خلاف "أوجيرو".. هل يدير يوسف "ليبان تيليكوم"؟

خضر حسان

الأربعاء 2015/12/30

على وقع تداعيات الأزمة القائمة بين مدير عام هيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف وفريق النائب وليد جنلاط تجددت حفلات الخطابات والإعتصامات الداعمة ليوسف، والتي تنظمها بعض فروع المناطق في الهيئة. وهي حفلات تشبه نظيراتها التي ينظمها الطرف الآخر. واللافت ان موضوع الخلاف يُفتح لأول مرة، علماً ان "أوجيرو" مليئة بالملفات والفضائح، لكن السكوت أو الإفصاح عنها، يخضعان دائماً لقواعد المصالح المشتركة. فمن يلعب اليوم دور الحريص على القطاع العام، تستّر بالأمس عن الكثير من الملفات في "أوجيرو".

لا شك ان في "أوجيرو" الكثير من الملفات العالقة بين الأقطاب السياسية، فالخلافات دائماً ما تُصفّى داخل الإدارات العامة، تماماً كما يتم تمرير الصفقات كتعبير عن "إمتنان" فريق لفريق آخر. العلاقة هذه المرة بين جنبلاط ويوسف أخذت منحى تصفية الحسابات، وأبعد من ذلك، المسألة لا تتوقف عند يوسف فقط، بل تمتد الى الجناح الراعي ليوسف، وهو النائب فؤاد السنيورة. وإذ يظهر في العلن ان الخلاف حول تعيين أحد الموظفين، يتّضح ان الخلاف يضرب في العمق وصولاً الى قطع الطريق على إنشاء إمبراطورية "ليبان تيليكوم" بزعامة يوسف.

تشير مصادر "المدن" الى ان ما يدور بين جنبلاط ويوسف يمكن تفنيده الى أكثر من نقطة، فمن ناحية، يُقال بأن "تيمور جنبلاط طلب من يوسف الحضور إليه، لكن الأخير رفض ذلك"، والرفض في مثل هذه الحالات يعني تمرداً على السلطة، "خاصة وان جبنلاط الأب يحضّر ابنه ليخلفه في المناصب والزعامة. وبالتالي فإن رفض الحضور يأتي في خانة رفض الاعتراف بزعامة تيمور". من ناحية ثانية، "تتصل الأمور بموضوع بعض التلزيمات التي يستفيد منها شقيق أحد الوزراء التابعين لجنبلاط".
أما النقطة الأبرز في الخلاف - بحسب المصادر - فتعود الى "رغبة جنبلاط بقطع الطريق أمام يوسف، لكي لا يحقق حلمه بإدارة شركة "ليبان تيليكوم" التي من المفترض ان تمسك بقطاع الإتصالات بعد إكتمال الخطوات العملية، إنفاذاً للقانون الرقم 431 المقر عام 2002، والقاضي بإنشاء شركة ليبان تيليكوم". وتضيف المصادر ان "ما يحصل اليوم في مناقصات الخلوي، يمهد الطريق امام وزارة الاتصالات الى استلام القطاع، بعد إتمام الخطوات القانونية والسياسية المطلوبة. لكن في جميع الأحوال، فإن عبد المنعم يوسف ينتظر لأن يكون هو المدير العام للشركة الجديدة، مهما طالت فترة تنفيذ المشروع. وجنبلاط يفتح ملفات الفساد في أوجيرو، للتصويب على يوسف، واستباقاً لحل ازمة الخلوي لصالح يوسف وليبان تيليكوم".

في المقابل، يبدو ان الفريق السياسي الذي يتبع له يوسف، قد بدأ يستجيب سياسياً لحملة جنبلاط، فبعد ان اقتصر الرد على جنبلاط بتحريك بعض الموظفين تأييداً ليوسف، إنتقل الرد الى مستوى أعلى، من خلال الرد المباشر من نواب وسياسيين في "تيار المستقبل". واتجه الخيار الى إدخال "الهيئات الأهلية في الشمال" في اللعبة، فضلاً عن بعض رجال الدين مثل "إمام مسجد السلام الشيخ بلال بارودي" الذي رأى بأن "من يريد إفشال هذا القطاع يريد إفشال هذا البلد والذي ينال من الوزير ومن المدير إنما ينال من هذا القطاع بكليته"، ما يعني ان "المستقبل"، وتحديداً الفريق الداعم ليوسف، بدأ بإعطاء طابع شعبي جامع لحملة الدفاع عن يوسف، في محاولة للتخفيف من حدّة الطابع السياسي للخلاف. لكن المدافعين عن سياسة يوسف والخدمات التي تقدمها "اوجيرو"، يتناسون ان خدمات الاتصال في لبنان هي من أسوء الخدمات في العالم، الى جانب ارتفاع الكلفة، كما ان هذه السياسة "توقف العمل في شبكة الألياف الضوئية الجديدة، الجاهزة للعمل، والتي تساهم في تفعيل قطاع الاتصالات وفي تطوير قطاع الانترنت".

وذلك لا يعني ان فريق جنبلاط يملك الحقيقة كاملة، لأن هذا الفريق سكت عن ملفات "اوجيرو" في مجلس الوزراء، لاسيما حين فتح الوزير السابق شربل نحاس، ملف الفساد في "اوجيرو" ودور يوسف فيها، حينها "حمى" فريق جنبلاط يوسف، وتغاضى عن الملفات. ونظراً لمتانة المصالح المشتركة بين الفريقين، يستبعد نحاس - في حديث لـ "المدن" - ان يكون الخلاف بين الطرفين على خلفية تعيين موظف هنا او هناك. ويشير الى ان يوسف "شغّيل". ويعمل ما بوسعه "للحفاظ على حصنه في أوجيرو". لذلك يقوم بإنشاء علاقات قوية مع الموظفين، حتى من موظفي فريق 8 آذار. ويرى نحاس ان يوسف "يطمح للوصول الى إدارة ليبان تيليكوم ولن يتخلى عن هذا الطموح".

وسط تجاذبات هذا الملف، تحتفظ وزارة الاتصالات بحق الصمت وانتظار ما ستؤول إليه الأمور مع الوقت. وإذا كان الوزير بطرس حرب قد شكر المتضامنين معه، إلا انه فضّل عدم الذهاب بعيداً في تكريس نفسه كطرف في الملف، فطلب "إزالة جميع اللافتات التي تحمل صوره وعبارات التضامن"، مؤكداً على إنتظار حكم القضاء. وهذا ما لفت النظر إليه، مستشاره يوسف حويك، في حديث لـ "المدن". لكن مصادر "المدن" تؤكد ان "حرب لا يطيق يوسف، لكنه يراعي تيار المستقبل من خلال هدوئه وترك الامور للقضاء".

أما القضاء، فحدّث ولا حرج، فالتفتيش المركزي لطالما اطّلع على ملفات الفساد في "أوجيرو" تحديداً، لكن العبرة في التنفيذ لا الإطّلاع، والى حين تبيان الحقيقة، يبقى التفتيش المركزي والقضاء عموماً، أمام الأضواء، فإما ان يحاسِبوا المقصّرين، أو ان يُحاسَبوا على التقصير.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024