زحلة قلقة: هل يمدد النواب لأسطورة الكهرباء 24/24؟

لوسي بارسخيان

الأحد 2018/10/21

بعدما تقدم ثلاثة نواب زحليين باقتراح قانون "معجل مكرر" من أجل التمديد لامتياز شركة كهرباء زحلة، الذي ينتهي مع نهاية العام الجاري، يفترض أن يسلك هذا الاقتراح المسار الطبيعي في اتجاه الهيئة العامة لمجلس النواب للتصويت عليه. ما يضع مصير "جنة الكهرباء" في زحلة بأيدي 128 نائباً يتوزعون على 7 كتل أساسية، تظهّر موقف بعضها من خلال تصريحات نوابها وتحركاتهم، في انتظار القرار النهائي الذي سيتخذه مجلس النواب، والذي يتوقع أن يكون مفتوحاً على النقاش، في ما يتعلق باقتراح القانون نفسه، وفي شأن الحلول البديلة التي قد تقدمها وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان.

يرمي الاقتراح الذي عمل على صياغته النائب جورج عقيص ووقع عليه زميله في القوات اللبنانية سيزار المعلوف ونائب تيار المستقبل عاصم عراجي، "لتمديد مدة امتياز شركة كهرباء زحلة لسنتين إضافيتين" بعدما كان هذا الامتياز قد مدد سابقاً خلال الوصاية السورية على لبنان.

وقد جاء الاقتراح في مادة وحيدة تشترط تأمين شركة كهرباء زحلة التيار الكهربائي للمشتركين في نطاق امتيازها، وصيانة الشبكات واتمام التصليحات 24 على 24 ساعة يومياً، والتزام الشركة بتطبيق جميع التعرفات الصادرة عن وزارة الطاقة، لاسيما تعرفة المولدات الخاصة المحددة شهرياً، على أن يُعمل بالقانون فور نشره في الجريدة الرسمية.

ميزة هذا الاقتراح، كما يشير عقيص لـ"المدن"، في أنه "يربط التمديد بشرط تأمين الكهرباء 24 ساعة ويكرس الأمر في القانون. إضافة إلى كونه يشترط الالتزام بتعرفات وزارة الطاقة كي لا يكون هناك ربح غير مبرر يرتب مبالغ إضافية يدفعها المواطن. وهو سيكون قانوناً يؤمن الخدمة للناس، لاسيما بعد ما أظهره المستفيدون من الامتياز على اختلاف اتجاهاتهم، من تمسك بهذه الميزة".

ولكنه قانون كما يعترف عقيص نفسه "لا يدخل في التفاصيل التقنية"، ومن ضمنها ما طالب به النائب ميشال ضاهر بتركيب العدادين بدلاً من العداد الواحد في اصدار الفواتير الشهرية، والتي اعتبرها عقيص من اختصاص الوزارات المعنية والسلطة التنفيذية.

وفي التفاصيل ربما يكمن "شيطان" التعطيل. فوفقاً لمقدمة الاقتراح "يمدد امتياز شركة كهرباء زحلة لمدة سنتين حتى تاريخ 31\12\2020 وذلك وفقاً للاحكام والشروط الواردة في عقد الامتياز المنقضي". وهي صيغة قد تثير نقاشاً في الهيئة العامة لمجلس النواب، خصوصاً بشأن "تسعيرة الكيلوواط" المحددة في عقد الامتياز الممدد له، والتي خفضت من 90 ليرة قبل التمديد الأول للامتياز، إلى 50 ليرة، كسعر مدعوم لكمية التغذية التي وفرتها مؤسسة كهرباء لبنان للشركة. وهو ما قد يدفع معارضي التمديد إلى طرح مسألة "الارباح الطائلة" التي تحققها شركة كهرباء زحلة، والتي تشير بعض أرقام الدراسات إلى أنها تصل شهرياً إلى نحو 4 ملايين دولار وذلك على حساب عجز مؤسسة كهرباء لبنان.

