خضر حسان
قرار وقف التعامل مع هذا النوع من الطائرات "لا يعني تعليق العمل مع الخطوط الجوية الإثيوبية، أو مع الأنواع الأخرى التي تصنعها شركة بوينغ"، وفق ما تقوله مصادر في إدارة مطار بيروت، والتي تشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن "قرار إدارة مطار بيروت يتعلق حصراً بهذه النسخة من الطائرات، والتي تندرج تحت عائلة بوينغ 737. والقرار لا يعني وجود علامات استفهام حول كل نسخ بوينغ 737، والتي تضم "ماكس 7، 8، 9"، لذلك لا داعي للقلق، خصوصاً وان هذه النسخة من الطائرات نادراً ما تأتي إلى لبنان".
وتنفي المصادر الربط بين انتماء الطائرة المنكوبة إلى الأسطول الإثيوبي، وبين التشكيك بآمان طائرات الخطوط الجوية الإثيوبية عموماً. فالخطوط الإثيوبية "تعتبر من الخطوط الآمنة، وهي تسيّر رحلات إلى كل الدول الأفريقية. وتسيّر ما لا يقلّ عن 10 رحلات أسبوعية من لبنان، تُجريها نحو 7 طائرات". وتُطمئن المصادر إلى انه "لم تحصل أي مراجعات من قِبَل المسافرين اللبنانيين في ما يخص سلامة الطيران الإثيوبي". وتوضح أن قرار إدارة المطار "سيستمر إلى حين صدور نتائج تحقيقات منظمة الطيران العالمي".
منافسة أميركية - أوروبية
لم تُعرَف بعد أسباب تحطّم الطائرة التي ذهب ضحيتها 157 شخصاً. وهذا ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى عدم إصدار قرار عام ضد نسخة بوينغ 737 ماكس، حتى الآن، بل ترك المجال للقرارات المنفردة، حسب ما تراه كل دولة. ومع أن جملة من الدولة الأوروبية حسمت خيارها السلبي تجاه تلك النسخة من الطائرات، وجدت الهيئة الفيدرالية الأميركية للطيران أن "لا مشكلات جوهرية في الأداء، ولم تظهر أي أسس لإصدار أمر بوقف تشغيل الطائرة، ولم تقدم لنا أي هيئة طيران مدني بيانات تبرر هذا التحرك"، وأعلنت استعدادها "لاتخاذ الإجراء المناسب"، في حال إظهار نتائج التحقيقات "أي مشكلة تؤثر على استمرار شهادة صلاحية الطائرة".
سلامة الركاب أولاً
ويتناقض موقف الهيئة الفيدرالية مع مطالبة نقابة المضيفين الجويين الأميركيين بوقف تشغيل هذه النسخة من الطائرات، نظراً إلى أن الحادث الأثيوبي هو الثاني من نوعه على متنها، حيث شهدت إندونيسيا تحطم طائرة مماثلة، قبالة بحر جاوا، في تشرين الثاني 2018، بعد 12 دقيقة على إقلاعها، وأدى الحادث إلى مقتل 189 شخصاً.
ينبع التناقض من تباين الأهداف، ففي حين تنظر النقابة إلى سلامة الركاب والمسافرين، وإلى "ثقة الرأي العام في نظام الطيران الأميركي باعتباره الأكثر أمناً"، تراعي الهيئة الفيدرالية الجانب الاقتصادي من الملف، لأن إصدار قرار سلبي، حتى وإن كان تجاه نسخة محددة من الطائرات، قد يؤثر سلباً على النظرة الدولية لطراز بوينغ عموماً. فشركة بوينغ أميركية، ولا ينافسها في العالم سوى شركة إيرباص الأوروبية، ليس فقط في مجال الطائرات المدنية، وإنما في مجال الطائرات العسكرية أيضاً. وعليه، ليس من السهل على الجهات الرسمية الأميركية إصدار حكم سلبي بحق شركة أميركية، ذات مستوى عالٍ من الإنتاجية، قبل صدور نتائج التحقيقات، والتدقيق فيها.
لكن الضغوطات الداخلية، وتصاعد موجات منع تلك الطائرات من التحليق والهبوط في مطارات عالمية، أحرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ودفعه متأخراً الى إعلان "منع كل رحلات طائرات 737 ماكس 8 و737 ماكس 9"، تحت مبرر "إيلاء سلامة الأميركيين وكل الركاب أولوية مطلقة".
لكن إدخال الأميركيين عنصر المنافسة وسمعة صناعاتهم في حسابات قراراتهم، يطرح تساؤلات حول إمكانية التستّر عن الألغاز التقنية لسقوط الطائرة في إثيوبيا. فتكرار الحوادث المرتبطة بهذا النوع من الطائرات يؤشّر إلى وجود خلل ما، يُفترض بالإدارة الأميركية إيضاحه للرأيين العامين الأميركي والعالمي. ويُذكَر أن الهيئة الفيدرالية وشركة بوينغ تقومان حالياً بجمع الأدلة، لدراستها وتحديد الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة الإثيوبية.