عشاء الميلاد ليس للفقراء

عزة الحاج حسن

الإثنين 2018/12/24
ليس رفاهاً تحضير عشاء أو غداء "ميلادي"، في منزل كل لبناني مؤمن بميلاد السيد المسيح. وليس بذخاً أن تُنوّع العائلات أصناف الوجبة الميلادية، التي تمثل تقليداً أساسياً من تقاليد وطقوس عيد الميلاد، وعاملاً مهماً في لمّ شمل العائلات والأصحاب. ولكن هل بمقدور مطلق عائلة لبنانية تحضير وجبة ميلادية بتكلفة مقبولة؟ الجواب "لا".

إجراءات غير كافية
قبل أيام، ومع اقتراب موسم الأعياد طلبت وزارة الاقتصاد والتجارة من جميع التجار "الالتزام الكامل بإعلان الأسعار، وبتدوين الوزن الصافي أو الحجم أو العدد على الغلافات الخارجية للسلع، وحذرتهم من مغبة اللجوء إلى أساليب غير قانونية، لتحقيق أرباح غير مشروعة، وبضرورة الالتزام بإعلان الأسعار وببيع المستهلكين على أساس الأوزان الصافية للسلع"، وماذا بعد؟ هل هذا البلاغ من شأنه أن يحد من ارتفاع الأسعار في فترة الأعياد، ويضع حداً لجشع تجار "يمتصون" ما تبقى من قدرة المواطن الشرائية؟

ما لم تلحظه وزارة الاقتصاد هو أن وجوب إعلان الأسعار وتحديد الوزن الصافي أو العدد أو الحجم.. على لصاقات السلع أو التوضيب، قد يحمي المواطن من الغش، إلا أنه لا يحميه من "نار الأسعار"، ولا يمنع التجار من رفع أسعار السلع "عشوائياً". ولا يمكن أن يكبح شهية التجار لجني أرباح موسمية طائلة. فمهما كانت الإجراءات الرسمية لضبط الأسواق، لا يمكن إنكار واقع أن تكلفة الوجبة الميلادية تبلغ مئات الدولارات للعائلة الواحدة.

وفي ما يلي سنعرض أسعار بعض الحاجيات والمنتجات الأساسية للوجبة الميلادية، إلا أنها تبقى أسعاراً وسطية، إذ تتفاوت الأسعار غالباً، باختلاف جودة المنتج ومصدره، وحتى المنطقة التي يُسَوّق فيها، وتتجه الأسعار صعوداً مع اقتراب الأعياد.

السفرة الميلادية
يتقدّم الديك الرومي، أو "الحبش"، وجبة عيد الميلاد ويُعد من أساسياتها. ونظراً لكون أسعار الديك الرومي تبدأ من 100 دولار فإن غالبية العائلات اللبنانية، لاسيما منها متوسطة الحال والفقيرة، تستبدل الحبش بصحن الدجاج المحشي الذي لا تتجاوز قيمته 25 دولاراً.

ولا تخلو المائدة الميلادية من الطبخ اللبناني، ويتنوع بين المحاشي والرز والكبة النية وورق العنب والفتوش أو التبولة والسلطات والمتبلات ومختلف أصناف المازة اللبنانية. وهنا لا بد من الأخذ بالاعتبار أن سعر كيلو اللحم لا يقل عن 18 ألف ليرة (12 دولار) ويصل الى 27 ألف ليرة (18 دولار) في بعض أحياء بيروت، كما أن أسعار الخضار تتفاوت بين المناطق وترتفع في المناطق المسيحية والمتنوعة طائفياً ليصل سعر كيلو الحامض (وهو من الإنتاج اللبناني) إلى 3000 ليرة (دولارين) والخسة 2500 ليرة (1.7 دولار) حتى البندورة والخيار لا تقل أسعار الكيلو منه عن 2000 ليرة، ما يجعل الفتوش أو السلطات صحناً مكلفاً في موسم الأعياد.

ولا تغيب اللحوم المقدّدة والمرتديلا والمعجنات عن المائدة الميلادية. ولا يستخفن أحد بأسعار المعجنات إذ ترتفع أسعار بعض أنواعه بشكل كبير لاسيما الـ baguettes الذي يصل الى 10 و15 ألف ليرة (10 دولارات) في بعض المناطق.

أما في ما خص الحلويات فإن البوش نويل  Bûche de Noël، وهو تقليد تراثي فرنسي، يأتي في صدارة الحلويات التي تتضمنها السفرة الميلادية، وفي حال استبعدنا كافة أصناف الحلويات الأخرى فإن متوسط أسعار الـBûche de Noël لا تقل عن 60 دولار.

وتعد العصائر والفاكهة والمكسرات والكستناء عنصراً هاماً في سهرة الميلاد، إلا أن سعر كيلو الكستناء، في فترة الميلاد ورأس السنة، لا يقل في أحسن أحواله عن 12 ألف ليرة (8 دولارات) ولا ننسى أنواع الأجبان التي يترافق وجودها مع النبيذ على المائدة الميلادية، لاسيما الأجبان الأوروبية مثل القشقوان والـ Emmental وCamembert cheese وRoquefort وCheddar وblue cheese وغيرها من الأصناف التي لا يقل سعر الأوقية (200 غرام) من أحد أنواعها عن 6 دولارات، إضافة إلى النبيذ الذي تتراوح سعر الزجاجة من أحد أنواعه بين 10 دولارات و100 دولار.

والنتيجة أن مائدة متواضعة لعائلة لبنانية ليلة عيد الميلاد تقارب تكلفتها الـ 500 دولار، رغم غياب أو تغييب بعض الأصناف عنها، نظراً لارتفاع تكلفتها، كالثمار البحرية على سبيل المثال أوالـSmoked salmon والحلويات الغربية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024