بالوثائق: فضائح برسم التفتيش المركزي.. ورئيسه "يوضح"

عزة الحاج حسن

السبت 2020/10/10
لا تنتهي فضائح قطاع الطاقة في لبنان، ولا يستكين المنتفعون من فساد. فكثيرة هي ملفات وزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء التي تفوح منها رائحة الصفقات والمحسوبيات والتجاوزات. لكن لم يحصل يوماً أن حوسب منتفع أو تقاضى مختلس أو حتى خرجت ملفات فساد بأسماء واضحة. أما تمييع تلك القضايا وتنويمها في الأدراج فإنه ناتج قطعاً عن فساد في إحدى الوجهتين، إما في الإدارة العامة وأجهزتها الرقابية، أو في زواريب المحاكم والأجهزة القضائية.

موظف جيولوجي
وليست آخر الفضائح تلك المتعلّقة بقضية موظف جيولوجي في وزارة الطاقة، يجري الكشف على مواقع استثمار مقالع، ويبدي الرأي في إمكانية الإضرار بمصادر المياه، وفي الوقت نفسه يملك شخصياً نصف الحصص في رأسمال شركة عائلية تستثمر المقالع والكسارات.

وكانت النتيجة أن أجرى التفتيش المركزي تحقيقاً انتهى بـ"تخلي الموظف عن حصصه في الشركة لأخيه"، باعتبار أن وضع الموظف انتظم "من الآن وصاعداً"!، من دون النظر في استمرار تأثير هذه المخالفة الفادحة على إخلاص الموظف للمصلحة العامة، بانتقال حصصه إلى أخيه، لتبقى أولوياته رعاية المصلحة العائلية، هذا فضلاً عن أن التفتيش أهمل النظر في مخالفة الموظف لقانون الموظفين، لاسيما المادة 15 منه، المتعلقة بالأعمال المحظرة على الموظف، ومنها ممارسة مهنة أو أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة مغفلة، أو توصية مساهمة، أو أن تكون له مصلحة مادية مباشرة أو بواسطة الغير في مؤسسة خاضعة لرقابته أو لرقابة الإدارة التي ينتمي إليها.

أسئلة الى رئاسة التفتيش المركزي
وانطلاقاً من تلك التجاوزات توجّهت حركة "بُناة الإدارة اللبنانية" عبر "المدن" إلى القاضي المكلف رئاسة التفتيش المركزي، جورج عطية، بطلب عقد مؤتمر صحافي للإجابة على تساؤلات تتعلّق بمصير التحقيقات في ملفات كهرباء لبنان ووزارة الطاقة، متسائلة: هل صدر قرار واحد بإدانة مخالف واحد؟ هل صدر تقرير واحد عن مخالفات وزراء الطاقة المتعاقبين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان؟ أو على الأقل، فليعلن التفتيش المركزي أن لا مخالفات في الوزارة والمؤسسة، وأن وضعهما المالي والإداري سليم وصفقاتهما لا تشوبها شائبة. (مرفق وثائق ومستندات ثبوتية عن التخاذل في ملفات الطاقة والكهرباء، أسفل هذا التقرير).

تسأل "بُناة الإدارة اللبنانية" في بيان لها عن حقيقة ما تم التوصل إليه، متهمة التفتيش المركزي بالتواطؤ أو التخاذل والعجز، وتضيف المزيد من التساؤلات التي تغيب عنها الإجابات، "لماذا تجاهل رئيس التفتيش توصية هيئة التفتيش المركزي رقم 87/2013، ولماذا لا تدعون هيئة التفتيش المركزي للإنعقاد؟ ألا يعتبر تمنعه عن القيام بموجب ملقى على عاتقه مخالفة ترقى إلى حد الجريمة بالنظر الى الآثار المترتبة عليها؟ إلى متى؟ لمصلحة من؟ ومن هو المستفيد؟

