عزة الحاج حسن
تسارعت الأحداث في الساعات الأربع والعشرين الماضية بالتوازي مع استقالة الحكومة، حتى أن المواطنين لم يكترثوا كما العادة لتحذير محطات المحروقات والمخابز والصيدليات، ولم يصطفوا بالطوابير لاستجداء البنزين والخبز والدواء، غير أن ذلك لم يخف زيف ادعاءات تجار تلك المواد الأساسية ونقاباتها بأن الأزمة واقعة نظراً لانقطاع الطرق من قبل المتظاهرين.
وفيما أكد المتحدث باسم موزعي ومحطات المحروقات فادي بو شقرا، في حديث إلى "المدن"، بأنهم "كشركات توزيع محروقات ومحطات ما زالوا يعانون من أزمة شح الدولار وعدم تسعيره بشكل يومي، نظراً لإقفال المصارف أبوابها"، عمدت العديد من محطات المحروقات في الشمال والجنوب وبيروت إلى إغلاق أبوابها ورفع خراطيمها يوم الثلاثاء تحت ذريعة نفاد الكميات الموجودة لديها من المحروقات، وعدم تسليم الشركات الموزعة كميات جديدة، بسبب قطع الطرقات، وتعذّر قدرة الصهاريج على التنقّل بين المناطق.
تضارب التصريحات
وإذ ناشد أصحاب شركات التوزيع ومحطات المحروقات عبر "المدن" حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وجمعية المصارف، بعقد لقاء عاجل مع تجمع شركات النفط لإصدار الآلية اللازمة لتأمين الدولار، في سبيل تسهيل شراء أصحاب المحطات والموزعين المحروقات من الشركات وفق السعر الرسمي للدولار، كيف يمكن أن يُصدّق المواطنون ادعاء المحطات أن الإغلاق يعود لصعوبة تنقل الصهاريج بسبب قطع الطرق من قبل المحتجين؟
ولم تختلف عملية استهداف المتظاهرين من قبل نقابة المخابز والأفران. فقد حمّل نقيبها علي ابراهيم المتظاهرين الذين يقطعون الطرق مسؤولية انقطاع الخبز من الأسواق اللبنانية! علماً أن رئيس تجمع المطاحن أحمد حطيط أكد في حديث إلى "المدن" أن مخزون القمح في المطاحن انخفض إلى معدل لا يكفي حاجة البلد لأكثر من 20 يوماً بالحد الأقصى، بسبب تعذّر تحويل المستحقات المالية للشركات المصدّرة، بسبب شح الدولار، وإقفال المصارف أبوابها منذ بداية التحركات الشعبية. ومن المؤكد أن وجود أربع شحنات من القمح الطري في المياه الإقليمية اللبنانية منذ عدة أيام، وعجز المطاحن المستوردة عن إدخالها إلى المرفأ، لعدم قدرتها على سداد ثمنها بالدولار، لا يعود إلى قطع بعض الطرق من قبل المتظاهرين، بل إلى أزمة الدولار وإقفال المصارف.
سوء نوايا
أما أزمة الأدوية التي بشّر بها نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين، وتأكيده شح الأدوية في المناطق البعيدة عن العاصمة بشكل ملحوظ، بسبب قطع الطرق. وأن مخزون الأدوية شارف على الإنتهاء بسبب الضغط على الدواء نظراً للأزمة، فلا صحة لادعاءاته وربطه بين أزمة شح الأدوية من جهة وبين التظاهرات من جهة أخرى. إذ أن قطاع الأدوية يواجه أزمة شح الدولار منذ أكثر من شهر.
ولعل تصريح نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة يثبت سوء نوايا نقيب الصيادلة. فقد أكد جبارة في حديث سابق أن مستوردي الأدوية يعانون أزمة تحويلات بالدولار إلى الشركات المصدرة، أي شركات المنشأ. والأخيرة ما زالت حتى اليوم ملتزمة إرسال طلبيات الأدوية التي استحق شحنها، من دون أن تصلها الأموال، على أمل أن يكون هناك تفهم من قبل الشركات للأزمة الواقعة في لبنان، وتعذّر الحصول على الدولار. ولفت جبارة إلى أن ما يتم شحنه حالياً هو طلبيات الأدوية التي تمت منذ 3 أو 4 أشهر، آملاً أن تستمر الشركات الأجنبية بالشحن لطلبيات يستحق شحنها بعد شهر أو 15 يوماً، وأن تستأنف المصارف عملها.
أما بالنسبة إلى مخزون الأدوية الحالي، فإنه يعد كافياً لنحو 3 أشهر، حسب جبارة، كمعدل عام. بمعنى أن الحد الأقصى لقدرة الأدوية مدّ السوق هي 3 و4 أشهر، في حين أن بعض الأدوية قد تنفذ في مدة أقصر من تلك المذكورة.
وهذا ما ينفي تحذير نقيب الصيادلة من وقوع كارثة قريباً على مستوى الأدوية بسبب أزمة التظاهرات.