"أوبر لبنان" وغيرة شركات التاكسي.. ونحن المستفيدين!

حسن يحيى

الأحد 2019/01/13
بنقرة زر واحدة، يستطيع المستخدم أن يحصل على سيارة أجرة في بيروت، متسلحاً بصورة للسائق ورقم سيارته، بالإضافة إلى التقييم الذي حصل عليه من مستخدمين، استعملوا الخدمة ذاتها، وتعاملوا مع السائق نفسه. هذه العملية، تختصر الخدمات التي تقدمها شركة "أوبر" في السوق اللبنانية، وتحديداً في بيروت، حيث يتركز عملها. 

وما من شك أن "أوبر" استطاعت تغيير معالم وسائل النقل بكافة أفرعه إلى الأبد، وأثبتت نفسها بوصفها شركة قادرة على المنافسة، على الرغم من تعقيدات السوق اللبنانية.
ولكن دخول "أوبر" وأخواتها إلى السوق اللبنانية، لم يكن من دون ثمن، إذ أدى إلى تأزّم السوق، التي تفتقر إلى الحد الأدنى من التنظيم والرعاية الحكومية، كحال معظم القطاعات في لبنان.

مكاسب بعض السائقين
لا يمكن في حال كهذه، إلا الوقوف في صف السائقين العموميين، بغض النظر عن المبادئ الإقتصادية الأساسية التي تشجع المنافسة، ودخول الشركات الكبرى، خصوصاً أن هؤلاء هم الحلقة الأضعف في صراع الشركات. 

ولا يمكن في المقلب الآخر، تحميل "أوبر" مسؤولية الأزمات التي عصفت بالقطاع، ولا زالت. بل حتى أن دخولها السوق اللبنانية، ساعد بنحو أو بآخر على تحسين وضعية بعض السائقين ودعمهم بمزيد من المال لتعزيز قدرتهم على الاستمرار. إذ تعرض "أوبر" على موقعها الالكتروني إعلانات مغرية للسائق العمومي، فتشير إلى أنها قادرة على تأمين نحو 350 دولاراً للسائق، من خلال قيامه بعدد من الرحلات، بالإضافة إلى "مرونة العمل" عبر الإتاحة للسائق العمل في الأوقات التي تناسبه، من دون وجود مسؤول يحاسبه على دوامه أو عدد الساعات التي يقضيها على الطرقات.
والحق أن هذه الخدمات تصب في مصلحة السائقين بشكل مباشر، خصوصاً أنها تمكنهم من استغلال وقتهم، للحصول على مزيد من المال، لدعم ظروفهم المعيشية الصعبة، المتأتية عن أزمات القطاع.
ولا يتطلب العمل مع "أوبر" الكثير من المعرفة أو الأوراق، إذ يجب على السائق القيام بثلاث خطوات رئيسية فقط، ليصبح سائقاً لدى الشركة. وأول هذه الخطوات هي تسجيل الدخول وإنشاء حساب، ليحمّل بعدها الأوراق المطلوبة، وهي رخصة قيادة عمومية، سجل عدلي، وهوية لبنانية، إذا كان السائق يملك سيارة، أو وكالة قيادة إذا كانت السيارة مؤجرة.
والمرحلة الثالثة تتطلب وجود سيارة. ومن الشروط الموضوعة من قبل الشركة أن يكون عمر السيارة أقل من 10 سنوات، وبحالة جيدة من الداخل والخارج، بالإضافة إلى وجود اللوحة العمومية، ورخصة "تاكسي"، والتأمين الإلزامي، فضلاً عن وكالة قيادة إذا كانت السيارة مؤجرة.

تقليد أوبر
أدى دخول الشركة إلى لبنان لنشوء ظواهر عديدة في القطاع. إذ نشأت مبادرات فردية عدة، تعتمد على مبادئ مشابهة لعمل "أوبر"، مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم عملها. 

