خضر حسان
ورغم أن قرار كريدية المتخذ يوم الثلاثاء 5 شباط، القاضي بتغيير مهام ومراكز نحو 51 مستخدماً وأجيراً في الهيئة، كان قراراً إدارياً بحتاً، ولم يندرج ضمن العرف المتّبع من قبل قوى السلطة، إلاّ أن سهام التسييس انطلقت نحوه، بتوجيه من جهات تمثّل التيار الوطني الحر داخل مجلس إدارة أوجيرو. إذ اتهمت كريدية "بإجراء تشكيلات سياسية"، حسب ما تقوله مصادر في أوجيرو خلال حديث إلى "المدن". والاتهامات العونية لكريدية ليست مستجدة، فقد سبق لها أن رمت عليه التهمة نفسها في حزيران الماضي.
وتشير المصادر إلى أن العونيين يبررون اعتراضاتهم، بأن كريدية أجرى التشكيلات الأخيرة، "من دون التنسيق مع وزير الاتصالات محمد شقير، ومع باقي الجهات السياسية". لكن للحقيقة وجه آخر، وهي ان الاتهامات نابعة من خلفيتين، الأولى شخصية ضد كريدية، والثانية من أسباب إدارية تتلخّص "بعدم رغبة البعض بالعمل. فعدد كبير من العاملين في أوجيرو بقي لسنوات من دون عمل فعلي، لأنه موظف سياسياً داخل قسم أو مديرية غير فاعلة، أو فيها تخمة موظفين، والتشكيلات الجديدة التي أجراها كريدية استهدفت مثل تلك المديريات".
أما التنسيق المسبق، فهو أمر "غير ملزِم للمدير العام، الذي يعود له قرار إجراء التشكيلات الإدارية. ورغم ذلك، يؤكد كريدية نفسه، أن القرار الحالي هو قرار قديم جرى عرضه على الجراح حين كان وزيراً للاتصالات، وقد جرى تنسيقه مع الوزير شقير. ما يعني أن الاتهامات باطلة".
وترى المصادر أن "العونيين يريدون للصلاحيات الواضحة ان تكون حمّالة أوجه، خصوصاً وان ما يريدون لكريدية تطبيقه في أوجيرو، لا يطبّقونه في المؤسسات التي يسيطرون على مجالس إدارتها. فهل يُجرون استشارات وتبليغات مسبقة حين تقوم مؤسسة كهرباء لبنان بإجراء تشكيلات؟ ثم هل على الإدارة العامة الاحتكام إلى القوانين التي تحدد الصلاحيات، أم إلى التنسيق السياسي؟".
تشكيلات وليست فصلاً
لم يتّخذ كريدية قراراً بفصل موظفين، بل أجرى تشكيلات، يرى بأنها صائبة ومفيدة لتطوير العمل داخل أوجيرو. قد يكون قراره صائباً وقد يحتمل الخطأ، فالنتيجة يجب أن تظهر لاحقاً من خلال تطوير إنتاجية المديريات التي شهدت التغييرات. وفي حال كانت النتيجة سلبية، فإن إجراءات إدارية داخلية يحددها القانون، يمكنها أن تعيد لكل صاحب حق حقه، خصوصاً وأن الموظفين ما زالوا يعملون ضمن الهيئة.
واللافت، أن التطرق إلى مسألة التشكيلات، سواء في أوجيرو أو غيرها، يتم دائماً من منظور إنتقامي، ما يجعل أي محاولة للتغيير داخل الإدارات العامة عرضة للفشل. إذ تُحسب الوظائف على أنها حصص سياسية، تُستخدم كمتاريس في حالات السجال السياسي بين قوى السلطة. وهذه الممارسات داخل الوظيفة العامة تعرقل تطوير الإدارة، مع أن القوانين المتعلقة بالإدارة العامة تلحظ وجود الكثير من الخطوات، التي تجيز إجراء التشكيلات، وصولاً إلى حالات طرد الموظفين، وهو ما لا تشهده الإدارات العامة. حتى باتت الإدارات العامة مضرب مثلٍ على عدم إمكانية التغيير أو الطرد من أي عمل، فيما التشكيلات في القطاع الخاص لا تجد من يعترض عليها، ويُنظر إليها من باب التغيير والتطوير لا من باب الإنتقام، ذلك أن التوظيف في القطاع الخاص غير مصبوغ بلون سياسي.