نظرة على ودائع السوريين في المصارف اللبنانية

رولا عطار

الأحد 2018/07/15

تروّج أوساط إعلامية وعدد من المحللين الاقتصاديين في سوريا مقولة أن المصارف اللبنانية تتجه نحو الافلاس في القريب العاجل. ما يستدعي حث السوريين من أصحاب الودائع في المصارف اللبنانية إلى إعادتها إلى سوريا، كي يتم استثمارها في مرحلة إعادة الاعمار. وتشير تقديرات إلى أن حجم ايداعات السوريين في المصارف اللبنانية راوحت بين 15 و18 مليار دولار.

وتنفي مصادر مصرفية عدة في لبنان ما يشاع بشأن إفلاس المصارف اللبنانية، لافتة إلى أن الأرقام والتقديرات بشأن حجم ايداعات السوريين في لبنان غير صحيحة، لأن ذلك يخضع للسرية المصرفية. وتظهر الاحصائيات الأخيرة المعلن عنها حتى نهاية شهر أيار 2018 أن مجموع ودائع غير المقيمين في المصارف اللبنانية بلغت 36 مليار دولار، وهي تعود لمودعين من جنسيات مختلفة.

ويؤكد مدير مصرف سوري، فضل عدم ذكر اسمه، أن ليس لدى المصارف السورية أي معلومات عن أي ودائع للسوريين في مصارف خارجية. كما أنها لا تملك السلطة القانونية على أي عميل لفرض أي اجراء يتعلق بسحب أمواله من مصارف خارجية. وفي نهاية الأمر، ستلتزم المصارف السورية بأي قرار يصدر عن الحكومة السورية أو أي سلطات نقدية ذات صلة وسيتم إبلاغها للعملاء.

وعن كون المصارف السورية التي تساهم فيها مصارف لبنانية كانت وسيطاً لنقل أموال مودعة في المصارف السورية إلى المصارف اللبنانية خلال السنوات الماضية، يوضح المصدر المصرفي أن هذا غير صحيح، لأن المصارف من حيث المبدأ لا تستطيع اجراء هكذا حوالات منذ زمن بسبب العقوبات وعدم وجود مصارف مراسلة. وموضوع أنظمة القطع والتحويلات هو منظم بشكل محكم عبر مجموعة من القرارات والتعليمات الصادرة عن مصرف سوريا المركزي. ووفق المعلومات المتوفرة، لم يقم أي مصرف سوري بمخالفة هذه القرارات.

وتتركز المخاوف السورية التي تطلق عن وضع المصارف اللبنانية على أنها ستؤثر في وضع الحوالات المالية المرسلة إلى سوريا، وجزء من حركة التجارة الخارجية، وستؤدي إلى خسارة كتلة مالية كبيرة للسوريين مودعة في لبنان، بالإضافة إلى تأثر حركة العمالة المتجهة إلى لبنان بسبب ضعف قدرة المصارف اللبنانية على منح التسهيلات.

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني أن ما يروج له من معلومات عن وضع المصارف اللبنانية غير دقيق. لكن، نتيجة تشدد مصرف لبنان في إجراءاته بعد فرض العقوبات الدولية على سوريا، فإن جزءاً كبيراً من أموال السوريين اتجهت نحو دول أخرى مثل الامارات ومصر. بالتالي، حصة لبنان من أموال السوريين التي خرجت من بلادهم لم تتجاوز 5 مليار دولار، ويمكن القول إنها ارتفعت تدريجاً لتراوح بين 7 و8 مليار دولار خلال سنوات الأزمة. وهذا الرقم لا يمثل سوى 4% من إجمالي الودائع في لبنان، مع الأخذ بالاعتبار أن كتلة الودائع غير المقيمة في لبنان لم ترتفع بشكل كبير وهي تراوح بين 20 و23 مليار دولار.

يضيف وزني أنه لم يلحظ حتى الآن أي حركة استثنائية في ودائع السوريين، و"لا اعتقد أن نرى ذلك خلال فترة قريبة.. لسببين. الأول هو أن العقوبات الدولية لم ترفع عن المصارف السورية؛ والسبب الثاني يتعلق بعملية إعادة الاعمار المرتبطة بالحل النهائي في سوريا. وهذا الأمر ربما يحتاج إلى سنتين أو ثلاث. وقد تصل تكلفة إعادة الاعمار في سورية إلى 500 مليار دولار. بالتالي، المرحلة المقبلة ستكون مهمة حتى للبنانيين الذين سيتوجهون لتوظيف واستثمار أموالهم هناك".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024