ويعمد بعض أصحاب "التاكسي" في لبنان إلى توحيد قواهم، وإضافة خدمات جديدة لجذب الزبائن، على غرار ما قام به محمود مكي. وهو أحد أصحاب سيارات التاكسي في لبنان. إذ أنشأ مجموعة على تطبيق "واتساب"، تضم بعض السائقين الذين يعرفهم، ليقوم أعضاء هذه المجموعة بتوزيع طلبات النقل، التي لا يستطيعون القيام بها على أعضاء المجموعة، وهو ما يعزز عمل السائقين المنضمين للمبادرة، ويسرع خدمة النقل للزبائن، مع إضافة بعض الخدمات الأخرى، مثل تقديم المياه وخدمات الإنترنت مجاناً للزبائن.

أوبر وشركات التاكسي
وضع أوبر القانوني في لبنان يثير الكثير من التساؤلات، فحسب السجل التجاري للشركة المسجلة تحت اسم "أوبر ليبانون ش.م.م"، فإن نشاط الشركة يتمحور حول "القيام بجميع العمليات التجارية المتعلقة بتقديم الدعم لشركات أخرى، موضوعها بيع خدمات وساطة بغية تأمين، من خلال أشخاص مرخص لهم أصولاً بذلك، سيارات مع سائق للزبائن، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر سيارات الأجرة وسيارات المناسبات المرخصة أصولاً، على الطلب عبر الأجهزة الخليوية وشبكة الانترنت".

وفي مجال المقارنة، فإن شركات "التاكسي" المرخصة في لبنان "تتعاطى جميع أنواع سيارات التاكسي أو سيارات الأجرة على كافة الاراضي اللبنانية، وكل ما يتفرع عن هذا النشاط التجاري كائناً ما كان".
ومن خلال هذه المقارنة، يمكن الاستنتاج بأن "أوبر" لا تندرج ضمن نشاطات شركات "التاكسي" وبالتالي، فهي لا تخضع للقوانين ذاتها التي تخضع لها شركات "التاكسي".
واللافت أيضاً في فرع أوبر اللبناني، عدم وجود أي شريك لبناني فيها، إذ يقتصر التواجد اللبناني على شخصين فقط، هما أنطوني غي الخوري، وهو المدير والمفوض بالتوقيع، وشكري روبير الخوري، وهو محامي الشركة في لبنان، ولا يملكان أي حصص أو أسهم في الشركة.
وفي هذا السياق، يشير نقيب أصحاب شركات التاكسي في لبنان شارل أبو حرب في حديث إلى "المدن" إلى أن القانون اللبناني واضح في التعاطي مع شركات التاكسي، إذ يشترط لتأسيسها أن تكون 51 في المئة من الأسهم بحوزة لبنانيين، وهو ما لا ينطبق على "أوبر".

ويؤكد أن الشركة لا تملك الترخيص اللازم للعمل في لبنان. إذ ينص القانون اللبناني أن على مقدمي خدمات النقل ومن ضمنها مكاتب التاكسي، "امتلاك عشر لوحات عمومية على الأقل مع مواقف لعشر سيارات، بالإضافة إلى تأمين مكتب بمساحة لا تقل عن 35 متراً، وإذن مزاولة مهنة لكل سائق يتم توظيفه، ناهيك عن إجراءات الضمان والتأمين، وغيرها من المعاملات المطلوبة لكل سائق".
ونتيجة لعدم امتلاك "أوبر" لهذه الشروط، تقدمت النقابة بدعوى جزائية في 2015. واللافت أنها ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، إذ يشير أبو حرب إلى وجود جلسة قضائية في 12 من الشهر الجاري.

خطوات إضافية للمنافسة
ونظراً إلى أن "أوبر" استطاعت خض سوق النقل في العالم بأسره، فإن خطوات تعزيز المنافسة لا تقتصر فقط على لبنان. ويشير أبو حرب إلى قرب إطلاق تطبيق، يضم كل شركات التاكسي الرسمية في العالم، المنضوية تحت اتحاد شركات التاكسي العالمي، يُمكن المستهلك من استعمال خدمات النقل الرسمية والمرخصة، في أي مكان في العالم، ما يوفر خدمة مميزة وموثوقة للنقل.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024