عطية: لم أرتكب أخطاء
"المدن" حملت الأسئلة إلى رئاسة التفتيش المركزي، لاسيما في ما يتعلّق بملفات مرتبطة بوزارة الطاقة وكهرباء لبنان، وإحالتها على النيابة العامة. قال القاضي جورج عطية في حديث إلى "المدن" "أنا لست في موقع الدفاع عن النفس، ولم ارتكب خطأ. ولست من الأشخاص الذين تخاذلوا أثناء قيامهم بوظيفتهم أو أثناء القيام بالوظيفة العامة، فيما هم يتخاذلون اليوم عن القيام بوظيفتهم ويتهمون التفتيش المركزي بالتقصير". وأضاف بلهجة صارمة وجازمة "لا أحد "يقيسني" على الاعتبارات اللبنانية. وليست لدي أي عقدة من العقد الموجودة في الشارع اللبناني. وهي العقد التي تعطي طابعاً مذهبياً أو طائفياً أو حزبياً.. بل براء من هذه الاتهامات وليست لدي أي حسابات لأحد".

وشدّد على تمسكه بمبدأ الشفافية، وضرورة أن يطلع الرأي العام على كل القرارات الصادرة عن الإدارات العامة: "وانطلاقاً من ذلك، أنشأنا منصة إلكترونية لنشر كافة قرارات التفتيش المركزي".

وفي تعليقه على البيانات الصادرة عن" بناة الإدارة"، رأى أن ما يسمى بـ"بناة الإدارة" كأنها لا تريد بناء الإدارة بعكس إسمها. فمن يريد بناء الإدارة عليه ألا يتخاذل عن مهامه خلال ممارسة العمل العام، وأن ينشئ مؤسسة للعمل الإداري ويصبح على نظم معينة.. "وفي حال كانوا يحلمون بربع ميل انا أحلم بأميال، ومن يريد أن يطرح تساؤلات أو تقييم عمل عليه أن يكون مرجعاً رقابياً".

مسؤولية الإدارة العامة
وتعليقاً على الوثائق المرفقة والإتهامات الموجهة إلى التفتيش المركزي، اعتبر مصدر في التفتيش المركزي في حديث إلى "المدن" أن الوثائق المرفقة ما هي سوى إدانة لموقّعها وليس للتفتيش المركزي "فالمادة 15 من قانون التفتيش المركزي تنص على أن المدير العام هو مصدر من مصادر التكليف بالتحقيق"، متسائلاً "أين أصدر المدير العام تكليفاً بالتحقيق؟ أين هي العقوبات التي اتخذها بحق الموظفين المشار إليهم، خصوصاً أن المدير العام هو المسؤول الأول عن التراتبية الإدارية. وهو بحسب تعميم رئاسة التفتيش ومجلس الوزراء الصادر عام 1986 يجب عليه، أي على الإدارة العامة، أن تجري التحقيقات لديها وتبلغ التفتيش بالنتائج"، يقول المصدر، فالبطولة ليست برمي المسؤوليات والاتهامات على التفتيش المركزي وإرسال كتاب. بل بإجراء التحقيقات واتخاذ القرارات ويضيف "ألا يجب التوجه بالتساؤلات عن مصير الأموال العامة إلى ديوان المحاسبة؟ أم أن المُستهدف التفتيش المركزي؟".

وإذ يأسف المصدر لاستهداف التفتيش المركزي، يقول أن مَن يحرص على الإدارة العامة عليه العمل على دعم وتعزيز التفتيش لا استهدافه باتهامات باطلة: "فالتفتيش المركزي يعمل على 240 إدارة و1100 بلدية على مساحة لبنان. ولديه سبعة مفتشين فقط، مكلفين إجراء التفتيش على كل الإدارات. من هنا السؤال هل المطلوب منهم إجراء تحقيقات في كافة تلك الإدارات أم أن الإدارات العامة والمدراء العامين عليهم مسؤوليات يجب تحملها، خصوصاً لجهة إجراء تحقيقات بالتجاوزات الواقعة في إداراتهم. وفي حال واجهت ما يفوق قدرتها على إجراء تحقيقات، تلجأ حينها إلى التفتيش.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024