قانونياً، تؤكد مصادر مطلعة أن "لا امكانية للتمديد لامتياز منقض، وكان يجب صياغة اقتراح قانون لامتياز جديد، ولكن وضع الاقتراح بصيغة التمديد قصد منه تكريس وضع قائم بالنسبة إلى شروط استفادة شركة كهرباء زحلة من التغذية السابقة، لأنه في حال وضع أي عقد امتياز جديد لا يمكن للشركة أن تستفيد من التعرفة المدعومة للكهرباء".

وهنا، ربما تكمن عقدة النقاشات الدائرة، التي تجري في ظل ضغط إعلامي وشعبي "مفبرك" أحياناً، بالتوازي مع الاجتماعات واللقاءات المكثفة التي يجريها المدير العام لشركة كهرباء زحلة مع المعنيين في مختلف الكتل النيابية. وهي تحركات نجحت في خلق رأي عام مطالب باستمرار امتياز شركة كهرباء زحلة، وسط عدم تكافؤ في وسائل الضغط المستخدم من الشركة القادرة على تسخير ملاءتها المالية من جهة، والتسلل من ثغرة عدم ثقة المواطنين بالقطاع العام في توفير الطاقة المتواصلة من جهة ثانية. وهي عوامل تسهم في جعل التمديد لشركة كهرباء زحلة مطلباً شعبياً، يتجاهل اسقاط "المصلحة العامة" لمصلحة بعض "المصالح الخاصة".

إلا أن الاقتراح المقدم سيكون واحداً من اقتراحات عدة تؤكد المصادر أن وزارة الطاقة ستعرضها في الوقت المناسب، كبديل من خدمة شركة كهرباء زحلة.

وفي هذا الاطار يؤكد النائب سليم عون لـ"المدن" أن التيار الوطني الحر لن يعلن موقفاً من الاقتراح قبل الاطلاع على تفاصيله، وهو لا يزال يدرس كل الحلول المطروحة. ويشير إلى أن "ما يهمنا كزحليين تأمين الكهرباء 24 ساعة متواصلة، مع الحفاظ على الاستقرار الوظيفي بالنسبة إلى العاملين في الشركة". يضيف أن "النقاش عموماً لا يتعلق بزحلة وحدها وإن كان موضوعاً زحلاوياً، بل هناك 128 نائباً يجب أن يصوّتوا عليه، وهو مطروح أمامهم، ووزارة الطاقة أيضاً ستطرح أمامهم المشاريع. وموقف التيار سيكون معلناً أمام الجميع".

إلا أن عقيص لا يبدو مقتنعاً بوجود خيار بديل من التمديد لشركة كهرباء زحلة، ويذكر بأن مسألة الامتياز وانتهائه اثيرت منذ شهر آب الماضي، وقد أبدينا حسن النية تجاه وزارة الطاقة من أجل اقتراح البدائل، واستغرقنا كل الوقت ليكون هناك بديل مقنع يطرح على الناس ويطمئنهم، ولكننا لم نلمس أي بديل حسي مقنع من قبل وزارة الطاقة، في وقت بدأ التحرك الشعبي يتعاظم وصولاً إلى الاغتراب الزحلي في شمال أميركا، والذي يصر مع زحليي الداخل على بقاء كهرباء زحلة 24 على 24 في انتظار الحل النهائي.

قد تبدو هذه التحركات مفتعلة في جزء كبير منها، ولكنها تعكس قلقاً زحلياً وبقاعياً، مصدره فقدان الثقة بأداء الدولة بشأن هذا الملف، وهو قلق يساور حتى المطالبين باستعادة الدولة حقوقها في الامتياز. ما يجعل اقتراح القانون المقدم "خشبة خلاص" بالنسبة إلى أهالي زحلة و16 قرية أخرى تقع ضمن امتياز شركتها، حتى لو أدى ذلك إلى اسقاط مسائل "جوهرية" تحفظ المصلحة العامة وتقدمها على المصالح الخاصة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024