كبّارة يغادر وزارة العمل: التركة الثقيلة والفشل المتراكم

عزة الحاج حسن

الخميس 2019/02/07
سنتان مرّتا على تولي وزير العمل السابق، محمد كبارة، مهامه كوزير للعمل، قبل أن يسلّم ما أسماه بـ"الأمانة" لسلفه كميل أبو سليمان، وقبل أن يترك الوزارة "المتهالكة"، والمفرّغة من صلاحياتها، ألقى خطاباً "طوباوياً"، أعادنا بالذاكرة إلى العام 2016، تاريخ توليه الوزارة، حين أطلق وعوداً "فضفاضة"، رغم أهميتها ودقة محتواها.

إلا أن مدة تولي كبارة وزارة العمل، أثبتت انه حين وعد بتأمين موارد مالية للضمان الاجتماعي، وانتخاب مجلس إدارة للصندوق، وتفعيل المؤسسة الوطنية للإستخدام وغيرها، إما كان جاهلاً لتلك الملفات، وكيفية الخوض فيها، أو أنه كان مخادعاً. وإذا أخذنا بصفاء النوايا ونفينا عنه الصفتين، يمكن القول أن أياً من تلك الوعود لم يتحقق، لا بل زادت ملفات وزارة العمل سوءاً، لاسيما على صعيد مكاتب استقدام العمالة الأجنبية.

تركة كبارة
ومن المستغرب إصرار كبارة على تحقيقه مشاريع كثيرة في الوزارة، في حين أن تَرِكته لسلفه أبو سليمان تُعد تركة أكثر من "ثقيلة"، لتراكم الملفات المستعجلة فيها، والتي تمت عرقلتها في عهد كبارة، لاسيما في ما يتعلق بالعلاقة بين لبنان ودول استقدام العمالة الأجنبية ومن بينها إثيوبيا، لتضاف إلى الملفات المعطلة على مدار عهود وزراء العمل السابقين، كأزمات الضمان الاجتماعي، ومنافسة العمالة الاجنبية وغيرها. إنجاز يتيم يسجّل لبكارة هو إصدار قرار يُلزم المؤسسات والشركات الخاصة باستخدام أصحاب الاحتياجات الخاصة، وإفساح المجال لتوظيفهم.

ملفان يتصدّران مهام وزير العمل الجديد ويشكلان جزءاً من تركة كبارة، الأول ملف العاملات الإثيوبيات، الذي تفجر منذ أشهر، وكشف مخالفات ومحاولات ابتزاز للجانب الإثيوبي، من قبل منتفعين في وزارة العمل. وكانت نتيجته تعليق استقدام العاملات الإثيوبيات إلى لبنان منذ شهر أيلول الفائت، بسبب عدم توقيع الوزير كبارة على عقود، من شأنها تنظيم العمالة الإثيوبية الوافدة الى لبنان. سوء إدارة الملف وضع العائلات اللبنانية تحت رحمة مكاتب الإستقدام ورهن ابتزازهم.

وليست مهمة تنظيم مكاتب الإستقدام بأقل أهمية من تنظيم العمالة، فالقطاع في عهد كبارة توسع وارتفعت أعداد المكاتب بالمئات بشكل يفوق حاجة السوق إليها، وتم منح نحو 300 رخصة لمكاتب استقدام غالبيتها غير مطابقة للشروط القانونية المفروضة.

أما الملف الثاني فهو انتخاب مجلس إدارة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، الذي سعى كبارة لإتمامه قبل أن يقرر التراجع، إفساحا في المجال لتدخلات سياسية، أبقت على مجلس إدارة الضمان الحالي 16 عاماً بعد انتهاء ولايته القانونية.

تحديات
لا شك أن القضايا، التي أعلن الوزير الجديد أبو سليمان وضعها في سلم أولوياته، ذات أهمية، إلا أن "الشيطان" يكمن في تفاصيل معالجتها. وليس تحديث قانون العمل، الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن،  بالأمر السهل، كذلك تفعيل "المؤسسة الوطنية للاستخدام" التي تعاني التهميش والإهمال وتفريغ كوادرها البشرية، على مدار سنوات، ليس محصوراً بقرار وزير، إنما يستلزم وضع سياسة عمالية شاملة. 

أما في ما خص إصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتحديثه، ومعالجة التحديات التي يواجهها، فعلى الوزير الجديد أن يكون على بيّنة، بأن الدخول إلى "وكر" الضمان الإجتماعي، يستلزم رفع أيدي السياسيين عنه، والكف عن محاربته والتدخل بقراراته، وتعريض أمواله، ومعهم المضمونين، لمخاطر الانكشاف. ولم ينس أبو سليمان وضع بند بين أولوياته، يتعلق بالتعامل مع اليد العاملة الأجنبية باحترام وإنسانية. ولكن قبل ذلك، لا بد من رسم أطر قانونية لاستقدام العمالة الأجنبية إلى لبنان، واستئناف العلاقات مع دول الاستقدام، التي تمنع مواطنيها من العمل في لبنان وآخرها الدولة الإثيوبية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024