خضر حسان
وكان لبنان قد وصل إلى هذه الخلاصة بعد أن شكّلت سندات الخزينة لسنوات الحصن الآمن للمصارف التجارية والمستثمرين، بفضل فوائدها المرتفعة، وضمان تسديد لبنان لمستحقاته. لذلك كانت السندات هي المدخل الأبرز لمساعدة بعض الدول للبنان، وفي الوقت عينه مدخلاً لتحقيقها أرباحاً مرتفعة ومضمونة، بالتوازي مع المساعدة التلقائية التي تعكسها عملية الاستثمار.
البحث عن حل
لا يملك لبنان آليات اقتصادية ومالية قادرة على إحداث فارق ملموس وسريع، على المستويين الاقتصادي والمالي، إلاّ سندات الخزينة. لكن لكي تستعيد السندات بريقها وقدرتها على جذب الأموال، على وزارة المالية ومصرف لبنان التعاون لوضع آلية جاذبة نحو سندات الخزينة. آلية قادرة على إقناع صندوق النقد بإصدار توصية للمصارف (وبالتالي كل المستثمرين) بالاكتتاب بسندات الخزينة. فتوصيات الصندوق تشكّل مؤشراً للمصارف، وإن لم تكن التوصيات إلزامية.
وفي خضم البحث عن الآليات، جرى في الأوساط الإعلامية الاقتصادية تداول معلومات تفيد باستثمار مؤسسات أجنبية مبالغ مالية تقارب 5 مليارات دولار في سندات الخزينة، ليتبين لاحقاً أنها مجرد شائعات، وهو ما يؤكده رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، الذي يشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن "إصدار سندات جديدة لم يحن أوانه بعد. كما أن المصارف لم تتبلّغ أي قرار حول سندات خزينة بفوائد مرتفعة". ويلفت غبريل النظر إلى أن "المصارف ما زالت على موقفها الثابت تجاه عدم الاكتتاب في السندات ذات الفوائد المنخفضة. وموقف المصارف تجاه أي إصدار جديد يمكن تحديده على ضوء ما يقرره وزير المالية علي حسن خليل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة".
الشائعات وموقف المصارف الحذر من سندات الخزينة، يفترض بالحكومة تلقّيها على أنها صفارة إنذار، تستدعي العمل السريع والمجدي والمتكامل بين محاولة إستقطاب الودائع لصالح مصرف لبنان وتحفيز الاستثمار في سندات الخزينة، إلى جانب تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية حقيقية تجنّب لبنان تداعيات سلبية إضافية هو بالغنى عنها. وتعرف السلطة السياسية معنى تلك التداعيات، وتعمل على تجنبها، لكن بوتيرة بطيئة وغير فعالة، تحكمها اللعبة السياسية.
وبعيداً من السياسة، يحاول وزير المالية علي حسن خليل خلق جو من التفاؤل، عبر بحثه موضوع سندات الخزينة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وبالتوازي، بحث موضوع موازنة العام 2020 والإصلاحات المرتبطة بها، مع رئيس الحكومة سعد الحريري. ويبقى أن تسجل الأيام القليلة المقبلة أولى بوادر الحلحلة تجاه السندات والموازنة.