الأميركية نحو تسعة ملايين. وقد سبقتنا إلى حملات التلقيح دول عدة في الخليج مثل قطر والإمارات والسعودية والبحرين وعُمان وغيرها. بينما ما زلنا في لبنان نصارع لإقرار قانون في المجلس النيابي، يبيح استخدام لقاحات كورونا في حالة الطوارئ لرفع مسؤولية الأعراض الجانبية عن الشركات المصنعة للقاحات. ويفترض أن تقر لجنة الصحة النيابية هذا القانون يوم غد الأربعاء، ليعاد طرحه على رئيس المجلس لتحديد جلسة عامة لإقراره. وهذا قد يأخذ وقتاً في حال غاص النواب في تفاصيل القانون وتفسيره وتعديله. 

وقبل بتّ هذا القانون، لا عقد يمكن توقيعه مع شركة فايزر التي تصر على حقها في رفع المسؤولية عنها. وقد يستغرق وصول اللقاح بعد توقيع العقد نحو أربعة أسابيع، كما قال سابقاً الوزير حسن، هذا في حال تم تأمين التمويل اللازم. فالمتفائلون في اللجنة الوطنية التي أسست لمتابعة اللقاح، يؤكدون أن البنك الدولي سيمول شراء لقاح فايزر. واعتراضه السابق كان مشروطاً بحصول اللقاح على ترخيص اعتماده من منظمة الصحة العالمية، وقد حصل اللقاح على هذا الترخيص. وفي حال استمر وجود عراقيل للحصول على القرض، سيصار إلى تمويله من احتياطي موازنة وزارة الصحة. وهذه ستطول بين أخذ ورد وتواقيع وموافقات لا تعد ولا تحصى، في ظل حكومة تصريف الأعمال.

علينا أن ننسى تصريح الوزير الذي جعلنا نعتقد لوهلة أننا دولة لها شأن عالمي، كي تخصها شركات تصنيع اللقاحات وتضعها ضمن أولوياتها. كان هفوة جعلتنا ننسى واقعنا المزري. وعلينا التمني أن تسير الأمور بشكل جيد لنحصل على اللقاح في منتصف شهر شباط، أو آذار، حتى لو كنا حينها آخر دولة يتلقى مواطنيها اللقاح في العالم. المهم أن يوزع اللقاح وفق الأولويات العلمية للقطاع الصحي والمسنين، ولا ينتهي في السوق السوداء أو في أسواق دول مجاورة عبر المعابر غير الشرعية، بما أن الوزارة وعدت أنه سيكون مجانياً. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024