ملفات شائكة تنتظر وزير الإقتصاد الجديد!

عزة الحاج حسن

الإثنين 2016/12/12

لا يخلو خطاب أي من السياسيين اللبنانيين من ذكر الملف الإقتصادي او المرور عليه من باب ضرورة إيلائه الأهمية القصوى ولكن.. غالبية سياسيينا إن لم يكن جميعهم يتقاذفون وزارة الإقتصاد والتجاره ويتهربون من تولي مسؤوليتها باعتبارها من الوزارات غير السيادية بحسب تعبير البعض، ناسين او متناسين أن على الوزارة لعب دور "المايسترو" الضابط لإيقاع العمل الحكومي على المستوى الإقتصادي.

نعم، لوزاره الإقتصاد الحق، بل عليها واجب المشاركة في وضع السياسة الإقتصادية للبلد، واقتراح الخطط الإقتصادية ووضع الدراسات وإجراء الإحصاءات المتعلقة بها، لاسيما ما يعود منها للتجارة الخارجية والميزان التجاري، وهي أولى وأهم المهمات التي تنتظر وزير الإقتصاد المقبل.

وفي قراءة سريعة لأرقام الميزان التجاري اللبناني وحركة الإستيراد والتصدير، نلمس مدى تغيّب وزارة الإقتصاد والتجارة عن لعب دور فاعل في تنظيم وتفعيل "السوق التجاري" فعلاً، وفقدانها لأولى مهماتها، ولاسيما أن الميزان التجاري اللبناني سجّل بحسب إحصاءات المجلس الأعلى للجمارك عجزاً فاق 5.36 مليارات دولار لغاية شهر نيسان/ أبريل 2016 مرتفعاً من 4.63 مليارات دولار في الفترة ذاتھا من العام 2015، وهو من دون شك سيفوق 7 مليارات حتى نهاية العام الجاري.

ويعود ذلك إلى الزيادة في فاتورة المستوردات بنحو 621 مليون دولار على أساس سنوي إلى 6.23 مليارات دولار وإنكماش الصادرات بـ 107 ملايين دولار إلى 871 مليون دولار، والفارق الشاسع إنما يشير إلى الخلل في سياسة الإنتاج والإستهلاك من جهة، والاستيراد والتصدير من جهة أخرى. ما يستوجب من وزير الإقتصاد المقبل اهتماماً خاصاً.

ويفتح الخلل في الميزان التجاري الباب على ملف انضمام لبنان إلى منظمة التجارة الدولية  (WTO)، كما يطرح علامات استفهام حول "صحة" الاتفاقات التجارية التي تربط لبنان بالعالم اليوم، ولاسيما الاتحاد الأوروبي.

لا شك في أن ملف انضمام لبنان إلى WTO هو ملف معقّد وشائك، ولكن لا مفر لوزير الإقتصاد المقبل سوى استكمال البحث في الملف ومحاولة بته، ولاسيما أن موضوع الإنضمام يقسم الإقتصاديين الى فئتين الأولى ترى فيه "عودة لبنان إلى الخريطة الإقتصادية العالمية، وزيادة التبادل التجاري بين لبنان والعالم عبر فتح أسواق 162 دولة أمام المنتجات اللبنانية"، أما الفئة الثانية فترى أن انضمام لبنان إلى WTO هو أمر كارثي على الإقتصاد لأنه سيقضي على قطاعي الصناعة والتجارة، خصوصاً أن الإتفاق الذي تمّ توقيعه مع الاتحاد الأوروبي ساهم بشكل مباشر برفع العجز التجاري، بسبب عدم تكافؤ الإقتصادَين اللبناني والأوروبي.

ومن الأهمية لوزارة الإقتصاد أيضاً أن تستعيد زمام الأمور تجاه الأسواق التجارية المحلية، لجهة مكافحة الغش والفساد، لاسيما بعد أن أضاعت بوصلة أهدافها ومهامها وأوكلت بطبيعة الحال إلى وزارة الصحة العامة، في حين أن مراقبة الأسواق التجارية وضبطها لجهة الأسعار والتزوير والغش، هو مسؤولية مشتركة بين الوزارتين، وقد اكتفت وزارة الإقتصاد أخيراً بتحرير بعض محاضر الضبط بحق تجار مخالفين من دون إحداث أي تغيير يذكر على مستوى الفساد المستشري في الأسواق التجارية وفوضى الأسعار التي يواجهها المواطن.

ولا ننسى أن على وزير الإقتصاد مسؤولية تسمية مجلس جديد لمجلس الضمان التحكيمي، المخصص للبت في قضايا التأمين، وطرحه على مجلس الوزراء، لاسيما أن ولاية المجلس الحالي انتهت منذ أكثر من عام، وعلى الوزير المقبل "في حال تواجدت لديه النيّة لفتح هذا الملف" عليه استعادة صلاحيات وزارة الإقتصاد، الممثلة بمجلس القضاء التحكيمي من القضاء العدلي، بعد أن حلّ محل المجلس في النظر بالقضايا الخلافية بين شركات التأمين والمضمونين.

ليست هذه الملفات سوى بعض من كلّ ما يتوجب على وزير الإقتصاد المقبل معالجته، ولكن لعل ما ذكرناه من استحقاقات قابعة في أدراج وزارة الإقتصاد على قدر من الأهمية قد تُحدث معالجتها تغييرات في المشهد الإقتصادي المعقّد.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024